سوريا - لبنان - فلسطين

يوميات بن غفير العنصرية وقراراته الفاشية


د. مصطفى يوسف اللداوي ||

 

منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه إيتمار بن غفير حقيبته الوزارية في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية السادسة، وأصبح فيها وزيراً للأمن القومي الصهيوني، إضافةً إلى وزارة النقب والجليل، وهي الوزارة التي كانت تسمى قبله "وزارة الأمن الداخلي"، إلا أنه أصر على تغيير اسمها بعد توسيع صلاحياتها وتمديد نفوذها، لتتماشى مع أفكاره اليمينية، وتتناسب مع معتقداته السياسية، وهو لا يتوقف عن إصدار القرارات وتوجيه الأجهزة العاملة تحت مسؤوليته، للتشديد على الفلسطينيين والضغط عليهم، وعدم التهاون معهم أو تسهيل سبل حياتهم.

وقد طالت قراراته التعسفية قبل عملية الشهيد خيري علقم في حي النبي يعقوب الاستيطاني، وعملية سلوان التي تلتها، جميع المواطنين العرب في فلسطين المحتلة، ولم يستثن منهم أحداً مسيحياً كان أو مسلماً، إلا أنه اختص الأسرى والمعتقلين بأسوأ قراراته، وصب عليهم جام حقده وخبثه، وعنصريته وعدوانيته، فضيق عليهم أكثر، وتشدد في إجراءات التعامل معهم، وأكد على مشروعه بتشريع تنفيذ قانون "إعدام الأسرى"، ووعد بالعمل على تمريره وإقراره.

سأحاول هنا ضمن مقالاتي اليومية تسليط الضوء على قرارات بن غفير، وبيان مدى عنصريتها وخطورتها، وأثرها على الشعب الفلسطيني وحياته وممتلكاته وأرضه وحقوقه، فضلاً عن آثارها السلبية الخطيرة المباشرة على أبنائه الأسرى والمعتقلين في مختلف السجون الإسرائيلية، علماً أن قراراته وإن كانت تصدر عنه شخصياً، إلا أنها تعبر عن السياسة العامة للحكومة، وتلقى موافقة وتأييد رئيسها بنيامين نتنياهو، الذي يؤمن بسياسة أقطاب ائتلافه ولا يعارضها، بل يشجع عليها ويساعد في إصدار المزيد والأسوأ منها.

بدأ بن غفير مهامه الوزارية بزيارة معتقل نفحة الصحراوي، الذي يضم المئات من كبار الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتفقد الإجراءات الأمنية في المعتقل ومحيطه، وتأكد من طريقة معاملة إدارة السجن للأسرى والمعتقلين، واجتمع مع إدارته واستمع إلى الحراس والسجانين، وتفقد الغرف والزنازين، وأقسام العزل وأشكال العقاب، فاطمأن إلى قسوة الظروف، وشدة الإجراءات، وغياب التسهيلات، وغلظة المعاملة، وأوصى بألا يتمتع الأسرى والمعتقلون بأي امتيازات، وألا يشعروا بالراحة في حياتهم، وألا يتلقوا معاملةً حسنةً أو يحصلوا على أي امتيازاتٍ إضافية، ودعا إلى سحب القديمة وحرمانهم منها، وأكد على عدم الإصغاء إلى شكواهم أو تلبية طلباتهم، أو الاستجابة لدعاوى مرضهم وحاجتهم إلى الرعاية والعلاج.

وفي طريقه إلى سجن نفحة الصحراوي زار النقب والتقى بقادة الاستيطان فيها، ووعد بتنفيذ أوسع عملية تشجيرٍ فيها، تمهيداً لتسهيل تمليكها إلى الوكالة اليهودية، والتعجيل في بناء عشرات المستوطنات الجديدة فيها، فضلاً عن توسيع القديمة وتحسينها، ولم يخفِ عزمه على ترحيل بدو النقب وهدم بيوتهم، وإعادة تجميعهم في مناطق ضيقة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في أرضهم ووطنهم الذي حافظوا عليه وتمسكوا به، وهي ذات السياسة التي ينوي القيام بها في منطقة الجليل.

كما أصدر أوامره إلى جهاز الشرطة الإسرائيلي العام بمحاربة العلم الفلسطيني، ومنع رفعه في الحيز العام والشوارع والاحتفالات والمناسبات، وإزالته بالقوة، وفرض عقوبة رادعة على كل من يحمله أو يرفعه، واعتبار ذلك جريمة تخالف القانون وتستوجب العقاب بالسجن الفعلي أو الغرامة المالية أو كليهما معاً.

كما أصدر أوامره إلى جهاز الشرطة العام بمحاربة كل محاولات التحريض الفلسطينية أياً كان شكلها أو أداتها، وأمره بمتابعة المحتوى الفلسطيني على مختلف صفحات ووسائل التواصل الاجتماعي، وملاحقة المتورطين فيها أو المشتبه فيهم، واعتقال ومحاسبة كل الذين يبتهجون بمقتل الإسرائيليين، ويوزعون الحلوى والسكاكر تأييداً للعمليات التي يقوم بها المقاومون، أو يحتفلون ويظهرون فرحهم ويفتحون السرادقات العامة للمباركة بحرية الأسرى المفرج عنهم، وهدد بإعادة اعتقالهم وعقاب وتغريم ذويهم.

ادعى بن غفير أنه يريد أن ينال بركة "الرب" قبل أن يباشر عمله في الحكومة، فقرر اقتحام المسجد الأقصى، وهو الاقتحام المستفز الذي اعتاد عليه خلال السنوات السابقة، ولكنه ما إن خرج من باحة المسجد حتى التقى بقائد شرطة القدس وكبار الضباط، قائلاً له، أغمض عينيك واعمل كل ما كنت تحلم به، فالفرصة أمامك متاحة والشرعية معك، وفعلاً قامت الشرطة الإسرائيلية بهدم وإغلاق أربعة عشر مبنىً في مدينة القدس بحجة المخالفة والبناء دون تراخيص قانونية.

لن يتوقف إيتمار بن غفير وحكومة نتنياهو الفاشية عن سياساتهم القمعية وإجراءاتهم التعسفية وقراراتهم العنصرية، إلا بقارعةٍ تنزل عليهم، ومقاومةٍ صلبةٍ تتصدى لهم، وشعبٍ حرٍ يثور عليهم، وستثبت له الأيام القادمة أنه الزائل، وأن الشعب الفلسطيني هو الباقي، وأنه لن يختلف عمن سبقه ممن جرب حظه وتعثر، وراهن على سياسته وخسر، وظن أنه الأقوى فانكسر، وأنه المنتصر فخاب واندثر.

 

بيروت في 30/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك