الصفحة الإسلامية

آيات قرآنية في كتاب الامام الحسن السبط للسيد العذاري (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ للسيد سعيد كاظم العذاري: عن مقدمة الكتاب: والدين الخاتِم الذي تكفّل ببيان شخص القدوة، وحمّله ثقل الرسالة ومسؤوليتها، وأمر الناس ـ كل الناس ـ باتّباعه، وحذّرهم من معصيته، لأجل الحفاظ على رسالته الفتية لا يعقل أن يهمل تلك الرسالة بعده، ولا يحافظ على مستقبلها، ولا يعيّن من سيكمل تلك المسيرة، ويهدم كل ما بناه القدوة بترك الأمر للناس في اختيار القدوة الجديد كيفما يشاءون حتىٰ لو لم يمتلك الحدّ الأدنى من شخصية الرسول القائد صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله. وإذا كنّا نربأ بالقائد الحكيم أن يهمل أمر رعيته، فحاشا لله أن يهملا ذلك ولرسوله، ومن هنا لم يكن أحد من الصحابة يستفسر عن هذا الأمر الخطير بعد سماعهم وفي مواطن شتّى من سيخلف النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله في أُمته، بدءاً من يوم الدار وانتهاءً بمرضه الأخير الذي توفي فيه صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله. نعم.. كانوا يعرفون قادتهم بعد نبيهم صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وإنّهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، وإنّهم مع القرآن الكريم ثقلان لا يفترقان حتىٰ يردا على النبي الحوض، وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى، وانهم كباب حطّة من دخله غفر له، وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه منهم، أو لم تكن له بيعة لأحدهم مات ميتة جاهلية، وإن الأرض لا تخلو منهم طرفة عين، وإنهم حجج الله على عباده، وأُمناؤه على وحيه، وهم من أعلى الله تعالى ذكرهم، وأمر بولايتهم، وأوجب الصلاة عليهم، وفرض مودتهم، ومن كانوا من النبي والنبي منهم صلّى الله عليه وعليهم. ترى فمن عساهم أن يكونوا غير من قال الله تعالى فيهم: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الأحزاب 33). بلى.. إنهم عليهم‌ السلام أصحاب الكساء الخيبري وكفىٰ.

 

وعن الحسن والحسين عليهما السلام يقول السيد العذاري في كتابه: أنّ رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله يقطع خطبته وينزل عن منبره ليحتضن الحسن والحسين عليهما‌ السلام ويأخذهما معه إلى المنبر، لكي يستشعر الصحابة ويستشعر المسلمون مقام هذين السبطين. قال ابن كثير: (وقد ثبت في الحديث أنّه عليه‌ السلام بينما هو يخطب إذ رأى الحسن والحسين مقبلين فنزل إليهما فاحتظنهما وأخذهما معه إلى المنبر، وقال: صدق الله "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ" (الأنفال 28)، إنّي رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أملك أن نزلت إليهما، ثمّ قال: إنّكم لمن روح الله وإنّكم لتبجلون وتحبّبون). ومن مصاديق ومظاهر الاهتمام ما ورد عن أبي هريرة أنّه قال لمروان بن الحكم: (أشهد لخرجنا مع رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله حتى إذ كنّا ببعض الطريق سمع رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله صوت الحسن والحسين وهما يبكيان مع أمّهما، فأسرع السير حتى أتاهما فسمعته يقول لها: ما شأن ابْنَيَّ، فقالت: العطش، قال: فاختلف رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله إلى شنة يبتغي فيها ماء، وكان الماء يومئذ أغدار، والناس يريدون الماء، فنادى: هل أحد منكم معه ماء؟ فلم يبقَ أحد أخلف بيده إلى كلاَّبه يبتغي الماء في شنة، فلم يجد أحد منهم قطرة فقال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله: ناوليني أحدهما، فناولته إيّاه من تحت الخدر، فأخذه فضمّه إلى صدره وهو يطغو ما يسكت، فأدلع له لسانه فجعل يمصّه حتى هدأ أو سكن، فلم أسمع له بكاء، والآخر يبكي كما هو ما يسكت، فقال: ناوليني الآخر، فناولته إيّاه ففعل به كذلك، فسكتا). ومن خلال هذه الرواية نجد أنّ رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله قد أشبع حاجات الحسن والحسين بنفسه، وأبدى عناية واهتماما بهما أمام مرأى الصحابة ليبيّن عظمة هذين السبطين ومكانتهما من رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله.

 

وعن فضائل الإمام الحسن عليه‌ السلام وإمامته بقول السيد سعيد كاظم العذاري: آية التطهير: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الأحزاب 33): تظافرت التفاسير والروايات إلى أنّ المقصود بأهل البيت عليهم‌ السلام هم أهل بيت النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وهم: رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌ السلام. فقد روي عن أمّ سلمة وبطرق عديدة أنّها قالت: (لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله عليّا وفاطمة وحسناً وحسيناً فجلّل عليهم كساءً خيبرياً، فقال: اللهمّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أمّ سلمة: ألست منهم؟ فقال: أنت إلى خير). وهذه الآية الكريمة تدلّ على عصمة أهل البيت عليهم‌ السلام ومنهم الحسن عليه‌ السلام كما ورد في تفسيرها عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله حيث قال: (أنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب). وقال الإمام الحسن عليه‌ السلام في بعض خطبه: (وأنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل ينزل إلينا، ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً). وآية التطهير تؤكّد العناية والرعاية الإلهيّة الخاصّة والاستثنائية وذلك بإبعادهم عن الزلل والخطأ والإنحراف وهكذا أصبح أهل البيت عليهم‌ السلام الميزان الثابت الذي توزن به الأفكار والعواطف والممارسات، وتقوّم من خلاله الإشخاص والكيانات والأحداث والمواقف، فهم المرجع العلمي والسياسي والاجتماعي للناس جميعاً.

 

وعن آية المودة يقول السيد العذاري في كتابه: "قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ" (الشورى 23): أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق ابن جبير عن ابن عباس، قال: (لمّا نزلت هذه الآية . قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودّتهم قال: علي وفاطمة وولدها). وفي رواية أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قالوا: (يا رسول الله من هؤلاء الذين نودّهم ؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما). وعلّق القرطبي على ذلك قائلاً: (وكفى قبحاً بقول من يقول: إنّ التقرّب إلى الله بطاعته ومودّة نبيّه صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وأهل بيته منسوخ، وقال: قال النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله: من مات على حبّ آل محمد مات شهيداً، ومن مات على حبّ آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة، ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس اليوم من رحمة الله، ومن مات على بغض آل محمد لم يرَ رائحة الجنّة، ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له في شفاعتي). وهذا يوجِّه العقول والقلوب نحو أهل البيت عليهم‌ السلام ويشدّها لهم، ويؤكّد على أنّ أجر الرسالة هو محبّتهم الحقيقية، وهي دعوة للارتباط بهم فكرياً وعاطفياً وسلوكياً.

 

وعن آية الصلاة يقول السيد سعيد كاظم العذاري: "إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب 56): أخرج النسائي وغيره عن أبي هريرة، أنّهم سألوا رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله: كيف نصلّي عليك؟ قال: (قولوا اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم). والصلاة بتلك الكيفية جعلت أهل البيت عليهم‌ السلام مناراً وقدوة للأمّة، فمنهم يتلقّى المسلمون مفاهيم العقيدة وقيم السلوك وموازين التقييم، وهذا التلقّي هو مصداقٌ واقعي للصلاة عليهم، لأنّ الصلاة واجبة كما ورد في آراء الكثير من العلماء، حتى قال الشافعي: (من لم يصلِّ عليكم لاصلاة له). وقال الديلمي: (الدعاء محجوب حتى يُصَلَّىٰ على محمد وأهل بيته).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك