الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية في كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم للدكتور محمد حسين الصغير (ح 16)


الدكتور فاضل حسن شريف

يستمر الدكتور محمد حسين علي الصغير رحمه الله في سرد قصة موسى عليه السلام في كتابه الموسوم نظرات معاصرة في القرآن الكريم قائلا: وانتصر موسى عليه‌السلام بعد خطوب وخطوب ، وأُغرق فرعون وقومه في البحر ، وذهب موسى لميقات ربه، وأضل السامري من بعده قومه ، واختار موسى من قومه سبعين رجلاً فأخذتهم الرجفة بما جعل موسى في حيرة بما أضربه القرآن العظيم "وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ" (الاعراف 155). وجرت الملاحم الكبرى على يد موسى بما يستوعب مساحة مثلى متميزة في القرآن العظيم، وابتلى بشعب خائر متردد جبان إنتهىٰ أمره أن يقول لموسى "فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" (المائدة 24). وفي هذا كشف عن مناخ الشعب اليهودي في صفحات كثيرة من شذرات القرآن الكريم مرتبطة بالفساد والافساد والخور والطغيان وقتل الأنبياء، "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" (البقرة 87). وكانت نبوة عيسى عليه‌السلام فيصلاً بين الحق والباطل في مولده العجيب وسلوكه الانساني وصدره الرحيب ، وما أيّده به الله تعالى من الآيات الباهرات والمعجزات الخوالد بما أقتصه في كتابه العزيز "إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَىٰ بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ" (المائدة 110). ومع هذه الدلائل الناصعة فقد انقسم الناس تجاهه إلى: كفرة به، ومشركين بالله، وقلة من المؤمنين، وآخرين قالوا هو ابن الله تعالى، ومنهم من قال هو ثالث ثلاثة، وتلاشت رسالته في المحبة والسلام إلا عند الحواريين وجملة من الصالحين، وأخيراً إجتمعوا على قتله صلباً، فشبه لهم في أمره، ورفع إلى السماء بأمر الله تعالى "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" (النساء 157-158). وأعطاه الله خصيصةً جديرة بالعناية، ومنحةً كبرى ينبغي الوقوف عندها بكثير من الرصد الخاص، لأنها ذات دلائل خاصة، يقول تعالى "وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا" (النساء 159). وهذه الخاصيّة الكبرى أن سيؤمن به أهل الكتاب جميعاً بعد نزوله إلى الأرض، لا شك لهم في ذلك، ومن ثم تترتب على هذا النزول ومشاهده وعوالمه وبركاته خصوصية أخرى بأن يكون عليهم شهيداً يوم القيامة، ويتحقّق ذلك إن شاء الله بعد صلاته خلف القائم من آل محمد عجل الله فرجه، في المسجد الأقصىٰ كما عليه روايات المسلمين كافة.

وبعد سرده رحمه الله عدد من قصص الانبياء عليهم السلام يقول الاستاذ محمد حسين الصغير عن النبي محمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: وتضيء الدنيا بخاتم النبيين محمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم، وهو رسول رب العالمين، وآخر أولي العزم من المرسلين، قال تعالى "وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" سبأ 28). وكان أول ما نزل عليه من القرآن قوله تعالى "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)" (العلق 1-5). وتداعت قريش إلى افتراضات متناقضة تجاه القرآن، وضلّت في متاهات حائرة من أمره، فقالوا: أضغاث أحلام ، وقد أيقنوا بصحوة النبي ويقظته، وعزوه إلى الكذب والاختلاق، وقد وصفوه هم أنفسهم بالصادق الامين، ونسبوه إلى الشعر، وقد علموا أن النبي صلى‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أبعد ما يكون عن مزاج الشاعر وأخيلته، وما استقامت لهم الدعوى بشيء، فوصموه بسلاح العاجر، وقالوا أنه مجنون، قال تعالى "وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ" (الحجر 6). وقد دلت الأحداث الاستقرائية، والسيرة التجريبية للنبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم على رجاحة عقله، وإتزانه الدقيق في تصرفاته كافة، فرددوا قول الكهانة والجنون فرد إفتراءهم القرآن: "فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ" (الطور 29) وتمسكوا بأوهن من بيت العنكبوت ، فأشاعوا بكل غباء أن لمحمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم معلماً من البشر، وهو غلام رومي يمتهن صناعة السيوف بمكة، ولا يعرف العربية فردهم القرآن رداً بديهياً حاسماً، قال تعالىٰ "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ" (النحل 103). وحينما أعيتهم الحيلة، ووقف بهم المنطق السليم، وتداعت الأوهام المتناثرة هنا وهناك إنطلقوا إلى القول "فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ" (المدثر 24)، وما كان لمحمد أن يتداول السحر، ولا رصدوا عليه مأخذاً في ذلك، ولكنها تهمة الأنبياء في كل زمان ومكان، كما وصف ذلك القرآن "كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ" (الذاريات 52).

ثم يقول الدكتور الصغير رحمه الله عن القرآن الكريم: وأرجف بهؤلاء وأولئك القرآن العظيم ، فصكهم بهذه الايمان العظمى ، ليقطع دابر القول ، ويكشف الحقيقة كما هي "فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ (15) الجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)" (التكوير 15-26). وأعيتهم السبل ، وبان عجزهم ، فنهىٰ بعضهم بعضاً عن سماع القرآن، وأمر بعضهم بعضاً باصطناع الضوضاء عند قراءة النبي للقرآن، قال تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" (فصلت 26). فما غلبوا بل انتكسوا، وما انتصروا بل انهزموا، وصكهم القرآن بالإنذار النهائي "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" (فصلت 13). فحدثني أستاذي المعظم آية الله السيد محمد علي الحكيم مد الله في عمره الشريف، قال: فلما تلا محمد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌وسلم هذه الآية وقف لها شعر قريش. وإنتهت هذه الملحمة في الآخذ والرد والتفنيد، ويئس الكفار من جميع المناورات التكذيبية الباهتة وطار هباء تكذيبهم الواهن للقرآن، وحجهم الله تعالى في كل ذلك إحتجاجاً بليغاً، أخذوا يقترحون معجزة غيره، وآية سواه "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ" (الرعد 27)، وكأن القرآن ليس آية، فردهم الله رداً مفحماً، وبين عظمة هذا القرآن "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَىٰ بَل للهِ الأَمْرُ جَمِيعًا" (الرعد 31).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك