الصفحة الإسلامية

زينب عليها السلام والقرآن الكريم


الدكتور فاضل حسن شريف

الصابر تنزل عليه رحمة الله كما قال الله جل جلاله "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (البقرة 156-157) كما ظهر في صمود زينب عليها السلام عند الشدائد وهي القائلة (ما رأيت الا جميلا)، وكما قال يعقوب عليه السلام "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" (يوسف 18). قال الامام الحسين عليه السلام (صبراً بني الكرام، فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم). وهي مثال للمؤمنة الصابرة وقت السبي ومجابهتها لطغاة زمانها وفضحهم لما اقترفوه من اثام يندى لها جبين الانسانية. ولكن ماذا نقول لاعداء امام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام الذي لم يسبي النساء. يقول الامام علي عليه السلام (الصبر يهوّن الفجيعة). ويقول الامام الصادق عليه السلام (إن الله ينزل الصبر على قدر المصيبة).

يقول حميد بن مسلم رأيت مرأة واقفة على باب خيمة والنار تستقر بأطراف الخيمة، فقلت لها: امة الله النار، فقالت له: يوجد عليل في هذه الخيمة تعني الامام زين العابدين عليه السلام، دخلنا فوجدناه لا يستطيع النهوض من شدة المرض، فجرد الشمر سيفه ليقتله فجاءت عمته زينب عليها السلام ورمت بنفسها عليه، ودخل عمر بن سعد فقال لشمر دعه وشأنه. ويكتب القلم فلولا شجاعة زينب عليها السلام لكان اللعين شمر قد قتل الامام علي زين العابدين عليه السلام. يقول الله جل جلاله "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ" (البقرة 207).

من خطبة السيدة زينب بنت علي عليها السلام في الكوفة: (أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، يَا أَهْلَ الْخَتْلِ‏ وَالْغَدْرِ وَالْخَذْلِ، أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ، وَلَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ، كَمَثَلِ الَّتِي‏ نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً، تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ.‏ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ‏، وَالْعُجْبُ، وَالشَّنَفُ،وَالْكَذِبُ، وَمَلَقُ الْإِمَاءِ، وَغَمْزُ الْأَعْدَاءِ، أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ، أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ، .أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ، أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَفِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ٠ أَتَبْكُونَ أَخِي، أَجَلْ وَاللَّهِ فَابْكُوا، فَإِنَّكُمْ أَحْرَى بِالْبُكَاءِ، فَابْكُوا كَثِيراً، وَاضْحَكُوا قَلِيلًا، فَقَدْ أَبْلَيْتُمْ بِعَارِهَا، وَمَنَيْتُمْ بِشَنَارِهَا،وَلَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَدا، وَأَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَلَاذُ حَرْبِكُمْ، وَمَعَاذُ حِزْبِكُمْ، وَمَقَرُّ سِلْمِكُمْ، وَآسِي كَلْمِكُمْ‏، وَمَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ، وَالْمَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُقَاتَلَتِكُمْ، وَمَدَرَةُ حُجَجِكُمْ،‏وَمَنَارُ مَحَجَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ، وَسَاءَ مَا تَزِرُونَ، لِيَوْمِ بَعْثِكُمُ، فَتَعْساً تَعْساً، وَنَكْساً نَكْساً، لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ، وَتَبَّتِ الْأَيْدِي، وَخَسِرَتِ الصَّفْقَةُ، وَبُؤْتُمْ‏ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، وَضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ٠ أَتَدْرُونَ، وَيْلَكُمْ، أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَرَثْتُمْ، وَأَيَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ،وَأَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ، وَأَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ، وَأَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ‏، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ‏، وَتَخِرُّ الْجِبالُ، هَدًّا لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا، شَوْهَاءَ، صَلْعَاءَ، عَنْقَاءَ، سَوْدَاءَ، فَقْمَاءَ، خَرْقَاءَ، كَطِلَاعِ الْأَرْضِ، أَوْ مِلْ‏ءِالسَّمَاءِ.)

زينب عليها السلام (ما رأيت الا جميلا) لانها تثق بالله كما قال يعقوب عليه السلام "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" (يوسف 18). جاء في موقع مؤسسة وارث الانبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية عن تجلي ايات القرآن الكريم في سيرة الامام الحسين عليه السلام للكاتب علي كريم: الآيات الدالة على وجوب الثبات والمقاومة: أوصى القرآن الكريم الناس في موارد مختلفة بضرورة الاستقامة والصبر في مقابل المشاكل والمكاره، ففي موضع يقول مثلاً: "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ" (هود 112)، وفي موضع آخر يقول: "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ" (البقرة 45)، وقد أكّدت الأحاديث الإسلامية كذلك بشدّة أهمّية الصبر والاستقامة في العبادة، وتحمّل المشاكل. دعا أُخته زينب عليها السلام إلى الصبر.. وجاء في موقع كتابات في الميزان عن هل يتمنّى المؤمنُ الموت؟ للكاتب شعيب العاملي: أما الحوراء زينب.. فقد رأت ما يفتُّ الصَّخر.. فصَبَرَت وتَحمَّلَت وأدَّت دورَها على أعظم ما يكون. لكنَّها تَمَنَّت قبل ذلك أنَّها ماتت دون أن ترى ما سيجري. فانتهت إلى الحسين عليه السلام ليلة العاشر وقالت له: وَا ثُكْلَاهْ لَيْتَ المَوْتَ أَعْدَمَنِي الحَيَاةَ، الْيَوْمَ مَاتَتْ أُمِّي فَاطِمَةُ، وَأَبِي عَلِيٌّ، وَأَخِي الْحَسَن.

جاء في موقع طريق الفضيلة عن أبو الفضل ومنزلته عند السيّدة زينب: وأمّا منزلة العبّاس عليه السّلام عند السيّدة زينب عليها السّلام فقد ظهر منذ ولادتها عليها السّلام، فكانت بعد اُمّه اُمّ البنين عليها السّلام هي كالأم الحنون له، تناغيه في المهد، وتربّيه في أحضانها، وتغذّيه بعلمها ومعرفتها. ممّا زاد في مقام أبي الفضل العبّاس عليه السّلام عند أخته السيّدة زينب عليها السّلام، وأضاف في منزلته لديها، حتّى أنّها عليها السّلام طلبت من أبيها عند ارتحاله على ما في بعض الكتب بأن يتكفّلها أخوها أبو الفضل العبّاس عليه السّلام، ويلتزم بحمايتها وحراستها، وخاصّة في كربلاء، وعند السفر إليها. فدعا عليه السّلام ولده أبا الفضل العبّاس عليه السّلام ، وأخذ بيد ابنته الكبرى السيّدة زينب عليها السّلام ووضعها في يده عليه السّلام، وقال له: (بني عبّاس هذه وديعة منّي إليك، فلا تقصّر في حفظها وصيانتها). فقال العبّاس عليه السّلام لأبيه عليه السّلام ودموعه تجري على خديه: لأنعمنّك يا أبتاه عيناً. وكان أبو الفضل العبّاس عليه السّلام بعد ذلك يهتمّ باُخته الكبرى السيّدة زينب عليها السّلام أكثر من ذي قبل، ويرعاها أشدّ رعاية من الماضي، وخاصّة في أسفارها التي اتّفقت لها عليها السّلام بعد ذلك. فإنّ أوّل سفرها عليها السّلام كان في أيّام خلافة والدها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الظاهرية، حيث هاجر عليه السّلام من المدينة إلى الكوفة وجعلها مقرّاً لخلافته، فهاجرت هي عليها السّلام إليها أيضاً. وأمّا أسفارها الباقية، وهي عبارة عن سفرها مع أخيها الإمام المجتبى الحسن الزكي عليه السّلام إلى المدينة المنوّرة، والرجوع إلى مدينة جدّها صلّى الله عليه وآله، وكذلك سفرها مع أخيها الإمام الحسين عليه السّلام حين خروجه على يزيد بن معاوية عدوّ الله وعدوّ رسوله من المدينة إلى مكّة ومنها إلى كربلاء، فكان أبو الفضل العبّاس عليه السّلام هو الذي تكفّل ركوبها ونزولها وتعهّد حراستها ورعايتها في طوال الطريق، وخاصّة عند نزولها في كربلاء، وعلى الأخصّ في الأيّام الصعبة والظروف العصيبة التي أحاطت بهم في كربلاء من كلّ جانب وإلى يوم عاشوراء. ولذلك لمّا أراد الأعداء السفر بها وببقية السبايا إلى الكوفة ومنها إلى الشام، وأحضروا النياق الهزّل الخالية عن الوطاء، والعارية عن المحامل ليركبوهم عليها ويعرجوا بهم من ربوع كربلاء، التفتت السيّدة زينب عليها السّلام نحو العلقمي وصاحت برفيع صوتها، والأسى يقطّع نبرتاها: أخي عبّاس أنت الذي من المدينة أركبتني وها هنا أنزلتني، قم الآن فركّبني، فها هي نياق الرحيل تجاذبنا بالمسير .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك