سوريا - لبنان - فلسطين

وصفة بن غفير للقضاء على المقاومة وتأديب الفلسطينيين


 

د. مصطفى يوسف اللداوي ||

 

لا ينفك وزير الأمن القومي الإسرائيلي المدعو إيتمار بن غفير، المتحدر من كهوف مئير كهانا الظلامية، والمتشبع بأفكاره العنصرية ومفاهيمه الصهيونية، والطامح إلى إعادة إحياء مشاريع الترانسفير والطرد القسري الجماعي، يتبجح ويدعي أنه القادر على لجم الفلسطينيين وتأديبهم، وإنهاء مقاومتهم ووأد انتفاضتهم وإطفاء جذوة نضالهم، ومنعهم من تنفيذ عملياتٍ عسكرية ضدهم، وصرفهم عن التفكير في تهديد وجودهم وسلب أمنهم، وإنهاء فعالياتهم الوطنية وأنشطتهم اليومية المستفزة، وعلاج الصداع المزمن الذي يسببونه، وفرض قواعد جديدة للتعامل معهم بما يليق بهم ويناسبهم، وبما يضع حداً نهائياً لطموحاتهم وأحلامهم، وبما يجبرهم على الصمت والقبول بواقعهم، وعدم المغامرة برفضه والعمل على تغييره.

وقد دأب عندما كان نائباً في الكنيست الإسرائيلي عن المعارضة، على توجيه اللوم والنقد للحكومة العاجزة عن توفير الأمن للمستوطنين، وضمان السلامة لهم ولمصالحهم، وكان لا يتورع عن التهكم والاستهزاء بهم، وقد اعتاد التوجه إلى أماكن تنفيذ العمليات العسكرية، وإطلاق التصريحات العنيفة والتهديدات الشديدة من مكان الحادث، واتهام الحكومة بالعجز والضعف، وأنها لا تقوم بواجبها المطلوب منها، وكانت وسائل الإعلام تسلط عليه وتبرز تصريحاته، وتركز على مقترحاته القمعية ووصفاته الأمنية لتحقيق الأمن، وفرض الهدوء والاستقرار في المناطق.

أما عندما أصبح وزيراً للأمن القومي الإسرائيلي فقد ظن أنه يستطيع أن ينفذ وعوده، وأن يفرض قواعده الخاصة على الفلسطينيين، وأن يرغمهم بالقوة على الخضوع له والخوف منه، فعصاه غليظة، وسياسته حازمة، وجرأته أكيدة، وجديته حقيقية، وأفكاره معروفة، ومؤيدوه في الكنيست وبين المستوطنين كُثرٌ، وظن أن المسألة سهلةٌ، وأنه لن يجد صعوبة في إقناع حكومته وفرض سياسته، ولن يلقى من الفلسطينيين مقاومةً تذكر، فطفق يعرض أفكاره الجهنمية على رئيس حكومته بنيامين نتنياهو وأعضاء مجلس الوزراء الأمني المصغر "الكابينت"، محاولاً إقناعهم بأنه يملك الوصفة السحرية للخروج من الأزمة، ويعرف الدواء الشافي لهذه المعضلة المستعصية، وأن جُلَ ما في الأمر أن يطلقوا يديه وألا يعترضوا طريقه أو يعارضوا سياسته، وأن يتعاونوا معه في تنفيذ التوصيات والالتزام الدقيق بها.

فما الذي كان يدور ولا زال في خلد بن غفير ويعشعش في رأسه من مخططاتٍ وأفكار، ويجعله يتوهم أنه يستطيع تنفيذها، وأنه سينجح في تجاوز أزماته وكيانه، علماً أنه لم يخف ما يفكر به ويخطط له، ولم يكن يحاول أن يلطف منها أو أن يخفف من حدتها، بل كان يطرحها ولا يزال كما هي خشنةً قاسيةً، صريحةً واضحةً، مستفزةً صادمةً، عدوانيةً صارخةً.

فهو يدعو إلى مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتشريع البؤر الاستيطانية، وإخضاع المنطقة المصنفة “c” إلى إدارته بالكامل، وإخراج الفلسطينيين منها وهدم بيوتهم فيها، وعدم السماح لهم بالعودة إليها والبناء فيها، وسحب أي تراخيص سابقة قد منحت لهم، سواء بالسكن أو العمل، وحرمانهم في المناطق الأخرى من الاستفادة من خدمات المنطقة “c” ، فلا يستفيدون من طرقها وشوراعها، ولا من بنيتها الداخلية وخدماتها الصحية، ولا يستفيدون من من شبكاتها الكهربائية والهاتفية أو مجاريها ومياهها، وفي الوقت نفسه يستمتع المستوطنون فيها بكل الخدمات المذكورة وما يجد منها ويوسع.

كما يدعو المستوطنين إلى حمل السلاح وعدم التردد في استخدامه ضد المشتبه فيهم من الفلسطينيين، ويدعو القضاء والأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى الكف عن ملاحقة نشطاء المستوطنين، والتوقف عن محاسبتهم ومحاكمتهم على خلفية إطلاق النار على الفلسطينيين، واعتبار هذه الأعمال أعمالاً مشروعة، وتندرج في إطار الحماية والدفاع عن النفس.

ولا ينسى في وصفته الأمنية دعوة الجيش والأجهزة الأمنية إلى اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، وملاحقة النشطاء والفاعلين وإطلاق النار عليهم، ومحاسبة المحرضين والتشدد عليهم، وتحميل قطاع غزة وحركة حماس التي تدير شؤونه، المسؤولية الكاملة عن كل ما يتعرضون له، والقصاص منهم بقصف مواقع المقاومة ومنشآتها، وقتل قادتها وعناصرها، ورفض سياسة قصف المناطق الخالية والمواقع المهجورة.

وفي الوقت الذي باشر فيه التضييق على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، قدم إلى الحكومة الإسرائيلية لائحة طويلة بسلسلة من العقوبات والإجراءات القاسية بحقهم، والتزم بالمباشرة في تنفيذها كون هذا الملف ضمن صلاحياته ويخضع لسلطاته، علماً أنه لجأ منذ يومه الأول في وزارته إلى التشديد على الأسرى والتضييق عليهم، وحرمانهم من حقوقهم وسحب العديد من الامتيازات التي حصلوا عليها بتضحياتهم، وكان قد دعا إلى إعدام الأسرى وهدم بيوتهم وطرد عائلات منفذي العمليات العسكري، والامتناع عن تسليم جثامين الشهداء، سواء كانوا أسرى أو غيرهم.

وهو لا يتوقف عن تحريض رئيس الحكومة ووزير الحرب وقائد الجيش، لشحن حملة عسكرية واسعة في الضفة الغربية تشبه عملية السور الواقي، على أن تكون حملة شديدة ومتواصلة، وعنيفة وقاسية، وألا تتوقف إلا بعد التأكد من تحقيق أهدافها، والوصول إلى غاياتها الموضوعة، وألا تصغي الحكومة والجيش لدعوات التهدئة ووقف العملية العسكرية ما لم تحقق الحملة أهدافها المرجوة.

تلك هي بعض أفكار ومخططات بن غفير، ولا شك أن عنده غيرها وأسوأ منها، ولا يبدو أنه سيتخلى عنها أو ينساها، فهناك في حكومته من يعينه ويشجعه عليها، ويظن أن الظروف الدولية والإقليمية تساعده عليها، لكنه نسي أو تناسى أن غيره كثيرٌ قد سبقوه وحملوا ذات أفكاره وسعوا إلى تنفيذ نفس مخططاته، لكنهم ذهبوا وتبخرت أفكارهم وتبددت أحلامهم، وبقي الشعب الفلسطيني على مواقفه ثابتاً، وبحقوقه متمسكاً، وبمقاومته مؤمناً، ولأهدافه العليا ساعياً مهما كانت التضحيات، وأياً كانت التحديات والصعاب.

 

الواح طينية، التحديات والصعاب، د. مصطفى يوسف اللداوي

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك