الصفحة الإسلامية

دراسات عن مفهوم الثقافة في القرآن الكريم (ح 7)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم: لتعطشكم للمفاهيم الدينية وتشوقكم للثقافة الإسلامية، بسبب بعدكم عن بلادكم وغربتكم في تلك المجتمعات غير المسلمة، فتتلقفون كل ما يصل إليكم، وتتفاعلون معه لأول وهلة. فإن هذه الأمور بمجموعها تجعل منكم أرضية صالحة لتقبّل تلك الأفكار أو التأثر بها أو الارتباك بسببه. حيث تزامن ذلك منهم مع ظهور الإسلام والتشيع الفاعل في الساحة العالمية، وتهديدهما لمصالـح قوى الكفر والشر، وتكالب تلك القوى ضدهم، وتحالفها على محاربتهما مادياً وإعلامي، وبوجه مكشوف في بعض الحالات. ولاسيما مع ما يتمتع به أصحاب تلك الأفكار والتصريحات من حرية الحركة وما يملكونه من قوة إعلامية هائلة، بينما نرى الأفكار الأصيلة فقيرة مادياً وإعلامياً ومحاصرة نسبي. وثانياً: بالرجوع إلى مصادر المعرفة والنظر في أدلتنا بموضوعية وإنصاف، ولو بالاتصال بمراكز الثقافة الدينية والحوزات الشريفة، والاستعانة بأهل البحث والتحقيق، من أجل معرفة تلك الأدلة والوصول إليه، لتتضح الحقيقة بجلاء، ولتكون عاقبة ذلك ثبات العقيدة عن بصيرة تامة، وحجة كافية، فإن عقيدتنا بحمد الله تعالى غنية بذلك "وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمـُؤْمِنِينَ سَبِيلاً" (النساء 141). وإن من أعظم ما يعينكم على معرفة الحقيقة وجلائها هو الاطلاع على أحاديث أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام وسيرتهم، فإنها تعكس صورة جلية عن واقعهم الذي عاشوه، وخطهم المستقيم الذي ساروا عليه، ومفاهيمهم الحقة التي تبنوه، وتبعهم شيعتهم فيه، يصعب معها التحريف والتشويه. ومن ثم أكدنا على ذلك فيما سبق.

عن ثقافة التسامح قال الله سبحانه "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الانعام 108) جاء في صحيفة انباء عن التسامح في الاسلام للكاتب عقيل يوسف عيدان: وهكذا بات واضحاً أن التسامح الديني مطلب إنساني نبيل دَعَت إليه الأديان كافة دون استثناء، وكيف لا تدعو إليه وقد أرادته الحكمة الإلهية واقتضته الفِطرة الإنسانية واستوجبته النشأة الاجتماعية وفرضته المجتمعات المدنية وتُحتّمه ثقافة العولمة وما تحتاج إليه من قِيَم حضارية ومَدنية نبيلة. والمهم أيضاً، أن الإشكال ليس في الأديان ذاتها وإنما هو كامن في عُقم إفهام بعض القائمين عليها ولا زالت المفارقات بين المبادئ والممارسات الواقعة هنا وهناك لا تُحصى. أليس هناك إجماع على أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ومع ذلك فإننا نجد من التفاسير ما لم تحرص على شيء حرصها على إظهار الإسلام في شكل لا يقدر على تطبيقه إلاّ من أَلِفَ العيش في مغاور جبال أفغانستان ؟ ألم يكن هناك إجماع على أن الإسلام دين ينبذ الغلظة والفضاضة والجفاء ويحض على اللين والرّفق والسماحة والتيسير ويأمر بالتحابُب والتوادُد والتراحم والتآلف ويعترف بوجود الآخر ويُقر حقّه في التَّديّن ويُقدّر اختياره ويدعو إلى احترام ما ارتضاه من خصوصية وإلى التعامل معه بلطف وإحسان وينهى عن سبّه والتحرّش بدينه، ولكن هل لدى الخطاب الديني المتشنّج من براعة سوى إمطار المخالفين من داخل دينه وخارجه بالقذائف الجارحة التي لا تحصى ولا تُعد؟ إن التسامح الديني يتطلّب الاحترام المتبادل ويقتضي التخلّي عن الأساليب الدوغمائية والإقصَائية. إن الأقوال من قبيل. الحروب المقدسة والحروب الصليبية، نحن وحدنا على طريق الحق والخير، وغيرنا شرير وفاسد، كافر، ملحد، مهرطق، لائكي، عَلماني.. وغيرها، لغة لا يستسيغها التعامل المدني الراهن (اليوم)، ومع ذلك قد استعملت حتى من قِبَل من كنّا نعدّهم حضاريين. وعلى كُلّ فإنها تنتمي إلى صراع حالك من التاريخ. وإذا كانت الغاية من دراسة التاريخ البحث عمّا وقع فيه من إيجابيات، أليس حريّاً بنا أن نتأسّى بما حصل فيه من تجارب مُشرقة.

عن الثقافة البيئية يقول الشيخ ياسر الرحيم في ملتقى الخطباء: ومن صور الأذى للجيران الذي قد تغيب عن أذهان بعض الناس أو يتساهلون فيها وهي مرتبطة بمسألة النظافة رمي القمامة في الشوارع في غير أماكنها الخاصة، أو عند بعض البيوت، أو يرميها بجانب برميل القمامة، فتتكاثر الأوساخ وتنبعث الروائح الكريهة مؤذية للجيران حولها وتكثر الحشرات مما يزعج الساكنين ويؤذي العاملين في النظافة الذين يتعبون في جمع هذه المخلفات من هنا وهناك. وإنك لتعجب من بعض الناس يخرج من بيته بقمامته فيسير عشرات الأمتار إلى أن يصل قرب الصندوق المخصص وما بينه وبينه إلا مسافة قصيرة فيرمي بكيسه بعيداً عن البرميل أو بجانبه، ويأتي آخر فيعمل مثله في صورة تعكس ثقافة التخلف الذي تعيشها، وللأسف المجتمعات المسلمة في بعد عن ما وصى الله به من الطهارة والنظافة وحفظ حقوق المسلمين، وعدم الإضرار بهم، وبعض الناس قد يرسل أطفاله برمي القمامة، فهؤلاء ينبغي أن يرشدوا أبناءهم إلى وضعها في أماكنها المخصصة، وهذا من التربية السليمة على الفضائل والمحاسن. وإن من صور التواصي بالحق أنك إذا رأيت شخصاً يرمي بفضلاته ومخلفاته في غير موضعها أن تنهاه عن ذلك وتزجره وهذا من تمام الولاية بين المؤمنين: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة 71).

عن الثقافة القرآنية يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي في الصفحة الاسلامية لوكالة انباء براثا حول المصطلحات القرآنية و اختلاف اللفظ: المهمة الرئيسية للرسول صلى الله عليه و اله و سلم هو أن يتلو الكتاب على الناس، يعلمهم هذا الكتاب، عمله كله يدور حول القرآن الكريم، يتلو عليهم الكتاب، "يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ" (الجمعة 2) التي هي القرآن وكان يشرح كل فقرة وكل كلمة. لم يجعل تعلم القران تعلم التجويد ومخارج الحروف واستعراض الاصوات. "وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" (الجمعة 2) الحكمة عادةً يقول بعض المفسرين أنها السُنة. يسمونها سنة النبي. الحكمة أن تكون تصرفاتهم حكيمة، أن تكون مواقفهم حكيمة ،أن تكون رؤيتهم حكيمة. الحكمة تتجسد بشكل مواقف, ورؤى ، وأعمال ، كل هذا وعياً راقياً ونصرا وغلبة النفس. ليست الحكمة هي السنُّة كما يقول بعض المفسرين لأن الله قال في آية أخرى لنساء النبي "وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ" (الاحزاب 34). هل معنى ذلك أنهن يقرأن أحاديث في البيوت؟ أو يذكرن ما يتلى من أحاديث في بيوتهن فهل كان الحديث يتلى كما يتلى القرءان؟ .ولم تكتب الاحاديث بعد. حقيقة القرآن الكريم ان فيه أشياء كثيرة وواضحة لأذكر لك اية منها "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ" (الاسراء 39) فالحكمة لا تعني سُنة إطلاقاً. رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم مُهمتُه أن يعلم الناس القرآن بما فيه من آيات. عدنا إلى الأمية من جديد، بينما الله سبحانه وتعالى كان قد أنقذنا من تلك الأمية لمّا كنا بدائيين لا ثقافة، لا تعليم، لا وعي، عدنا من جديد إلى الأمية على الرغم من وجود القرآن الكريم فيما بيننا، على الرغم من أننا نقرأ ونكتب، ومدارس متعددة وصحف ومجلات ومكتبات عامة والجامعات. اذن لما نتعلم الكتاب والحكمة اي ان تكون ثقافتنا ثقافة قرآنية، وحين نتكلم على المنابر يكون عنوان حديثنا ان نعلم الكتاب والحكمة. فالقران لا ينحصر بالقراءة القرآن واسع جداً، وعظيم وصفه الإمام علي عليه السلام (بحر لا يُدرَك قعره). والان هذه الفترة ترك المسلمون المعنيون تفسير القران بامتياز. فضاعت الأمة بضياع تعلم الكتاب والحكمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك