الصفحة الإسلامية

كلمات قرآنية لها علاقة بالألعاب الرياضية (السعي، تسعى) (ح 6)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قوله تعالى "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ" ﴿طه 20﴾ تسعى فعل، حَيَّةٌ تَسْعَى: تمشي بسرعة وخفة. فألقاها موسى على الأرض، فانقلبت بإذن الله حية تسعى، فرأى موسى أمرًا عظيمًا وولى هاربًا. قوله سبحانه "قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ" ﴿طه 66﴾ قال لهم موسى: بل ألقُوا أنتم ما معكم أولا فألقَوا حبالهم وعصيَّهم، فتخيل موسى مِن قوة سحرهم أنها حيات تسعى، فشعر موسى في نفسه بالخوف. قوله جل جلاله "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" ﴿يس 20﴾ يسعى فعل، يَسْعَى: يسرع في مشيه لنصرة قومه. وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع "وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم"، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله، اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة، وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده. وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قوله جل كرمه "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" ﴿الجمعة 9﴾ فَاسْعَوْا: فَ حرف واقع في جواب الشرط، اسْعَ فعل، وْا ضمير. قوله عز من قائل "ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ" ﴿النازعات 22﴾ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ: بادروا بالنية والجد، وليس العدو ولا سرعة المشي. يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا نادى المؤذن للصلاة في يوم الجمعة، فامضوا إلى سماع الخطبة وأداء الصلاة، واتركوا البيع، وكذلك الشراء وجميع ما يَشْغَلُكم عنها، ذلك الذي أُمرتم به خير لكم؛ لما فيه من غفران ذنوبكم ومثوبة الله لكم، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم فافعلوا ذلك. وفي الآية دليل على وجوب حضور الجمعة واستماع الخطبة. قوله علا شأنه "وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ" ﴿عبس 8﴾ يسعى فعل، جَاءَكَ يَسْعَى: جاءك مسرعا ليتعلم. وأمَّا من كان حريصا على لقائك، وهو يخشى الله من التقصير في الاسترشاد، فأنت عنه تتشاغل. ليس الأمر كما فعلت أيها الرسول، إن هذه السورة موعظة لك ولكل من شاء الاتعاظ. فمن شاء ذكر الله وَأْتَمَّ بوحيه. هذا الوحي، وهو القرآن في صحف معظمة، موقرة، عالية القدر مطهرة من الدنس والزيادة والنقص، بأيدي ملائكة كتبة، سفراء بين الله وخلقه، كرام الخلق، أخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة.

 

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ" ﴿طه 20﴾ أي: تمشي بسرعة وقيل صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس وجعلت تتورم حتى صارت ثعبانا وهي أكبر من الحيات عن ابن عباس وقيل أنه ألقاها وحانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إله الناظرون ويمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلقمها وتطعن أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فتجثها، وعيناه تتوقدان نارا وقد عاد المحجن عنقا فيه شعر مثل النيازك. فلما عاين ذلك ولى مدبرا ولم يعقب ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم نودي يا موسى ارجع إلى حيث كنت فرجع وهو شديد الخوف.

 

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ" ﴿طه 20﴾ "قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى" فلما ألقى العصا صارت حية تتحرك بجد وجلادة وذلك أمر غير مترقب من جماد لا حياة له وهو قوله: "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى" وقد عبر تعالى عن سعيها في موضع آخر من كلامه بقوله: "رآها تهتز كأنها جان" (القصص 31)، وعبر عن الحية أيضا في موضع آخر بقوله: "فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ" (الأعراف 107) (الشعراء 32) والثعبان: الحية العظيمة.

 

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ" ﴿طه 20﴾ "تسعى" من مادة السعي أي المشي السريع الذي لا يصل إِلى الركض. وهنا صدر الأمر لموسى "قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى". وفي الآية (31) من سورة القصص نقرأ: "وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ" (القصص 31). وبالرغم من أن خوف موسى هنا قد أثار التساؤل لدى بعض المفسّرين بأن هذه الحالة كيف تناسب موسى مع الشجاعة التي عهدناها لدى موسى، وأثبتها عملياً طوال عمره عند محاربته الفراعنة؟ إِضافة إِلى صفات وشروط الأنيباء بصورة عامّة. إِلاّ أنّ الجواب عن هذا السؤال يتّضح بملاحظة نكتة واحدة، وهي أن من الطبيعي أن كل إِنسان، مهما كان شجاعاً وغير هياب، إِذا رأى فجأة قطعة خشب تتحول إِلى حية عظيمة وتتحرك بسرعة، فلابدّ أن يرتبك ويخاف ولو لمدّة قصيرة ويسحب نفسه جانباً توقياً، إِلاّ أن يكون هذا المشهد قد تكرر أمامه مراراً، ورد الفعل الطبيعي هذا لا يكون نقطة ضعف ضد موسى أبداً. ولا تنافي الآية (39) من سورة الأحزاب حيث تقول: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ" (الأحزاب 39) فإِن هذا الخوف طبيعي ومؤقت وسريع الزوال أمام حادثة لم تحدث من قبل قط، وخارق للعادة.

 

جاء في صفحة كلمة وصورة عن لمشي والسعي والمسارعة: يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" .(الملك 15). ويقول سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " (الجمعة 9). ويقول: "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران 133). الله سبحانه وتعالى أيها الأخوة الصائمون أمرنا بالتحرك على ثلاثة مستويات هي المشي والسعي والمسارعة، فما الفرق بين كل منها ومتى طلبت كل واحدة. إن الله تبارك وتعالى قد أمر بطلب الرزق عن طريق المشي المعتاد لا عن طريق السعي الذي فيه المشي الحثيث بهمة بالغة، أي أمر بطلب الرزق مع الإجمال في الطلب، وذلك لأن الرزق مضمون بالمقادير الربانية من خلال تعاطي الأسباب الكونية، ضمن حدود ما قسم الله لكل إنسان. أما عند التوجه لذكر الله وعبادته، فقد أمر الله بطلبه عن طريق السعي، الذي فيه الهمة النفسية والنشاط والرغبة الشديدة التي تعبر عنها الحركة النشيطة، وذلك لأن ثواب الآخرة يتبع مقدار العمل في الدنيا، وليس مضمونا ضمانا منفصلا عن العمل، ولا مقسوما قسمة قدرية لا تزيد ولا تنقص، بل هو ثمرة تابعة بفضل الله لمقدار ما يكسب الإنسان من أعمال صالحات. لكن الله عندما طلب العمل لما يوجب المغفرة قال وسارعوا والمسارعة هنا أيها الأخوة أشد من السعي فالسعي يكون فيه حركة نشيطة بينما المسارعة ففيها التسابق والحركة السريعة جدا. فالله إذن حث الناس على طلب الرزق مشيا لأنه مقدر ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عن رب العزة سبحانه: (يا ابن آدم ! خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب؛ وفي أكثر منه فلا تطمع فإذا رضيت بما قسمت لك أرحت نفسك وكنت عندي محموداً، وإن لم ترض بما قسمت لك: فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كما يركض الوحش في البرية، ولا تنال منها إلا ما قسمت لك، وكنت عندي مذموماً.) أما عندما طلب منا ذكره وعبادته فقد طلب أن نقوم بذلك سعيا ومن ذلك قوله تعالى:" ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها، وهو مؤمن،فأولئك كان سعيهم مشكورا" (الأسراء 19). وقوله :" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى" (النجم 39-40). وقوله : "إن سعيكم لشتى" (الليل 4). لكن المسارعة تأتي في أعمال الطاعة بشكل عام فعلينا أن نسارع إلى المغفرة والجنة بطاعة الله وعدم معصيته، بالقيام بالفرائض والإكثار من النوافل، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك