الصفحة الإسلامية

روايات عن واقعة غدير خم في تفسير الأمثل للشيخ الشيرازي (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الغدير (الحمد للّه و نستعينه و نؤمن به، و نتول عليه، و نعوذ به من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضلّ، و لا مضلّ لمن هدى، و أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنّ محمّدا عبده و رسوله. مّا بعد: أيّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبيّ إلّا مثل نصف عمر الذي قبله، و إنّي أوشك أن أدعى فأجيب، و إني مسئول و أنتم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلّغت و نصحت و جهدت فجزاك اللّه خيرا. قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللّه، و أن محمّدا عبده و رسوله، و أن جنّته حقّ، و ناره حقّ، و أن الموت حقّ، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللّهم اشهد، ثمّ قال: أيّها الناس ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. ثمّ ساد الجوّ صمت عميق، و لم يسمع فيه سوى أزيز الرياح. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين). فنادى مناد: و ما الثقلان، يا رسول اللّه؟ قال: الثقل الأكبر كتاب اللّه طرفّ بيد اللّه عزّ و جلّ، و طرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلّوا، و الآخر الأصغر عترتي، و إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا. ثمّ أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما، و عرفه القوم أجمعون، فقال: أيّها النّاس: من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم. قال: إنّ اللّه مولاي، و أنا مولى المؤمنين، و أنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، يقولها ثلاث مرات، و في لفظ الإمام أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات. ثمّ قال: (اللّهم و ال من والاه، و عاد من عاداه، و أحبّ من أحبّه، و أبغض من أبغضه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، و أدر الحقّ معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب). ثمّ لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي اللّه بقوله: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي" (المائدة 3) الآية. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: (اللّه أكبر على إكمال الدين، و إتمام النعمة، و رضى الرّب برسالتي و الولاية لعلي من بعدي). ثمّ طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين عليه السّلام و ممن هنّأه أبو بكر و عمر كلّ يقول: بخّ بخّ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت و أمسيت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة. و قال ابن عباس: وجبت و اللّه في أعناق القوم.

أنّ العلّامة الأميني رحمه اللّه ينقل في كتابه «الغدير» حديث الغدير عن 110 من صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع اسنادها، و عن 84 من التابعين، و عن 360 من العلماء و الأدباء المسلمين المعروفين بما لا يدع مجالا للشك في أنّ حديث الغدير واحد من أوثق الأحاديث المتواترة، و لئن شك أحد في تواتر هذه الرّوايات فإنّه لا يمكنه أن يقبل أي حديث متواتر آخر. حادثة الغدير بايجاز: على الرغم من أنّ الرّوايات التي تذكر هذه الحادثة كثيرة و هي تصف واقعة بعينها، فإنّ الرّوايات التي عبّرت عنها متنوعة، فبعض هذه الرّوايات مسهب مطوّل، و بعضها الآخر موجز مكثف، و بعضها يتناول جانبا معينا من الحادثة، و من مجموع تلك الرّوايات و من التّأريخ الإسلامي و من ملاحظة القرائن و الظروف المحيطة بوقوعها و بمكانها يتبيّن ما يلي: أنّه في السنة الأخيرة من حياة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أدّى المسلمون مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حجّة الوداع في عظمة و جلال، و كان لهذه الحجة أثر كبير في النفوس، و بعد انتهائها أحاطت بالقلوب هالة من السموّ الروحي، و تشرّبت في الأعماق لذّة هذه العبادة الكبرى. و كانت الجموع الغفيرة من المسلمين المشاركين في تلك الحجّة يكادون يطيرون فرحا لهذه السعادة الكبرى التي شرفهم اللّه بها. لم يكن أهل المدينة وحدهم قد رافقوا النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في هذه الحجة، بل التحق بركبه مسلمون توافدوا من سائر أنحاء الجزيرة العربية لينالوا شرف الصحبة في هذه الحجّة. كانت الشمس ترسل أشعتها اللافحة المحرقة على الوديان و السهول لكن لذّة هذا السفر الروحي يسّرت كل شي‌ء. اقترب وقت الظهيرة، و اقترب الركب الكبير من أرض الجحفة، و ظهرت من بعيد أرض (غدير خم) القاحلة الجافة المحرقة.

كانت المنطقة، في الحقيقة تقع على مفترق طرق أربع حيث كان على الحجيج أن يتفرقوا إلى الوجهة التي يقصدونها فطريق يتجه إلى المدينة نحو الشمال، و آخر يوصل إلى العراق شرقا، و طريق الغرب يتجه إلى مصر، و طريق الجنوب يصل إلى اليمن. هاهنا كان لا بدّ أن يتحقق أهم فصل من فصول هذه الرحلة و آخر ذكرياتها. و كان على المسلمين أن يتلقوا آخر تكليف لهم، أو المرحلة النهائية من المهمات الناجحة التي اضطلع بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قبل أن‌ يتفرقوا إلى حال سبيلهم. كان يوم الخميس من السنة العاشرة للهجرة، و قد مضت ثمانية أيّام على عيد الأضحى، و إذا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصدّر أمره للحجيج بالتوقف، فراح المسلمون يتنادون الذين في مقدمة الركب أن يعودوا، و انتظروا حتى يلتحق بهم من كان في المؤخرة أيضا. كان الشمس قد تخطت نقطة الزوال، و صعد مؤذن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينادي في الناس لصلاة الظهر، و أخذ الناس يستعدون مسرعين لأداء الصّلاة. كانت الرياح لافحة محرقة، حتى اضطر بعضهم إلى أن يضع قسما من عباءته تحت قدميه و قسما منها فوق رأسه كي يتقي حرارة الحصى و أشعة الشمس. ما كان في تلك الصحراء ما يستظل به، و لا ما تستريح إليه العين من خضرة الأعشاب، اللّهم إلّا بضع شجيرات عجاف عارية تصارع حرارة الجو صراعا مريرا. كان جمع قد لجأ إلى هذه الشجيرات و نشر رداءه عليها ليستظل به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، إلّا أنّ الرياح الساخنة كانت تعصف بتلك المظلة فتنشر تحتها حرارة الشمس الحارقة. انتهت صلاة الظهر. و هرع الحجيج يريدون نصب خيامهم الصغيرة التي كانوا يحملونها معهم يلوذون بها من حر الهاجرة. إلّا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبرهم أنّ عليهم أن يستعدوا لسماع رسالة إلهية، جديدة في خطبته، و كان الذين يقفون على مسافة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يستطيعون رؤيته، لذلك‌ صنعوا له منبرا من أحداج الإبل ارتقاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و انبرى حسان بن ثابت، شاعر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يستأذنه في تخليد ذكرى هذه الحادثة في شعره، فقال: يناديهم يوم الغدير نبيّهم‌ * بخم و أسمع بالرّسول مناديا فقال: فمن مولاكم و نبيّكم؟ * فقالوا، و لم يبدوا هناك التعاميا إلهك مولانا و أنت نبيّنا * و لم تلق منا في الولاية عاصيا فقال له: قم يا عليّ فإنّني‌ * رضيتك من بعدي إماما و هاديا فمن كنت مولاه فهذا وليه‌ * فكونوا له أتباع صدق و واليا هناك دعا: اللّهم وال وليه‌ * و كن للذي عادى عليا معاديا. نقل هذه الأبيات جمع من كبار علماء أهل السنة، منهم: الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، و الحافظ أبو سعيد السجستاني، و الخوارزمي المالكي، و الحافظ أبو عبد اللّه المرزباني، و الكنجي الشافعي، و جلال الدين السيوطي، و سبط بن الجوزي، و صدر الدين الحموي، و غيرهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك