الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: ودعوى: أن البعث الاعتباري يستتبع الانبعاث حين تحققه للتلازم بينهما عرفا، كملازمة البعث الخارجي للانبعاث حقيقة. ممنوعة، لان البعث والانبعاث الخارجيين متلازمان تلازم المتضايفين، فيمتنع انفكاك أحدهما عن الاخر عقلا، أما البعث الاعتباري بالخطاب بالتكليف فهو غير ملازم للانبعاث بمعنى فعلية الإطاعة لا عقلا ولا عرفا، لوضوح تخلفها عنه كثيرا، وإنما يلازم الانبعاث بمعنى إحداث الموضوع للإطاعة بالنحو الصالح للداعوية للعمل، أما نحو العمل المدعو إليه فهو تابع للمأمور به سعة وضيقا، فمع فرض ظهور إطلاقه في إرادة الطبيعة على سعتها لا وجه لكون البعث سببا لاحداث الداعي نحو خصوص بعض أفراده بالنحو الملازم للبدار. ولذا لا إشكال ظاهرا في عدم اقتضاء الامر بنفسه البدار لو كان الواجب موقتا بوقت واسع بناء على ما هو المعروف من إمكانه مع وضوح إمكان البدار للطبيعة المقيدة بالوقت المذكور كالطبيعة المطلقة. نعم، لو كان المدعى ظهور الصيغة أو نحوها في البعث نحو العمل بنحو البدار كان راجعا لتقييد المأمور به بالفرد السابق. لكن لا طريق لاثبات ذلك، بل المرتكزات تقضي بتمحضها في البعث نحو الطبيعة. فلا مجال لاستفادة الفور من نفس الخطاب. كما لا مجال لاستفادته من الامر بالمسارعة والاستباق في قوله تعالى: "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (الحديد 21) . بدعوى: أنه ليس المراد من المغفرة والجنة إلا سببهما ومنه فعل الواجبات، التي هي أيضا من الخيرات. لاندفاعها: بأن سببية فعل الواجبات للمغفرة والجنة وكونه من الخيرات - بناء على أن المراد بها الأخروية، كما هو الظاهر، وعليه يبتني الاستدلال في رتبة متأخرة عن تعلق الامر بها، فلا يصلح الامر بالمسارعة والاستباق إليها الذي هو متأخر رتبة عن سببيتها وعن صدق عنوان الخيرات عليها لتقييد المأمور به منها شرعا، بنحو يكون عدم المسارعة والاستباق مخرجا لها عن كونها سببا للمغفرة والجنة ومن الخيرات، لعدم الامر بها بدونهما. مع أنها لو حملت على الالزام المولوي لزم تخصيص الأكثر، لخروج الواجبات الموسعة والمستحبات، مع إباء عمومها ارتكازا عن التخصيص، كما نبه له غير واحد. ودعوى: أن خروجها تخصص لا تخصيص، لاستحالة وجوب المبادرة لما يجوز تركه، فلا يهم كثرته.
عن كتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: بما دل على الامر بالمسارعة للخير من الآيات "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" جاء في كتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: بما دل على الامر بالمسارعة للخير من الآيات "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" (الحديد 21).
وعن کتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: وحيث انتهى الكلام في معنى الطهور، فاعلم: أن ثبوت الطهوريه للماء في الجملة لا إشكال فيه، لتظافر الادلة به، وانما الكلام في ثبوت عموم يرجع إليه عند الشك، إما من حيث أفراد الماء، أو من حيث أنحاء الطهارة من الحدث والخبث. وربما استدل أو يستدل على ذلك بأمور. الاول: ويشكل الاستدلال به بوجهين أحدهما: أنه مختص بماء السماء الظاهر في خصوص المطر. ولا مجال لما في الجواهر من تتميمه بالإجماع المركب، لعدم ثبوت الاجماع على الملازمة بين أفراد الماء المحققة والمقدرة قي الحكم غير الاجماع لمتقدم على مطهرية الماء، وهو إجماع بسيط لا مجال للاستدلال به في مورد الشك والخلاف، كما لو فرض في ماء البحر أو الماء المصنع كيميائيا في المختبرات الحديثة. بل لو فرض من أحد الشك في مطهرية مثل ذلك فلا يظن منه الشك في مطهرية الماء في الجملة، وهو شاهد بعدم الاجماع على الملازمه المذكورة. ومثله ما ذ كره من أن جميع المياه أصلها من السماء، ولا يشمل مثل ماء البحر. ودعوى: أنه متجمع منها فلا يكون قسما آخر في مقابلها. كما ترى لأن صب الأنهار ونبع بعض العيون فيه لا يستلزم كون جميعه منها، ولا سيما مع كثرته بنحو يناسب استغناءه عنها، بل ظاهر بعض الآيات والروايات أن الماء أسبق خلقا من الأرض والسماء، والمتيقن منه ماء البحار. فراجع أوائل كتاب السماء والعالم من البحار. وأما الآية الثالثة فهي ظاهرة في نزول أمر كل شئ من السماء بمعنى تقديره فيها، نظير قوله تعالى: "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد" (الحديد 25)، وظاهر آية الطهورية النزول الحقيقي، كماء المطر. وثانيا: أنه لا عموم لآية الطهورية في طهورية كل ماء نازل من السماء، بل هي مختصة بقرينة الغاية بالماء الصالح للزراعة والشرب، وهو مختص بماء المطر وما يتفرع منه من مياه الآبار والعيون والأنهار. وثالثا: أنه ليس لآية الطهورية إطلاق أحوالي يقتضي عدم انفكاك الطهورية عن الماء النازل من السماء، بل ليس مدلولها المطابقي إلا طهوربته حين نزوله. نعم، لا إشكال في التعدي عنه في الجملة، لفهم عدم الخصوصية، أو بقرينة غلبة الانتفاع بماء المطر واستعماله بعد استقراره في الأرض وتجمعه فيها، والمتيقن من ذلك ما إذا لم يغفل العرف عن كونه ماء المطر النازل من السماء، كالماء المتجمع منه وماء السيل، دون مثل ماء العيون والآبار والأنهار مما لا ينسب عرفا للمطر وإن كان أصله منه، فضلا عن مثل ماء البحر ما لم يعلم بكون أصله منه.
https://telegram.me/buratha