الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة: يمكن تعريف المد بشكل عام على أنها هي عبارة عن عملية إطالة حرف المد بعدد معين من الحركات والذي يتمثل في كل من حركتين أو أربع حركات أو ست حركات، وهناك فرق واضح بين كل من المد الطبيعي والمد الفرعي. المد الطبيعي: عبارة عن إثبات ذات الحرف، ويكون بمقدار حركتين. المد الفرعي: أن يأتي بعد حرف المد حرف همز أو ساكن. قال الله تعالى في سورة التوبة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الواو لورود الهمزة بعده) إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة 28)، و "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود حرف مشدد بعده) كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود حرف مشدد بعده) وَاعْلَمُوا (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الواو لورود الهمزة بعده) أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (التوبة 36).
سؤال: هل تجب قراءة القرآن بالتجويد وأحكامه؟ وهل يأثم الشخص بعدم الالتزام بالتجويد أثناء قراءة القرآن؟ جواب: حسب رأي السيد السيستاني: لا تجب ولا يأثم. قال الله جل جلاله في سورة التوبة "إِنَّمَا النَّسِيءُ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الياء لورود الهمزة بعده) زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الواو لورود الهمزة بعده) أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (التوبة 37)، و "لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ" (التوبة 48)، و "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة 60)، و "لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" (التوبة 66).
جاء في غايه المريد في علم التجويد للمؤلف عطية قابل نصر: أقسامُ المدِّ: المد قسمان: 1- مد أصلي، 2- مد فرعي. المد الأصلي: يسمى بالمد الطبيعي: هو الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به، ولا تستقيم الكلمة إلا بوجوده، ويكفي فيه وجود أحد حروف المد الثلاثة وليس قبلها همز أو بعدها همز أو سكون. ومقدارُ مدِّهِ: حركتان والحركة بمقدار قبض الأصبع أو بسطه بحالة متوسطة ليست بسرعة ولا بتأنٍّ. سببُ تسميتِهِ أصليًّا: يسمى مدًّا أصليًّا لأصالته بالنسبة إلى غيره من المدود؛ وذلك لثبوته على حالة واحدة وهي مد حركتان فقط، ولأن ذات الحرف لا تقوم إلا به، ولعدم توقفه على سبب من الأسباب التي ستذكر عند الكلام على المد الفرعي. ويسمى أيضًا طبيعيًّا؛ لأن صاحب الطبيعة السليمة لا يزيده ولا ينقصه عن حركتين. ورد المد المتصل في سورة التوبة في قوله عز وجل "كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا (~: لزوم المد المنفصل الزائد في حرف الواو لورود الهمزة بعده) أُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) هُمُ الْخَاسِرُونَ" (التوبة 69)، و "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة 71).
جاء في الموسوعة الحرة: المد المتصل أو المد الواجب المتصل هو: أن يأتي الهمز بعد المد مباشرة في كلمة واحدة، سواء كان الهمز في وسط الكلمة أو كان في آخرها، فمثال ما كان في وسط الكلمة: "السرائر" "هنيئا" "والملائكة" "السائل"، ومثال ما كان في آخر الكلمة: "السماء" "يشاء" "الدعاء". وسمي متصلا لاتصال الهمز بالمد مباشرة في كلمة واحدة. وحكمه هو وجوب زيادة المد على المد الطبيعي الأصلي بالاجماع، وإن تفاوت مقدار المد عند الأئمة، أي أنه لم يرد عن أحد منهم أنه قصر المد المتصل بمقدار حركتين، ولهذا سمي مدا واجبا. وحكمه عند حفص أنه يمد بمقدار أربع أو خمس حركات، ويجوز له المد من رد الطيبة مدا مشبعا بمقدار ست حركات أخذا من قول الإمام ابن الجزري في طيبته: أو اشبع ما اتصل للكل عن بعض. ولابد من تسوية المدود أيضا كما أشار إلى ذلك بقوله: واللفظ في نظيره كمثله. ومما سبق يتبين أن مد البدل والمد المتصل يشتركان في وجود الهمز والمد في كلمة واحدة، إلا أن الهمز في البدل متقدم على مده عكس المتصل الذي يأتي همزه بعد المد، كما أن المد البدل جائز بينما المد المتصل واجب عند جميع الأئمة. ونذكر هنا أن المد المتصل إذا وقع في آخر الجملة سمي مدا متصلا عارضا للسكون فتارة يكون منصوبا مثل كلمة "الماء" من قول القرآن "فأنزلنا به الماء" وإما أن يكون مجرورا مثل كلمة "الْمُسِيءُ" من قول القرآن "وَلَا الْمُسِيءُ" وإما أن يكون مرفوعا مثل " بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ". ولكل نوع من هذه الأنواع أحكاما بالنسبة للوقف عليها بالسكون المجرد أو بالروم أو بالإشمام. الأمثلة التالية تبين مواضع المد المتصل في سورة التوبة في قوله سبحانه "فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" (التوبة 82)، و "لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (التوبة 88)، و "وَجَاءَ (~: لزوم المد المتصل الزائد في حرف الالف لورود الهمزة بعده) الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (ج: جواز الوقف) سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (التوبة 90).
https://telegram.me/buratha
