الصفحة الإسلامية

هبوط آدم عليه السلام ومفهوم الهبوط في القرآن الكريم (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

لاشك أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن ينزل أو يصعد أحد من مخلوقاته من أو الى أي سماء حتى السماء السابعة وهذا ما حصل للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعيسى عليه السلام وجبرائيل والملائكة والجن، ومن مدينة الى أخرى برمشة بصر. وليس شرطا واجبا أن يحصل هذا مثلا مع آدم وحواء عليهما السلام وربما حصل كذلك. وكل هذا ليس مهم من قصص الأنبياء وانما المهم العبرة من القصة كعدم اتباع خطوات الشيطان، وضرورة الاستغفار عند الخطأ، والسجود لبني البشر اذا أمر الله تعالى بذلك، وغير ذلك. وعند حصول أختلاف في التفاسير والروايات نذهب الى آيات أخرى من القرآن لنعرف معنى الهبوط فنرى آية تقول أهبطوا من مكان الى آخر اقل شأنا في الأرض. ولغويا يأتي ايضا مصطلح الهبوط في القيمة كهبوط سعر الدينار، أو الهبوط بنظر العين بسبب تصرف وهكذا. ورد أن صعودا بضم الصاد مصدر صعد مثلا الصعود في الوظيفة، وهو عكس الهبوط مثلا صعود السيد المسيح الى السماء بمعنى الرفع "إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" (ال عمران 55).

جاء في معاني القرآن الكريم: هبط الهبوط: الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر، والهبوط بالفتح: المنحدر. يقال: هبطت أنا، وهبطت غيري، يكون اللازم والمتعدي على لفظ واحد. قال تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية الله" (البقرة 74) يقال: هبطت وهبطته هبطا، وإذا استعمل في الإنسان الهبوط فعلى سبيل الاستخفاف بخلاف الإنزال، فإن الإنزال ذكره تعالى في الأشياء التي نبه على شرفها، كإنزال الملائكة والقرآن والمطر وغير ذلك. والهبوط ذكر حيث نبه على الغض نحو: "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو" (البقرة 36)، "فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها" (الاعراف 13)، "اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم" (البقرة 61) وليس في قوله: "فإن لكم ما سألتم" (البقرة 61) تعظيم وتشريف، ألا ترى أنه تعالى قال: "وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله" (البقرة 61)، وقال جل ذكره: "قلنا اهبطوا منها جميعا" (البقرة 38) ويقال: هبط المرض لحم العليل: حطه عنه، والهبيط: الضامر من النوق وغيرها إذا كان ضمره من سوء غذاء، وقلة تفقد.

جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" (البقرة 74)، وهبوط الحجارة ما نشاهد من إنشقاق الصخور على قلل الجبال، وهبوط قطعات منها بواسطة الزلازل ، وصيرورة الجمد الذي يتخللها في فصل الشتاء مائا في فصل الربيع إلى غير ذلك ، وعد هذا الهبوط المستند إلى أسبابها الطبيعية هبوطا من خشية الله تعالى لان جميع الاسباب منتهية إلى الله سبحانه فإنفعال الحجارة في هبوطها عن سببها الخاص بها إنفعال عن أمر الله سبحانه إياها بالهبوط، وهي شاعرة لامر ربها شعورا تكوينيا ، كما قال تعالى : "وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ" (الاسراء 44)، وقال تعالى "كل له قانتون" (البقرة 116)، والانفعال الشعوري هو الخشية فهي هابطة من خشية الله تعالى ، فالآية جارية مجرى قوله تعالى "ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفتة" (الرعد 13) وقوله تعالى "ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال" (الرعد 15)، حيث عد صوت الرعد تسبيحا بالحمد وعد الظلال ساجدة لله سبحانه إلى غير ذلك من الآيات التي جرى القول فيها مجرى التحليل كما لا يخفى. وبالجملة فقوله "وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُِ" (البقرة 74)، بيان ثان لكون قلوبهم أقسى من الحجارة فإن الحجارة تخشى الله تعالى، فتهبط من خشيتة، وقلوبهم لا تخشى الله تعالى ولا تهابه.

عن الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم‌ السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: هبوطه إلى الأرض: روي في الأخبار أنه لما هبط آدم وحواء من الجنة هبطا متفارقين، فتعارفا في موضع عرفة، وكان خروج آدمعليه السلام من الجنة بين صلاة الظهر وصلاة العصر، فأُنزل إلى الأرض، وقيل: أُهبط آدم على جبل بالهند يُقال له نَوث، وأُهبطت حواء بجِدة، وقيل: أُهبط آدم بمكة على جبل أبي قُبيس، وأنزل معه الحجر الأسود، وعصى موسى، وكان آدم حين أُهبط طويل القامة، فكان طوله حتى مات 60 ذراعاً. وقيل: عندما خرج آدم وحواء مما كانا فيه يوم الجمعة وهبطا إلى الأرض حزينان باكيان، وقيل: إنّ الله أمره أن يبني له بيتاً في مكة، فبنى آدم البيت وطاف به، فقال له جبرئيل: هذا الموضع الذي أمرك ربك أن تقف له به، وقالت له الملائكة برّ حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك ألفي عام، وأنزل الله الحنطة على آدم وأمره أن يأكل من كدِّه، فحرث وزرع ثم حصد، حتى عرق جبينه، ثم أكل، حتى استقر في الأرض وأصبح له ذرية وأول أولاده قابيل وهابيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك