وصلت الخلافات داخل "القاعدة"إلى نقطة اللاعودة. ما كان يوصف بالخلافات بين فروعها في سوريا،أي بين "جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام"(داعش)، بات انقساماً واضحاً سيتجاوز الساحة السورية ليطال جميع "ساحات الجهاد" حسب مفهوم المنتمين لتنظيم "القاعدة".
الخلاف هذه المرة تجاوز صراع "النفوذ" ليصل إلى "الخلافة" وهو ما ينذر بمزيد من الصدامات الدموية التي أسفرت في مرحلة الصراع على النفوذ عن مقتل ما لا يقل عن 4000 مسلح خلال مئة يوم من القتال، فكيف ستكون النتيجة في مرحلة الصراع على "الخلافة".
الاعلان عن المرحلة الجديدة من الصراع تولاه المتحدث باسم "داعش" أبو محمد العدناني الذي شن هجوماً عنيفاً على امير "القاعدة" أيمن الظواهري ووصل إلى حد التهكم عليه ونعته بـ"التخريف" و"التناقض" وغيرها من الاهانات الشخصية، ورفض مناشدة الظواهري لـ"داعش" بالانسحاب من الشام مكرراً بأن "هذا الامر شبه مستحيل غير ممكن لا شرعا ولا عقلا".
وقطع العدناني الطريق أمام تسوية الخلاف مع "القاعدة" عندما وضع الظواهري في تسجيل صوتي بث مساء الاحد على مواقع التواصل الاجتماعي امام خيارين لا ثالث لهما وقال: "لقد وضعت نفسك اليوم وقاعدتك أمامَ خيارين لا مناص عنهما: إما أن تستمر على خطئك وتكابر عليه وتعاند، ويستمر الانشقاق والاقتتال بين المجاهدين في العالم، وإمّا أن تعترف بزلّتك وخطئك فتصحح وتستدرك".
واتهم العدناني الظواهري بتفرقة كلمة المجاهدين وتمزيقها مطالباً برد بيعة ابو محمد الجولاني، واصفا اياه بـ"الخائن الغادر".
وذهب العدناني إلى التشكيك بقيادة الظواهري وقال أن "الدولة الاسلامية في العراق والشام" لم تشن هجمات في ايران والسعودية ودول اخرى، امتثالا لتوجيهات رموز "القاعدة"، وأضاف : "بسبب القاعدة لم تتدخل الدولة في مصر أو ليبيا أو تونس، وظلت تكظم غيظها وتكبح جماح جنودها على مر السنين، والحزن يملأ أركانها وربوعها لكثرة استغاثة المستضعفين بها، والعلمانيون ينصبون طواغيت جددا أشد كفرا من سلفهم في تونس وليبيا ومصر".
وكان ابو محمد العدناني في تسجيل صوتي سابق قال فيه : "لقد انحرفت قيادة تنظيم القاعدة عن منهج الصواب (...) ان القاعدة اليوم لم تعد قاعدة الجهاد (...) بل باتت قيادتها معولا لهدم مشروع الدولة الاسلامية والخلافة".
ويبدو أن النزاع في سوريا قد شق صفوف المجموعات المسلحة وجعلها مجموعات متناحرة،وسهام الاقتتال اصابت اليوم أيمن الظواهري الذي بات عرضة لهجمات غير مسبوقة على المنابر حيث بات التشكيك بقيادته وتعليماته امراً عادياً ، ولم يعد الحديث عن انحراف في قيادة القاعدة كلاماً غريباً.
وبدأت الانعطافة المحورية في علاقة فروع "القاعدة" مع بعضها في سوريا حين تنصلت "النصرة" من اعلان "داعش" دمج التنظيمين تحت راية القاعدة الواحدة.
واصبحت "جبهة النصرة" التي ولدت بعد أشهر من بداية النزاع السوري تصف في بياناتها "الدولة الاسلامية" بأنها "جماعة باغية"، بينما يرى انصار "الدولة" ان "النصرة" عبارة عن "صحوات خائنة". واستقطب الخلاف الاف التعليقات المتناقضة على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت من اليمن الى الاردن ولبنان، وصولا الى باكستان وافغانستان ودول اخرى، وطالت التعليقات قيادة تنظيم "القاعدة" وخصوصا بعد اعلان "القيادة العامة لتنظيم القاعدة" تبرؤها من "داعش" في شباط/فبراير ودعوتها اياها الى الانسحاب من سوريا.
واللافت أن التناحر لا يقتصر على فروع "القاعدة" أو الجماعات التي تستلهم افكارها، انما يتفرع إلى صراع دام بين الجماعات التي تصنف نفسها "معتدلة" إذ ثمة وقائع كثيرة تشير إلى ان صراعاً كامناً ينتظر شرارة الانفجار بين "جبهة النصرة"و"الجيش الحر" في مناطق مختلفة خصوصاً في جنوب سوريا.
وتتخوف الدول الغربية من تنامي الجماعات المسلحة التي تصنفها متطرفة في سوريا وتحاول دعم جماعات اخرى تصنفها "معتدلة" للوقوف بوجهها ، وهو ما يشير إلى امكانية تأجيج الصراع والاقتتال الذي سيكون ضحيته المواطن السوري الذي لا ناقة له ولا جمل في صراع اتخذ الحرية شعاراً له لكنه ما لبث ان كشف عن وجهه القبيح واطلق مارد التطرف والفوضى بما يخدم مصلحة اميركا و"اسرائيل".
9/5/140514
https://telegram.me/buratha