سوريا - لبنان - فلسطين

في ظلال طوفان الأقصى "7" تهديد المستشفيات وتحذير طواقمها إعدامٌ للجرحى وقتلٌ للعامة


د. مصطفى يوسف اللداوي ||

 

لا ينفك جيش الاحتلال الإسرائيلي يوجه رسائل تحذيرية مباشرة إلى إدارة مستشفيات قطاع غزة وطواقمها الطبية العاملة بضرورة الخروج منها وإخلائها، ويحدد في رسائل هاتفية أو أوامر عسكرية على لسان الناطقين باسمه، مهلاً زمنيةً لكل مستشفى لإخلائه قبل قصفه وتدميره، علماً أنه يعلم أنها مكتظة بالجرحى، وأن أقسامها وغرفها وأسرتها لا تكفي لأعداد المصابين، الذين باتوا يطرحون أرضاً وفي الممرات، في ظل العجز الشديد في الأدوية والمعدات الطبية ومستلزمات العمليات الجراحية، والتهديد الفعلي بتوقف كافة الأجهزة الطبية عن العمل في حال نفاذ الوقود وتوقف المولدات الكهربائية الخاصة بالمستشفيات.

يعلم العدو الإسرائيلي أنه لا مكان لجرحى غاراته الوحشية على سكان قطاع غزة إلا المستشفيات والمراكز الصحية البسيطة، ويعلم أن عدد الجرحى تجاوز مع الساعات الأولى لليوم الحادي عشر لعدوانه على غزة العشرة آلاف جريح، جراح المئات منهم خطيرة، وإصابات بعضهم ميئوسٌ منها، وقد أصبح الأطباء والعاملون في المستشفيات يفاضلون بين الجرحى، أيهم يمكن إنقاذه فيعجلون بعلاجه، وأيهم ميئوسٌ منه لا تجدي قدراتهم المحدودة في استنقاذه فيخفون إلى غيره أملاً في نجاته.

إلا أن إدارة المستشفيات عامةً، أطباء وممرضين وإداريين وعاملين، لم يصغوا إلى التهديدات الإسرائيلية، ولم يعيروها اهتماماً، وأعلنوا رفضهم التهديدات العسكرية الإسرائيلية، وأصروا على البقاء في المستشفيات أياً كانت الأخطار المحدقة بهم، وأكدوا أنهم باقون وصامدون، فهم جزءٌ من هذا الشعب، يسعهم ما وسعه ويصيبهم ما أصابه. 

ويعلمون أن القتل الذي يستهدفهم ويهددهم به العدو، قد يطالهم في أماكن عملهم أو خارجها، فجيشه لم يبق على مكانٍ دون قصفٍ، ولم يستثن منطقةً من غاراته الوحشية العمياء، ولعل الكثير من العاملين في المستشفيات فوجئوا بأبنائهم أو بعض أفراد أسرهم شهداء بين أيديهم، أو جرحى على أسرتههم يحاولون إسعافهم، إلا أن هذا لم يفت في عضدهم، ولم يوهن عزائمهم، ولم يجعلهم يغيرون رأيهم ويتخلون عن واجبهم، أو يمتنعون عن أداء الخدمة لشعبهم خوفاً من غارات عدوهم، الذي قد لا يتردد في قصف مستشفياتهم في أي وقتٍ، إذ أنه لا يحترم قانوناً ولا يراعي عرفاً، ولا يلتزم قواعد الحرب أو القوانين الإنسانية.

 

لا يعني أبداً أن العدو الذي أصدر تحذيراته إلى المستشفيات أنه لم يقصفها، ولم يستهدف المؤسسات والهيئات الصحية العاملة في قطاع غزة، فقد وثقت الهيئات الطبية استهدافه العنيف والمتكرر لعشرات المراكز الصحية الصغيرة وتدميرها بما فيها من تجهيزاتٍ طبيةٍ ومعداتٍ، وسجلت عدسات المصورين قصفه لسيارات الإسعاف والأطقم الطبية المصاحبة لها، وقتله من فيها من الطواقم الطبية والجرحى، وهكذا بات عدد شهداء المؤسسات الطبية الآخذ في الازدياد مستمر، بما يهدد فعلياً قدرة ما بقي من المستشفيات على العمل، وتقديم الإسعافات الضرورية للجرحى في أماكن القصف أو مراكز العلاج.

 

واضحٌ أن العدو الإسرائيلي يريد تركيع الشعب الفلسطيني وإجبار المقاومة على الخضوع والتسليم تحت ضغط استهداف المدنيين، وارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى التدمير الشامل لكل الأبنية السكنية والعمرانية والصناعية، والمدارس والمساجد والأسواق، وحتى الشوارع والطرقات والمنشآت والمخابز والصيدليات والمحلات التجارية، وغيرها مما يمكن أن يساهم في الصمود، ويساعد الشعب والمقاومة على البقاء، وما زال ماضياً في عمليات القصف الجوي والبري والبحري على مدى الساعة، ليلاً ونهاراً، ودون تحذيراتٍ مسبقةٍ أو أو إنذاراتٍ، إلا أن الفلسطينيين قد أعرضوا صفحاً عن تهديداته، وأشاحوا بوجوههم عن غاراته، وعضوا بصبرٍ على جراحهم، واحتسبوا عند الله شهداءهم، وأقسموا صادقين على استكمال النصر الذي بدأوه، وتحقيق الوعد الذي قطعوه.

 

بيروت في 16/10/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك