سوريا - لبنان - فلسطين

«إسرائيل» تشكّل ميليشيات لمنع حزب الله من احتلال المستوطنات


محمد صادق الحسيني ||    مع تطور المعادلات التي تحكم حركة المواجهة المستمرة مع حزب الله، أصبح إعلان كيان العدو عن إجراءات أمنية خاصة على الحدود مع لبنان أمراً مفهوماً وتقليدياً. لكن بعض هذه الإجراءات يكشف عن سيناريوهات وتقديرات أكثر خطورة لدى الجهات العسكرية الإسرائيلية. ففي خطوة غير مسبوقة، قرَّر جيش العدو تشكيل «فصيل استنفار في مستوطنة كريات شمونة للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل» يتمركز في الحي الشمالي من المستوطنة، ويُجهّز عناصره بأسلحة ودروع وأجهزة اتصال مع تدريبهم على تقديم مساعدات طبية أولية، على أن يُشكّل لاحقاً فصيل إضافي في المستوطنة من مقاتلين من المدرسة الدينية.  ويؤكّد هذا التوجّه أن جيش العدو يتصرف على أساس أن هناك احتمالات مرتفعة لتحقّق سيناريو اقتحام مقاومي «قوة الرضوان» في المقاومة الإسلامية لكريات شمونة. وهو ما أكده ضابط أمن بلدية المستوطنة، أريه ديكل، الذي عبَّر عن فهمه لـ«الحاجة العملانية» لهذا التشكيل «في ضوء التطورات من الشمال، ووجود تهديدات بالتسلل إلى مستوطنات واحتلالها».  وقرار تشكيل فصيل من المقاتلين لحماية كريات شمونة، هو جزء من خطة أوسع تشمل عدداً من المستوطنات. ولفتت صحيفة «إسرائيل اليوم» (6/9/2022) إلى أن «الاستنفار مستمر في مدينة كريات شمونة. وقد بدأت مناورة ستستمر أياماً لفحص فصائل الاستنفار في مستوطنات السياج الحدودي مع كتائب فرقة برعام. وتشمل المناورة الاستجابة لسيناريوهات مرتبطة بالحدود الشمالية، بينها حدوث عمليات تسلل إلى مستوطنات».  يعني ذلك أن قادة العدو باتوا يُسلِّمون بحقيقة أن أي معركة تنشب لن تقتصر ردود حزب الله فيها على الصواريخ، بل ستشمل مواجهة مباشرة بين قوات الرضوان وجيش العدو ومستوطنيه على أرض الجليل. مع ذلك، يصعب الفصل بين الإجراءات الحالية وارتفاع مستوى التوتر في ضوء المعادلة التي فرضها حزب الله بخصوص ثروات الغاز والحدود البحرية. وتكشف هذه المعطيات، أيضاً، عن فهم جيش العدو لحجم المخاطر على قواته ومستوطناته في شمال فلسطين المحتلة بفعل ما أعلنه حزب الله من سقوف ومواقف وخيارات، وتمدّدت هذه المخاطر على الحدود البرية البحرية من كاريش إلى كريات شمونة. كما يعني أن هناك قدراً من التسليم بأن وجود جيش العدو على الحدود، مدعّماً بالإجراءات الاعتراضية «الجغرافية»، الطبيعية والاصطناعية، لن يحول دون توغل المقاومين إلى المستوطنات، وأن كل التهديدات الإسرائيلية لن تمنع ذلك إذا ما استوجبت التطورات الميدانية هذا الخيار.ويبدو أن هذه الإجراءات أعادت الذاكرة الصهيونية إلى عمليات الفدائيين الفلسطينيين عبر الحدود في سبعينيات القرن الماضي. لكن المتغير النوعي الذي يُميِّز هذه المرحلة، هو تغير قواعد الاشتباك وفشل كثير من الخيارات العملياتية الإسرائيلية، واستنفاد الكثير من الرهانات الاستراتيجية. والمتغير الإضافي الذي يلقي بثقله على صانع القرار السياسي والأمني في كيان العدو هو التحولات التي شهدتها البيئة الإقليمية وتغير طبيعة التهديد وهوية الأعداء، كما يكرر ذلك رؤساء أركان جيش العدو.  تبقى ملاحظة ينبغي التأكيد عليها، وهي أن خيار اقتحام حزب الله للمستوطنات، وإن كان يتسم بطابع تكتيكي هجومي، إلا منطلقاته دفاعية وردعية وتهدف إلى تعزيز معادلة الردع لحماية لبنان. لكنها تؤسِّس أيضاً لخيار عملاني ستترتب على تنفيذه - في حال ارتكب قادة العدو أخطاء فادحة في التقديرات والخيارات - مفاعيل وتداعيات هائلة على حاضر هذا الكيان ومستقبله.  من «كاريش» إلى كريات شمونة: إقرار بتآكل قدرات جيش العدو هكذا، فإن هذا الإجراء، وإن كان تكتيكياً في طبيعته، إلا أنه يختزن مؤشرات تكشف التحول الاستراتيجي في معادلات الصراع وقواعد الاشتباك، وخلاصته أن كيان العدو الذي تطورت قدراته التدميرية والتكنولوجية والعسكرية إلى مستويات غير مسبوقة، تراجعت في الوقت نفسه خياراته العملانية من دولة استندت في عقيدتها العسكرية دائماً إلى مبدأ نقل المعركة إلى أراضي العدو، إلى تبني منظومة دفاعية من ضمنها تشكيل ميليشيات من سكان المستوطنات للدفاع عنها. وبحسب تعبير رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن دور هذا الفصيل هو الدفاع قبل وصول قوات الجيش الإسرائيلي! إلا أنه بذلك تجاوز الإجابة على السؤال الذي يسكن وعي كل مستوطن حول دور قوة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود، والتي يُفترض أنها تحمي هذه المستوطنات من مقاتلي حزب الله.  ويبدو أن هذه الإجراءات أعادت الذاكرة الصهيونية إلى عمليات الفدائيين الفلسطينيين عبر الحدود في سبعينيات القرن الماضي. لكن المتغير النوعي الذي يُميِّز هذه المرحلة، هو تغير قواعد الاشتباك وفشل كثير من الخيارات العملياتية الإسرائيلية، واستنفاد الكثير من الرهانات الاستراتيجية. والمتغير الإضافي الذي يلقي بثقله على صانع القرار السياسي والأمني في كيان العدو هو التحولات التي شهدتها البيئة الإقليمية وتغير طبيعة التهديد وهوية الأعداء، كما يكرر ذلك رؤساء أركان جيش العدو.  تبقى ملاحظة ينبغي التأكيد عليها، وهي أن خيار اقتحام حزب الله للمستوطنات، وإن كان يتسم بطابع تكتيكي هجومي، إلا منطلقاته دفاعية وردعية وتهدف إلى تعزيز معادلة الردع لحماية لبنان. لكنها تؤسِّس أيضاً لخيار عملاني ستترتب على تنفيذه - في حال ارتكب قادة العدو أخطاء فادحة في التقديرات والخيارات - مفاعيل وتداعيات هائلة على حاضر هذا الكيان ومستقبله.*
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك