سوريا - لبنان - فلسطين

في ظلال طوفان الأقصى "18" الممر الإلزامي لحرية الأسرى الإسرائيليين


 د. مصطفى يوسف اللداوي ||

 

يكذب رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يدعي أنه حريصٌ على حياة جنوده وضباطه الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأنه وضع استنقاذهم من الأسر، واستعادتهم من غزة، وعودتهم إلى أهلهم، أحد أهم أهداف عدوانه على قطاع غزة، إلى جانب أهدافٍ أخرى يستحيل تحقيقها تماماً كما الأول.

ويكذب أكثر عندما يوهم ذويهم أنه اقترب من تحريرهم، وأنه استطاع مع الأمريكيين تحديد مكانهم، وأنه بات يعرف كيفية الوصول إليهم، وأن تحريرهم مسألة وقتٍ ليس إلا، فالعمل الاستخباري مع الولايات المتحدة الأمريكية المعنية بالأسرى أيضاً، سيفضي إلى تحديد مكانهم وتحريرهم، لكن عليهم أن يثقوا به ويصدقوا وعوده، وأن يساعدوه بمزيدٍ من الصبر وعدم الهلع لتحقيق هدفه.

لكن الحقيقة التي يعلمها الإسرائيليون وذوو الأسرى أنه يكذب عليهم ويداريهم، ويشتري صمتهم ويتوسل صبرهم، ويخدعهم ويخفي الحقائق عنهم، ولا يعترف بعددهم ولا يقر بمقتل بعضهم، ولا يثق بقدرته على استعادتهم.

ويعلمون يقيناً وهو الخاسر في الحرب وبعدها، أنه يتعمد قتلهم والقضاء عليهم خلال عمليات القصف المدمر الذي يطال كل أنحاء قطاع غزة، ولا يسلم منها الأسرى ولا آسروهم، وذلك للتخلص من الضريبة التي سيدفعها، ومن الأثمان المكلفة التي سيؤديها. 

ولعله يعلم من التجارب السابقة أن المقاومة الفلسطينية ستذله وستلوي عنقه، وسترغمه بالقوة على الخضوع لها والقبول بشروطها، والتنازل عن كل خطوطه الحمراء التي يدعي وجودها، وعدم قدرته على تجاوزها، إلا أنه أمام إصرار المقاومة وتمسكها بشروطها القاضية بتحرير كل أسراها من سجونه، التي كانت أحد أهم أسباب عملية "طوفان الأقصى"، سيجد نفسه مذعناً لها، وخاضعاً لشروطها، ومستعداً للوفاء بها، إذ لا سبيله أمامه غير ذلك، وإلا فإن فإن خسارته محققة، وفاجعة مقتلهم التي ستنزل على أهلهم مؤكدة.

يراهن نتنياهو يائساً على إنهاك المقاومة وضعفها، وإعلان استسلامها والقبول بهزيمتها، والخضوع لشروطه وتسليم من لديها من الأسرى، في الوقت الذي يراهن فيه على العمليات الاستخبارية العالية، والجهود الأمنية الكبيرة، التي يقوم بها بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، التي استقدمت خيرة خبرائها، وأفضل أجهزتها، وآخر ابتكاراتها، وأكثر آلياتها التجسسية المتطورة، للوصول إلى مكان الأسرى وتحريرهم.

لكنه يعلم أن المقاومة التي أفشلت كل هذه المحاولات، لن تتخلى عن ورقة الأسرى الذين لديها، ولن تفرط فيهم أبداً، ولن تسمح له باستعادتهم أقله أحياءً، مهما كلفهم هذا القرار من ثمنٍ، الذي دفعوه مسبقاً، وأدَّوه صابرين من أرواحهم ودماء شعبهم وحياة أبنائهم، تنفيذاً للوعد الذي قطعوه على أنفسهم بتحرير كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب من جميع السجون الإسرائيلية.

ويعلم أيضاً أن للمقاومة الفلسطينية خبرة طويلة وتجربة سابقة في إخفاء الأسرى والاحتفاظ بهم بعيداً عن الأعين والأنظار، ولعل "فرقة الظل" الفلسطينية ما زالت تعييهم وتحيرهم، وهي ما زالت تتحداهم وتراهن على قدراتها التي لم تتراجع رغم القصف المدمر الذي طال كل مكان، وزلزل الأرض تحت أقدام الفلسطينيين عموماً، الذين لا يقلون إصراراً وعناداً في موقفهم من موضوع الأسرى الإسرائيليين من قيادة المقاومة، فالشعب الفلسطيني الذي قدم وضحى بآلاف الشهداء، لن يقبل ولن يسمح بالتفريط بأسرى العدو دون ثمنٍ قد حددوه مسبقاً، وأعلنوا عنه مراراً، وسمعه منهم العدو كثيراً.

ليعلم المستوطنون الإسرائيليون وذوو الأسرى من جنود وضباط فرقة غزة، ومعهم حكومة الحرب وكبيرهم الكذاب نتنياهو، أن ثمن حرية أسراهم، القتلة المجرمين، هو تبييض سجونهم، وفتح زنازينهم، وإخراج كل الأسرى والمعتقلين منها، دون قيدٍ أو شرطٍ، وبلا أسماء أو قيود، ودون تحديدٍ لأعدادهم أو انتماءاتهم، ودون إبعادٍ لبعضهم أو تحفظٍ عليهم. 

فكل الأسرى الفلسطينيين، جنرالات الصبر الكبار، وأصحاب الأحكام العالية، والنساء والأطفال والمرضى، على موعدٍ مع الحرية، وقد انبلج فجرهم ولاح نور صباحهم، وصدقت المقاومة على أوامر تحريرهم جميعاً بلا استثناء، وليس أمام نتنياهو وأركان حربه إلا أن يطأطأوا الرأس ويخفتوا الصوت ويتوقفوا عن الجعجعة والبعبعة والتهديد والوعيد، ويقبلوا بشروط الوفاء الجديدة، شروط معركة الطوفان المجيدة، ذاك هو الممر الإلزامي الوحيد، فليسلكوه فهو الآمن، وليعبروا منه فهو الضامن.

 

بيروت في 7/11/2023

moustafa.leddawi@gmail.co

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (سوريا - لبنان - فلسطين)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك