الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية في كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم للدكتور محمد حسين الصغير (ح 17)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم للدكتور محمد حسين علي الصغير عن علاقة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام بالرسالة المحمدية الخاتمة: حينما جوبهوا أي قريش بهذا الردّ المتين أي رد القرآن الكريم، تسللوا من طرف خفيّ لانكار أصل الرسالة في صلف وغرور لا مثيل لهما "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43)، فلقن الله نبيه الحجة عليهم لرسالته بشهادته وشهادة من عنده علم الكتاب، وفي الآية إسناد الشهادة إلى الله تعالى، وشهادة الله عندهم كبيرة :"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" (الانعام 19). فهم يشهدون أن أكبر الشهادات هي شهادة الله تعالى، وحينما أخذ هذا الاقرار منهم، وسجله عليهم، اعتبر ذلك كافياً بينه وبينهم، وأضاف له"وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) في شهادته، وهنا يبرز دور في بنائه قواعد الاسلام جنباً إلى جنب النبي، وعليه الروايات الدالة أن الآية نزلت في علي عليه‌ السلام، ويؤيده أنه أعلم الامة بالكتاب ممن آمن بالنبي بإجماع المسلمين، عن أبي سعيد الخدريرضي الله عنه. قال سألت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم عن قول الله جل ثناؤه"قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ" (النمل 40) قال ذاك وصي أخي سليمان بن داود، فقلت يا رسول الله فقول الله "قُلْ كَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) قال ذاك أخي علي بن أبي طالب. وعن الامام محمد الباقر والامام جعفر الصادق والامام موسى بن جعفر والامام علي بن موسى الرضا عليهم‌ السلام، وزيد بن علي، ومحمد بن الحنفية وسلمان الفارسي، وأبي سعيد الخدري، وإسماعيل السدي، قالوا جميعاً "وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) هو علي بن أبي طالب. وهنا نقف مقارنين بين من عنده علم من الكتاب وهو وصي سليمان في قوله تعالى "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ" (النمل 40). وماذا عسى أن أقول في علي عليه‌السلام وقد قال الله تعالى "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ المُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ (14) عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ (15) مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (18) لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا (25) إِلاَّ قِيلاً سَلَامًا سَلَامًا (26)" (الواقعة 10-26). كان عليٌّ أول السابقين للاسلام في تأريخ الاسلام ، وأفضل السابقين للايمان في العالم ، فقد أخرج العلامة السيوطي في الدار المنثور عن ابن مردويه عن ابن عباس في قوله "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" (الواقعة 10) قال نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب التجار الذي ذكر في ياسين، وعلي بن أبي طالب، كل رجل منهم سابق أمته ، وعليٌّ أفضلهم سبقاً.

وعن حياة البرزخ يقول الدكتور محمد حسين علي الصغير رحمه الله: وحياة البرزخ بأهوالها المجهولة بحدود ، والمعلومة بحدود أخرى ، حياة فاصلة بين الدنيا والآخرة، فالدنيا بعد لم تنته، والآخرة بعد لم تقم، ولكن الروايات تؤكد: إذا مات المرء قامت قيامته ، والامام علي عليه‌ السلام يؤكد هذا الملحظ ويقول: الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا. والقرآن العظيم يصرح، وتصريحه الحق، ويقول وقوله الفصل "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (ال عمران 169)، والمتدبر في سياق الآيات القرآنية لدى المقارنة الحيّة يستهدي إلى هذا اللون من الحياة البرزخية. إن إنفصال الروح عن الجسد لا تعني أكثر من الانتقال بالكائن الحيّ إلى عوالم رتيبة أخرى، قد تدخل في حساباتنا الداخلية وقد تنحسر عنها ، وقد تدخل في أعماقها ولكنها قد لا تستقرّ، وقد تستقر عند ذوي الصفاء الروحي استقراراً ثابتاً لا يتزلزل، وقد ورد أن القبر إما أن يكون روضة من رياض الجنان ، أو حفرة من حفر النيران، والذي تؤكد الاخبار ، أو الذي يبدو من قسم كبير منها، أن الانسان عندما يوضع في قبره يحاسب حساباً إجمالياً يلزم فيه الانسان طائره في عنقه فيما عمل، فإذا قامت القيامة، وكان الحساب الجزائي التفصيلي وضع كتابه بين يديه، وعليه قوله تعالى "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا" (الاسراء 13)، وقد ورد أن سؤال القبر حق على الملكين، وإذا كان الأمر كذلك فهناك نوع من الحياة مجهولة في جملة من حيثياتها قد يعلم بعضها في الآيات كقوله تعالى "رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ" (المؤمنون 11)، والمعنى يوحي بإثبات البرزخ فتكون إماتة في الدنيا وأخرى في البرزخ، وإحياء في البرزخ وإحياء في يوم القيامة.

ويستطرد الدكتور الصغير عن حياة البرزخ وعلاقته بالدفن عند جوار ضريح الامام علي عليه السلام قائلا: ومن خلال ما سلف يتضح بكثير من الوضوح مناخ الحياة البرزخية بأنه العالم المثالي الذي يحياه الانسان في القبر بعد موته إلى يوم القيامة، ويدل على هذا الفهم ما يستفاد من قوله تعالىٰ "حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاًّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100). فهذا الطلب التذللي الاستكاني من الظالم أو الفاسق أو الكافر أو الضال "رَبِّ ارْجِعُونِ" (المؤمنون 99) عند الموت ، وقد شاهد الملائكة الموكلين بقبض الأرواح لا يلتفت إليه حينئذ، فهي كلمة عابرة يقولها عند الموت، بل سيموت ولا يرجع، "وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 100)، فالبعث يوم القيامة وراءهم يطلبهم حثيثاً، وهم الآن في عالم القبر البرزخي، فلا رجوع إلى الدنيا. ويمكن استنباط حياة البرزخ من قوله تعالى "وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" (المؤمنون 45-46). فالعرض على النار في الحياة البرزخية في القبر إذ لا غد وعشياً يوم القيامة، أما في القيامة فالدخول في أشد الحساب ، فسوء العذاب في البرزخ العرض على النار صباحاً ومساءً، وفي القيامة سوء الحساب بدخول النار. وفي قوله تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لاَّ تَشْعُرُونَ" (البقرة 154). وعن البعث يقول الاستاذ محمد حسين الصغير رحمه الله: وفي هذا الضوء فإنّا نرى الحياة البرزخية حقيقة قرآنية واقعة لا محالة ، لهذا ورد أن من خصائص الدفن في النجف عند أمير المؤمنين عليه‌السلام، أو من آثاره، رفع عذاب البرزخ، فتأمل "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ" (يس 51). وهذه نفخة البعث والاحياء وهي النفخة الثانية، أما النفخة الأولى فهي والثانية تتمثل في قوله تعالى "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ" (الزمر 68). وبهذا نظهر أن النفخ نفختان ؛ الأولى للإماتة الشاملة إلا من شاء الله، والثانية للاحياء والنشور، وهو ظاهر القرآن وتدل عليه روايات الائمة عليهم‌ السلام. هنالك يصدر نداء الملكوت الجبروتي المطلق من قبل الله تعالى "لِّمَنِ المُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (المؤمنون 16). وهما سؤال وجواب منه تعالى في آن واحد ، إذ لا مجيب في الكون فقد انطمسوا في ظل الفناء والموت، وبقي الحيّ القيوم وحده لبيان حقيقة الملك السرمدي. عند ذلك ينفرج الجمع في المحشر إلى فريقين أهل النار وأهل الجنة "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)" (الزمر 71-73).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك