قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير خلال خطبة الجمعة ليوم امس في مسجد براثا المقدس ببغداد والتي نقلت بشكل مباشر عبر قناة الفرات الفضائية: ان ما جرى في مكة لم يكن حدثاً سهلاً أو عابراً، فمكة التي سبق لبعض ممن ارتدوا لباس العلم فيها ان تحدثوا بكفر الشيعة وافتوا بقتل الشيعة , مكة وطبيعة الوضع السياسي الذي تمثله سبق لدعوات التكفير ولحركات التكفير ان انطلقت منها في اتجاه واحد, لكن حينما ورد وارد شيعة اهل البيت إليها بدات مكة تتحدث بطريقة مختلفة، فمكة التي كفرتنا عادت لتكفر من كفرنا وتخرجه من الملة، وهذه هي نتيجة الصبر.. الصبر الذي حوسبنا عليه كثيرا في شارعنا , اتُهمنا بالجبن! واتُهمنا بالخيانة! واتُهمنا بالمهادنة، ولكن آن للحصاد ان يحصد ليبان طبيعة الثمرة التي عرفناها منذ البداية.
وقال سماحته: ما حصل في مكة لا يؤرخ لهذه اللحظة فقط ولا يمس العراق فقط، وانما يمس كل شيعة العالم وعلى مر التاريخ, ولا بد لمن حكم علينا بالكفر والقتل من ان يُحاسب بناءا على وثيقة مكة وتساءل سماحته وقال: على أي أساس حُكم علينا بالكفر والقتل ؟ وعلى أي أساس سللت سيف البغي والحقد والقتل علينا ؟ هذه اسئلة لن تكون اسئلة سهلة بالنسبة لمن ارتكب جريمة تكفير الشيعة اولا ومن ثم اطلق حربة التكفير على كل مسلمي العالم .
واضاف سماحته ان بعض العلماء التكفيريين ولما لم يزالوا بعد في العربية السعودية هو الذي حرض ليس على الشيعة فقط، وانما على قتل حتى كثير من اخواننا السنة بتعابير مختلفة وان الاوان لكي يحاسب مثل هؤلاء، فهؤلاء حكموا على الصوفية بالكفر وعلى كل من يحمل فكر الاخوان المسلمين وعلى كل المعتزلة والأشاعرة، بل إني قرأت بالامس وثيقة لابن لادن يتحدث فيها عن ان بعضاً من هؤلاء قد سبق له أن كفّر مثل الشيخ ابن باز، وهو أحد الذين علمهم السحر!!.
وقد أثبت مؤتمر مكة إن الحرب الجارية لا علاقة لها بالدين لأن مؤتمر مكة سلب الشرعية عن قتلة الشيعة والسنة، وأملنا كبير في ان يهتدي الشباب المغرر بهم إلى طبيعة الذي يراد لهم وبهم، فهؤلاء علماء الشيعة والسنة قالوها مدوية بأن لا شرعية لهذه الأعمال وقد آن للجميع أن يتساءلوا: لمصلحة من عملية القتل هذه، وأنا أدعوا الجميع أن يفكروا بعد تقوى الله في طبيعة الرابح من هذه المعركة ومن هو الخاسر رغم ان من المتيقن أن الخاسر الوحيد هو الاسلام والشعب العراقي بكل اطيافه، وهذا الخسران للأسف نسجله بأيدينا.
وقال سماحته: إن المعركة سياسية وكنا نقول ذلك من قبل، وإن دعوى طائفية هذه المعركة ما هي إلا أكذوبة من أكاذيب بعض الأطراف التي لم تجد سبيلاً تحتمي به غير إثارة النزعة الطائفية، وقد أثبتت الأحاديث كذب هؤلاء، انظروا إليهم كم ملؤوا الدنيا زعيقاً وضجيجاً بدعوى الفيدرالية التي تريد أن تقسم العراق، لماذا لم يتكلموا ولو بحرف واحد عن طبيعة إعلان مسخرة إمارة عراق طالبان وهذه تعلن بشكل واضح انفصالها وتحدد حدودا وقامت ببعض الاستعراضات التي تعرب عن سعيها باتجاه الانفصال، وانظروا إليهم كم ملؤوا الدنيا ضجيجاً حين داهمت القوى الأمنية معاقل الارهابيين في ديالى ولكنهم سكتوا سكوت القبور حين غدر الارهابيون بقوات الشرطة في المرادية في ديالى!!
وأضاف: من هنا أشير إلى أن هذه المعركة حينما تكون سياسية لابد وان تعالج سياسيا ولكن من دون سلب إرادة الدولة على الجدية في حرب الارهاب، وقد كان أكثر القرارت سوءا لدى الأمريكان هو حينما فتحوا باب الحوار السياسي وخفّضوا من نسبة تعاطيهم مع ملف الارهاب، مما سمح للإرهاب ان يتغلغل في داخل بنية الدولة، وإلا لماذا شهدنا في عام 2005 انخفاضاً كبيراً في أرقام الارهاب، في الوقت الذي شهدنا فيه ارتفاعا مريعاً في هذه النسبة مع ما يفترض ان يكون أداء القوى الأمنية أكثر خبرة وكفاءة مما سبق، ومع ما يفترض أن يكون اداء الارهاب اصعب مما كان، والحقيقة الكامنة هنا هي إن الآمريكان عادوا واستلموا الملف الأمني فانفتحت ابواب الارهاب على مصراعيها، طبعا نحن مع فتح بوابة الحوار السياسي، ونعتقد بضرورته ووجوب المضي فيه، ولكن من الخطأ المريع أن نفتح بوابته مع اغلاق او تضييق همة الحرب ضد الارهاب لأن ذلك سيساعد في تشجيع الارهاب وتقوية شوكته وهذا ما حصل بالفعل.
ولهذا فإن الحديث الآن وهو ما يجري على نطاق واسع بان ثمة حركة في الكواليس من أجل التمهيد للإنقلاب أو ما إلى ذلك، رغم عدم عقيدتنا في إمكان ذلك فالأوضاع تغيرت، والمجنون أي مجنون لو فكّر في الانقلاب فعليه أن يحسب طبيعة إرداة الشعب العراقي ومرجعيته وقواه السياسية التي ما عادت لتسمح بمثل هذه الحركات كما في السابق لأن المعطيات تغيرت، ولأن الشعب أحسّ ولأول مرة بأنه هو القادر على تنصيب الحكم الذي يريد وبيده لا بيد غيره تجري مثل هذه الأمور، ولكن أي حديث باتجاه التغيير يجب ان يقترن بتغيير السياسات وليس الوجوه، فالوجوه تتغير بشكل طبيعي ولكن المشكلة في بقاء السياسات الخاطئة، ونقطة البداية يجب ان تمر من خلال تفعيل إرادة القوى الأمنية وتسليمها للحكومة العراقية وافساح المجال الحقيقي باتجاه تنمية قدرات هذه القوى ومضاعفة فاعلية حركتها، وكذا من خلال تفعيل إرادة المشاركة السياسية فالذين شاركوا معنا يجب ان لا يفركوا في الحقوق من دون أن يأخذوا بنظر الاعتبار الواجبات المترتبة عليهم.
وكالة انباء براثا ( واب )
https://telegram.me/buratha