يـا شِـعرُ هـل تبغي مديحَ خديجةٍ؟ //أنّـى إلـى أعـلى الـسماءِ ستصعدُ؟!
ألــديـكَ أجـنـحـةُ الـبـيـانِ أشـدُّهـا؟// أمْ أنّ قـلـبَـك مـــن عُــلـوٍّ يَـرعَـدُ
سـتـكونُ فـحْـلاً إنْ بـلغتَ سـفوحَها // فـسـفـوحُها فـيـها الـنـجومُ تـغـرّدُ
أمُّ البتول. كفـى به مـن مَـحـتِدٍ /// لــمَـن الـبـتـولُ لــهـا تُـشِـعُّ وتُـولَـدُ
كــم مُــدّعٍ عـشقَ الـرسولِ وإذْ بـهِ// عـن ذكـرِها وهـي الـفريدةُ يـقعُدُ !
فـترى سـطوراً أجـدبتْ من ذكرها // وحــنـاجـراً بـمـديـحِها لا تُـنـشِـدُ !
عَـجَباً لـهم! وخـديجةٌ فـي حِـجرِها // فجـرُ الـرسـالـةِ قـدْ بـــدا يـتـوقّدُ
لقـد افــتـرُوا هـــذا عـلـيـها أنّــهـا //هي أمُّ آلِ الـبـيـتِ وهُــمُ الـحُـسّدُ
في هذا المجلس اتحدث عن مولاتنا خديجة الكبرى {ع} مقارنة بزوجات الانبياء حتى يتبين لنا منزلة ال البيت الذي نبع من بيت الرسول محمد{ص}..!! الاولى ذكر القران اسم امراة واحدة فقط هي مريم ام عيسى [ع] وذلك كونها ظاهرة لا تتكرر انها حملت من غير زوج. قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ وقصة حَمل السيدة مريم بعيسى هي معجزة دون أن یقترب إليها رجل. وقصتها وردت في القرآن والإنجيل، مع وجود الاشتراك في عذرية مريم، والافتراق في بعض التفاصيل. وحسب ما ورد في القرآن إن مريم اعتزلت الناس للعبادة في مكان معزول، هناك ظهر لها الملاك وبشرها بالمولود. وطريقة حمل مريم ذكرها القران بعبارة «فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا» .وهذه من الأمور التي لا يمكن معرفتها ولا يعلمها بشكل كامل إلا الله تعالى. فسمي عيسى {ع} روح الله .
في مكان اخر ذكر القران زوجتين خائنتين من زوجات الأنبياء{ع}هما: زوجة نوح وزوجة لوط، بالرغم أنّهما كانتا في بيت الزوجية ، لكنهما انساقتا مع تيار المجتمع الفاسد المنحرف الذي يقف في الجهة المضادّة لدعوة زوجيهما المؤمنين الصالحين. فأصبحتا إمرأتان عدوتان لزوجيهما في بيوتهما وتناصران أعداءهما عليهما، فأيّ موقف على النبين أشد وطأ من أن تقف شريكة حياته في صف الأعداء المحاربين لزوجها ونبيها بالوقت الذي يجب ان تكون مؤتمنة على عياله وبيته .فعدوّ الداخل أشدّ خطورة من عدوّ الخارج ...
** لذا اعتبر ظلمُ ذوي القربى أشد مضاضة.قال طرفه بن العبد ...:
وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً ///عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
الخَيرُ خَيرٌ وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ ////////وَالشَرُّ أَخبَثُ ما أَوعَيتَ مِن زادِ
يقول تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)
العينة الثانية: امرأتان صالحتان، إحداهما زوجة لطاغية مجرم مستكبر يذبّح الأبناء ويستحيي النساء، إنها (آسية بنت مزاحم) المرأة المؤمنة الفاضلة العاقلة التي اعتبرها النبي (ص) واحدة من أربع نساء هنّ أكمل نساء الدنيا، ورغم أنّها كانت تعيش في بحبوحة النعيم، لكنّها لم تستسلم لنعيم فرعون، وآثرت جنّة الله (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وأمّا المرأة الثانية فهي (مريم بنت عمران) التي ذكرناها انفا . التي كانوا يضربون المثل بعفّتها وعبادتها وسيرتها الحسنة فكانت المثل الأعلى لنساء جيلها وللنساء على امتداد الأجيال، فهي لم تلوّث سمعتها بوحل السوء والفحشاء(أحصنت فرجها) وبقيت تعيش الطهر والعفّة التي يحبّها الله للفتيات وللشبّان .مقارنة بين العينتين:
العينة الأولى (امرأة نوح وامرأة لوط) لم تنتفعا من فترة وجودها في بيوت الانبياء وهذه غنيمة كبرى رغم أنها زوجة نبي يفترض أن تكون مدرسة الأخلاق والالتزام والتقوى والصلاح، وتمثل القدوة لنساء جيلها، إلا أنّهما كانتا على العكس تماماً، فهما كذاك العطشان القريب من النهر ولا يريد الارتواء منه وإنّما يفضّل أن يشرب من المستنقع!
أمّا العينة الثانية (آسية ومريم) رغم الإمكانية الدنيوية تتمكنان من الحصول على المتع والملذّات لكنهما آثرتا الحصول على ما هو أكبر هو نعيم الآخرة والفوز برضوان الله وهو أعظم النعم. العينة الأولى جاهلة متعنّتة لا تعرف الطريق الصحيح ولا قيمة الإيمان والصلاح والأمانة، ولذا راحتا تحاربان عقيدة زوجيهما استجابة للجهل وتيار جارف، فكانتا كمعصوب العينين لا تريان سوى ظلمة تزيدهما عنادهما وعصيانهما. أمّا العينة الثانية، فهي عينة عالمة وعاقلة وعارفة تماماً ماذا تريد؟ وماذا يُراد منها؟ حتى ولو كان المجتمع كلّه فاسقاً منحرفاً ظالماً عاصياً، فهما تدركان أنّ المسؤولية أمام الله مسؤولية فردية(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) العينة الأولى عينة الخائنات اللواتي لا يحفظن للزوجية حقوقها، ولا يؤدين الأمانة إلى أصحابها، فبدلاً من أن يكن عوناً وعضداً لأزواجهنّ الصالحين كنّ عوناً عليهم، مما أفسد حياتهنّ وحياة أبنائهن. وقد مرّ بنا كيف أن ابن نوح (كنعان) ابن تلك الخائنة ساير مجتمعه الفاسد الضال نتيجة ضلال أمّه وفسادها فكانا من المغرقين. أمّا العينة الثانية، فهي عينة الأمينات على رسالتهنّ وإيمانهنّ وإخلاصهنّ لله، هذا هو الفرق.[ معرفة المسؤولية].
*** بالمقابل :على صعيد الواقع نرى أنّ بعض أبناء وزوجات المؤمنين الصالحين يقفون في صف أعدائهم، حتى انّهم يتجسسون عليهم لصالح أنظمة الجور وربّما كانوا السبب في قتلهم على أيدي الطغاة، وهي خيانة عظمى تشبه خيانة امرأة لوط وامرأة نوح لزوجيهما. وعلى العكس من ذلك، فإنّ القرب من أعداء الله والعصاة والطغاة لا يمثل سبباً لمجاراتهم والاقتداء بهم ,لعلّك اطلعت على شبان وفتيات عاشوا في بيوت منحرفة، حيث الأب سكّير يعاقر الخمرة ولا يصلّي ولا يصوم ويأتي بالمنكرات جهاراً نهاراً، والأُمّ ساهية لاهية مغلوب على أمرها، تعيش الانحراف في التبرّج والتغنّج، لكنّك ترى أبناءًها ملتزمين وفتياتهم محتشمات لا يقرّون آباءهم وأمّهاتهم على ما هم عليه من ضلال، [ سبب ذلك ان الابناء عندهم تقدير واعٍ ويعرفون ما يقوم به الابوان من خطأ .!! فيفرون من تصرفهم ويهربون إلى الله لينجيهم من عمل آبائهم وأُمّهاتهم، وهؤلاء كآسية التي عاشت في بيت منحرف ولم تنحرف
ولا يخفى أنّ موقع الفتاة أو الشاب في البيت المؤمن والأسرة الصالحة له خصوصيته، فالناس – كما قلنا – ينظرون إلى البيت والأسرة ككل مكتمل، ولا ينظرون إلى أفراد كلّاً على انفراد، فانحراف أيّ عضو فيه سيصيب بالأذى أعضاءه الآخرين، وكما أنّ نساء النبي لسن كأحد من النساء لموقعهنّ الخاص من النبي ومن المجتمع، فكذلك نساء وبنات وأولاد المؤمنين العاملين الصالحين. فقد ترى بعض بنات وأبناء وزوجات العلماء والعاملين والدعاة والمسؤولين، سبّة على آبائهم، ومع ان (نوحاً) (ع) لا يتحمّل وزر عمل ابنه فكذلك المؤمنون الذين لا يتحملون وزر أعمال أبنائهم المنحرفين إلّا بقدر تقصيرهم في تربيتهم، تربية حسنة، فصلاح الأبناء والبنات ليس انعكاسياً تلقائياً أو عفوياً أو بالتبعيّة،إنّما هو جهد يُبذل وثقافة ، وتربية تتواصل فالنماذج الخيّرة لا تنمو في الفراغ، وإنّما تنطلق من قاعدة فكرية وإيمانية وروحية متينة،
*** لم يغفل القرآن الكريم عن كثيرات من زوجات الانبياء ذكرهن ما بين مدح وثناء وذم وتهديد ووعيد بالعذاب تبعا للدور الذي أدته كل منهن تجاه زوجها النبي ورسالته .كثيرات كنّ وفيات لأزواجهن، مؤمنات متمسكات بعبادة الله تعالى واجهن ظلم الكافرين وعنادهم ومكائدهم. وهناك من انحازت للشيطان ضد زوجها ورسالته، وانضمت لأعدائه، وساعدتهم على وضع العراقيل وإثارة العقبات أمام دعوته، وشاركت في الإساءة إليه، والسخرية منه. وفي مناسبة وفاة مولاتنا خديجة نمر اليوم على حياة زوجات الانبياء لاستخلاص العبر منهن، والاستفادة بها في بناء حاضرنا ومستقبلنا ........من اول زوجات الانبياء وام البشر حواء..
كيف خلقت .؟: خلقت أمنا حواء من شيء حي، لتسكن إلى أبي البشر في بداية حياتها عاشت في نعيم الجنة، لا تشعر فيها بالجوع أو العري. ذكرها الله تعالى في سور عديدة بصفتها وليس اسمها [اسكن انت وزوجك الجنة] ، فهي أم الأمهات، وقدوتهن في الأمومة والعطاء ولكنها غزلت ونسجت، وعجنت وخبزت، وعلمت بناتها أعمال النساء كلها، لتستمر حياة البشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. مرّت حواء بأوقات سعادة كثيرة، كما تألمت وعانت في أوقات أخرى، وعاشت يوما أمّا لقاتل ومقتول بين ابناءها .يذكر الدكتور مصطفى مراد، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر في كتابه «زوجات الأنبياء» أن حواء أم البشرية كلها، مارست عملها كامهات الاخرين فكان دورها تعليم اسرتها وبناتها قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم». فلم تكن رسالة لحواء سوى تعليم ابناءها من جيلها متطلبات الحياة . ولكن انحراف ولدها لا يتحمله ادم ولا حواء لانهما ما علماه الحسد والغل والقتل . انما الشيطان الذي في نفس الانسان هو من دفع ولدها قابيل لتقل هابيل . يقول تعالى:{ فسولت له نفسه قتل اخيه}
دور حواء في الحياة:عن أنس قال: قال رسول الله{ص}«هبط آدم وحواء الى الارض عُريانين الا من ورق الجنة، فأصابه الحر ولم يكن متعودا فقعد يبكي وقال لها: يا حواء قد آذاني الحر، قال: فجاءها جبريل بقطن، وأمرها أن تغزل وعلمها، ثم أمر آدم بالحياكة وعلمه أن ينسج» وقال: «كان آدم لم يجامع امرأته في الجنة، حتى هبط منها: «وكان كل واحد منهما ينام على حدة فأتاه جبريل فأمره أن يأتي أهله»، قال: «علمه كيف يأتيها، فلما أتاها جاءه جبريل قال: كيف وجدت امرأتك؟ قال: صالحة». هذه قصة ادم وحواء كما وردت في القران الكريم وفي الاحاديث والروايات.
** رحمة زوجة أيوب[ع] جدها النبي يوسف بن يعقوب، ذُكر في القرآن: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)كان نبياً مرسلاً صاحب أنعام وحرث وأولاد، فابتلاه الله بذهابه كلها، وهلاكها، ثم ابتلاه بجسده فلم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما ربه ويقال: إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من أجله، ذُكرتعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ فقام الله بإحياء من مات من أولاده، فأعطاه مثلهم من أولاده، وقيل له: إن أهلك في الجنة إن شئت أتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك فيها، وعوضناك مثلهم في الدنيا، فاختار الثانية. المشهور في قصتها.
لما ارادت رحمة زوجة أيوب أن تقطع ذوائبها فعرف أيوب ذلك، حلف غضباً لله لأن امرأته كانت نذرت قطع ذوائبها، فأبى وحلف ،بمعاقبتها لما عوفي: قال تعالى ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) قصة امراته عَرَضت له بأمر، فمنعها ايوب فقال: لو تكلمت بكذا وكذا، وإنما حملها عليها الجزع، فحلف ايوب: لِئن الله شفاه ليجلِدنَّها مئة جلدة؛ قال: فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون فرعا والأصل بيده يكون تكملة المِئَة، فضربها ضربة واحدة، فأبرّ نبيُّ الله، وخَفَّفَ الله عنهم هذه المراة تحملت مداراة زوجها النبي {ع} واختلفت مع زوجها كما يبدو من القصة في بر يمينها . لم تكن المسالة هينة في الاختبار الالهي فقد كان لأيوب من البنين سبعون، ومن البنات سبعة، وله ثلاث آلاف بعير، وسبعة آلاف شاة، وخمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد، فابتلاه الله بذهاب أولاده وماله، وتمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، وفي رواية ثلاث سنين، فقالت له امرأته رحمة يوماً: لو دعوت الله عز وجل فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة، فقال: أنا أستحي من الله أن أدعوه، وما بلغت من بلائي مدة رخائي، فلما كشف الله عنه أحيا أولاده ورزقه مثلهم معهم. ماتت «رحمة» في حياة أيوب عاشت بعده قليلاً، ودُفنت بالشام.
** وأم نبي الله يحيى{ع} هي أخت حنة زوجة عمران، وخالة العذراء مريم بنت عمران أم عيسى{ع} امرأة صالحة من العابدات، وصابرة على قضاء الله، كانت عاقرا لا تلد دعت ربها فاستجاب لها بالذرية الصالحة، عندما استجاب الله لدعاء عمران وحنة بعد زواج ثلاثين سنة لا ولد فحملت، فنذرت أن تهب ولدها لخدمة بيت المقدس، وكانت ترجو أن يكون ذكرًا، وحملت ابنتها مريم، التي أصر زكريا {ع} زوج خالتها إيشاع على أن يكفلها. وذات يوم دخل زكريا المحراب على مريم فوجد عندها رزقًا لا وجود له عند الناس كانت الملائكة تأتي إلى مريم وتخبرها بأن الله اصطفاها، فسألها «قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»، فقال زكريا في نفسه: إن الله قادر على كل شيء. في ذلك الوقت استيقظ بداخله الأمل في أن يرزقه الله الذرية، رغم أنه قد بلغ مبلغا من العمر صار شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشيب، وأحس أنه لن يعيش طويلا، تمنى أن يكون له ولد يرث علمه وفقهه وأن يرشد قومه ويدعوهم إلى الله. سأل زكريا ربه أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد يمر وقت على دعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب «يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا»،
فوجئ زكريا بهذه البشرى، وزوجته إيشاع لا تلد، اراد أن يعرف كيف «قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا» فقال له تعالى «قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تكُ شيئا» أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ، وكل شيء يقول له كن فيكون ..
** كانت خديجة صدّيقة هذه الاُمة اول شفتين تنطقان الشهادة هي شفتي خديجة . فكانت صديقة ومضحية ومؤمنة . تحملت كل اذى قريش وفدت نفسها ومالها في سبيل الله ودين محمد{ص} وتقديرا لها دون جميع نساءه انفرد بها زوجة مدّة خمس وعشرين سنة لم تشاركها فيه امرأة ثانية ، ولو بقيت ما شاركتها امراة اُخرى ،المعروف عنها انها وريثة مال ابيها وكانت اغنى تجار مكة فدته بمالها لتقوي الاسلام وتدافع عنه بمالها ونفسها , ولذلك فاجئت العرب بموقفها .. وهناك روايات من شدة تصديقها له ودفاعها عنه بكل قول وفعل ، ووقفت معه بما فاجئت الكفار كانت هي وعلي {ع} معه في غار حراء حين نزل عليه الوحي أوّل مرّة .. فكان موقفها واموالها من العوامل التي ثبتت دعائم الإسلام ، فمنذ اليوم الأوّل لزواجها المبارك وقفت بجانب زوجها موقف المدافع والمحامي ، كما كانت توفّر له الملجأ والمأوى والقلب الحنون ، ولذلك أوعزت إلى ابن عمّها حين زواجها من النبي{ص} بأن يعلن أمام الملأ : إنّ جميع ما تحت يدي خديجة من مال وعبيد ، قد وهبته لمحمّد{ص}يتصرّف به كيف يشاء. ولذا وقف ورقة بن نوفل بين زمزم والمقام ونادى بأعلى صوته قائلاً : يا معشر العرب ، إنّ خديجة وهبت لمحمّد{ص}نفسها ومالها وعبيدها وجميع ما تملكه بيمينها إجلالاً له وإعظاماً لمقامه ورغبة فيه. كما وهبت غلامها ( زيد بن حارثة ) وهبته للنبي{ص} فكانت خديجة المراة التي اندكت وذابت في سبيل الله ورسوله ورسالته . فاعطاها الله ما لا عين رات ولا اذن سمعت .. ومن معاجزها ان النبي دخل يوما فسمعها تتحدت والبيت خالي من النساء. فسالها فقالت الجنين يؤنسني .
// كانت تحدث امها وامها تكتمه // اذ النبي دخلا // فقال يا بنت خويلد لمن تحدثين والبت خلا // قالت الجنين في بطني غدا //يؤنسني حديثه قال بلا // انها ابنتي التي فقد بفضلها المماثلا// والله قد ان اليها وضعها // اربع نسوة اليها ارسلا// حتى يلين من خديجة // مما تلي النساء ولئلا تذهلا. ** لذلك كان رسول الله{ص}يودّها ويحترمها ، ويثني عليها ، ويفضلها على سائر نسائه ، بل على سائر النساء المؤمنات ويشاورها في أموره وهذه المشورة لم تشاركها امرأة اخرى.. وقد صرح أمير المؤمنين{ع} بهذه الكرامة ، في خطبته المسماة بالقاصعة جاء فيها :«لم يجمع بيت يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله{ص}وخديجة وأنا ثالثهما »ومن اعظم فضائلها هي أوّل امرأة صلّت لله عزّ وجلّ ..
وأقــام الرســول أول فــرض * فاقتـدت فيـه أحسن الاقتداءِ
وهي كانت لكل ما يتجلّى * من رسول الهدى من الرُقباءِ
فتــرى بالعيــان ما لا تــراه * من عظيــم الآيــات مقلة راءِ ............ وهي من الكاملات على لسان المصطفى{ص}إذ قال:« كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : مريم بنت عمران ، آسية بنت مزاحم ، خديجة بنت خويلد ، فاطمة بنت محمّد بن عبد الله » وصفها أبو طالب {ع}ذات يوم قائلاً : إنّ خديجة {ع}امرأة كاملة خطبها ملوك العرب ، ورؤساؤهم ، وصناديد قريش ، وسادات بني هاشم ، وملوك اليمن ، والطائف ، وبذلوا لها الأموال ، فلم ترغب فيهم رأت أنها أكبر منهم.
***اشتهار عن النبي{ص} في أوساط مكة تحدثوا في مجالسهم ودورهم قالوا: (ما رأينا رجلاً حزن على امرأة مثل محمد {ص} على وفاة خديجة
ذرِفت دموعك يابن عبد مناف زين الرجال وسيد الأشراف
رزي النبي بفقده لخديجة حتى تتابع دمعه بوكاف
يبكي خديجة دهره زين النسا الطاهرات جميلة الأوصاف
ــــــ النوايب ابد ماتنراد مره // تشيب الراس لمن تمر مره //ومحمد عام هذا الحزن مره// واخذ منه خديجه بهل مسيه ـــ
الليله ترحل يامحمد زهرة الكون واريجه // شلون حالك بالمصيبه من مشت عنك خديجه // تدري فرگتها تطول // شلون حالك يالرسول من مشت عنك خديجه // من مشت زهرة حياتك بيا گلب من ودعتها //شحال دمعك يامحمد على خدودك من شفتها //صاحبة رحلت جهادك قدر مكتوب وعفتها// بالدمع والنوح ادري الطاهره الحره ادفنتها
بت خويلد علم چانت والها يشهد كل فعلها /// طاهره امطهره وحره حي اسمها وحي اصلها // رادها النصرت محمد هو بارينه جعلها //وراد منها الزهره تطلع زهرة الدنيه واملها // خلي نذكرها وحزنها بالگلب والروح يكبر// بالمصاب الليله نصرخ ياخديجه الله واكبر//شلون حالك من عفتها ترحل وگلبك تفطر...
https://telegram.me/buratha
