وتعتبر محطة الطاقة الحرارية في اليوسفية، الواقعة في معقل سني يعزله النهر وطرق مزروعة بالقنابل وقناة طويلة، واحدا من الأمثلة على المواقع التي تثير قلقا جديا لدى القادة العسكريين الأميركيين. فهي ملاذ للمتمردين على بعد اميال قليلة خارج بغداد، ينطلق منها المتمردون لشن هجمات وتفجيرات ارهابية في المنطقة المحيطة.
واظهرت صور المراقبة الأضواء آتية من الطوابق العليا للمحطة، ويعتقد المسؤولون انها كانت محطة مهمة بالنسبة لحركة الأسلحة والمتفجرات والرجال. وكانت وحدات عسكرية اميركية سابقة قد هاجمت الموقع، ولكن بأعداد قليلة من الجنود القادرين على القتال، وابعدت أخيرا عبر هجمات مضادة مستمرة. وبينما كانت عربات الهمفي تتحرك صباح أول من أمس وبدأ الجنود باقتحام المبنى الرئيسي كان الميجور كيني مينتز يشاهد عرضا حيا للغارة بالفيديو. قال مينتز، ضابط العمليات في اللواء القتالي الثاني التابع للفرقة العاشرة، الذي يقوم بعملية خاصة لاحتلال منطقة تعرف باسم مثلث الشاكرية، ان «الوصول الى هناك ليس الجزء الأصعب، وانما البقاء هناك هو الأصعب. فالمتمردون يذهبون الى المكان الذي لا تكون موجودا فيه. ومشروع الطاقة مهم لأنه سيوفر لنا مكانا نستطيع ان نعمل منه في منطقة مشاكل. انه لم يمس ويتعين ان نكون هناك».
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على الحرب في العراق، يؤكد وجود ملاذات آمنة للمتمردين. وبينما تسعى القوات الأميركية لدعم مؤسسات الحكومة العراقية ونقل مناطق كبيرة من الأراضي الى القوات العراقية ومعالجة النزاع الطائفي المتصاعد، فانها ما تزال تواجه مناطق خارجة عن القانون مثل هذه المنطقة.
ونقاط المثلث الثلاث، هي صدر اليوسفية على الفرات الى الشمال الغربي، وجسر جرف الصخر على الفرات الى الجنوب، واليوسفية الى الشرق. والمنطقة هي خط فاصل بين سكان العراق العرب من السنة والشيعة ومشهد للعنف الطائفي المتفاقم. وبينما تواصل القوات الاميركية حملتها بالسيطرة على المثلث فانها اكتشفت، في الأيام الأخيرة، أكثر من 100 مستودع للأسلحة مخبأة في علب بلاستيكية بسعة 55 غالون للواحدة في البردي الطويل على امتداد قناة الجنابي، ويعتقد المسؤولون انها استخدمت في هجمات وتفجيرات مهلكة في بغداد ومحيطها. والمواد، التي اشتملت على عدد من قنابل الطائرات من زنة 500 رطل، يقدر انها تكفي لصنع ما يزيد على ألف من القنابل التي تزرع على الطرق الجانبية وتجهيز كتيبة مقاتلين تضم ما يقرب من 400 شخص. كما عثر في المستودعات على بنادق من هليكوبترات اميركية جرى اسقاطها.
وتتمتع حماية محطة الطاقة بأهمية رمزية خاصة بالنسبة للجيش الأميركي، لأن جثتي جنديين القي القبض عليهما وقتلا في نقطة تفتيش قريبة جرى التخلص منهما عند الجسر الذي يؤدي الى المجمع. وتبلغ مساحة هذا المثلث 600 ميل مربع، وهو مزيج من أراض زراعية في منطقة سكنية الى الشمال والغرب، ومناطق سكنية الى الجنوب والشرق. واذ توسع الميليشيات الشيعية نفوذها في المنطقة، فانها تواصل السعي الى الانتقال الى مدن مثل المحمودية واللطيفية في اطار تصعيد العنف الطائفي. ويحقق لواء الجيش العراقي الموجود في المنطقة نجاحات مختلفة. فهناك كتيبتان قويتان وكفوءتان تعملان في الشرق مع القوات الأميركية، بينما الكتيبتان العراقيتان الأخريان تواجهان مصاعب في عملهما.
وبمعنى ما فان المنطقة تمثل العراق ككل، حيث المناطق الواعدة التي تقع الواحدة قرب الأخرى، حيث التقدم غير معروف الى حد كبير. وقال الكولونيل مايكل كيرشاو، قائد الكتيبة الأميركية «انه وضع معقد. لدينا واقعان مختلفان، وعلينا أن نعتمد على ما حققناه في المحمودية وننتقل الى الغرب، بينما نحن، بمعنى ما، في بدايتنا. الأمر سيتطلب وقتا».
خدمة «واشنطن بوست»
https://telegram.me/buratha