الصفحة الإسلامية

مفاهيم أهل الحل والعقد وأولي الأمر والشورى في القرآن الكريم والروايات (ح 8)


الدكتور فاضل حسن شريف

وردت كلمة شورى ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَتَشَاوُرٍ، وَشَاوِرْهُمْ، فَأَشَارَتْ، شُورَى. جاء في معاني القرآن الكريم عن الشورى: شور الشوار: ما يبدوا من المتاع، وشورت به: فعلت به ما خجلته، كأنك أظهرت شوره، وشرت العسل وأشرته: أخرجته. جاء في موقع سطور عن مفهوم الشورى في الاسلام: تُعتبر الشورى من المصطلحات الإسلامية التي تعني أخذ رأي الآخرين من ذوي الحكمة والخبرة من أهل الحل والعقد، ومشاورتهم في مختلف الأمور، وهي من الأخلاق الإسلامية التي تعتبر منهجاً واضحاً في الحياة، حيث أنها من السنن العظيمة التي يجب اتباعها اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام، الذي كان يستشير أصحابه في مختلف الأمور ونظراً لأهميتها، فقد جعل الله سبحانه وتعالى سورة في القرآن تسمى بسورة الشورى، ومن الآيات التي تركز على هذا المفهوم: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"(ال عمران 159)، وفي هذا المقال سنذكر معلومات عن مفهوم الشورى في الإسلام.

عن كتاب موسوعة الامام الخوئي للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: الولاية في القرآن: وقد فصّلت في هذه الآية "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) الولاية بوضوح‌: 1ـ ولاية الله وهي ولاية الإطاعة، التي تشمل العبوديّة المختصّة بالله. 2ـ ولاية النبيّ صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله: ولاية تمتدّ إلى الإعراض والنّفوس والأموال. 3ـ ولاية الإمام عليه‌ السلام "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) والتلازم بين هذه الولاية والإطاعة، واشتراكهما بين النبيّ والأئمة للمشاكلة في الولاية، المسانخة بين النبيّ وبين خلفائه في العلم، والقدرة على الإعجاز بإذن الله، وذلك تصديقاً للنبوّة، وتثبيتاً للإمامة، وشرط العصمة، باعتبارها القائمة على الرسالة على واقعها، والمحافظة لها. 4ـ ولاية الفقيه: فبإذن من الإمام الغائب الذي نصبهم نوّاباً عن، ليكونوا حجّة على الناس، ويكون حجّة عليهم، وولاية الأفقه هو القدر المتيقّن من الفقهاء كما مرّ. وهكذا تتّسع الولاية المطلقة من غير حدود لله، وفي حد النبوّة والإمامة للنبيّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله والإمام عليه ‌السلام، وفي حد النيابة العامّة للفقيه الذي قد يُخطئ في فقاهته ويُصيب، وهو معذور في ذلك. أمّا النبيّ والإمام فهما النص الإلهي الذي لا ريب فيه. وبسط يد الفقيه لا يجعله في مصاف الأنبياء والأئمّة في الحكم والتشريع. والولاية المطلقة لا يمكن انتقالها بإطلاقها إلى النيابة الخاصّة، فضلاً عن النيابة العامّة، إلاّ على قدر الزّعامة، وبسط اليد والقدرة. ويفصِّل الإمام الصادق عليه ‌السلام الفارق بين مدارج هذه الولاية، واختصاصاتها في هذه الرواية‌ إنّ الله تبارك وتعالى أدّب نبيّه، فانتهى إلى ما أراد، قال: وإنّك لعلى خلقٍ عظيم، ففوّض إليه دينه، فقال: ما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. ومعنى ذلك أنّ هذه الولاية لا تنتقل بعينها إلى غيره، لأنّه يفقد هذا الخُلق العظيم في الدِّين.

تكملة للحلقتين السابقتين عن شبكة المعارف الاسلامية الثقافية بماذا تنعقد الإمامة عند أهل السنّة؟ يلاحظ على هذه الأقوال والنظريات: أولاً: إنّ موقف أصحاب هذه الأقوال في المسألة، موقفُ من اعتقد بصحة خلافة الخلفاء، فاستدلّ به على ما يرتئيه من الرأي، من انعقادها بواحد أو اثنين، أو اتّفاق من تيسّر حضوره، دون النائين من الصحابة، وغير ذلك. وهذا النَّمَط من الإستدلال، إستدلال بالمُدّعى على نفس المُدّعى، وهو دور واضح. والعجب من هؤلاء الأعلام كيف سكتوا عن الإعتراضات الهائلة الّتي توجهت من نفس الصحابة من الأنصار والمهاجرين على خلافة الخلفاء، الذين تمّت بَيْعتهم، بِبَيْعة الخمسة في السقيفة، أو بَيْعة أبي بكر لعمر، أو بشورى السِّتَّة، فإنّ من كان مُلِمّاً بالتاريخ ومهتماً به، يرى كيف كانت عقيرة كثير من الصحابة مرتفعة بالإعتراض. حتى أنّ الزُبير وقف في السقيفة أمام المبايعين، وقد اخترط سيفه، وهو يقول: (لا أُغمده حتى يبايَعَ عليٌّ). فقال عمر: (عليكم الكلب). فأخذ سيفه من يده، وضرب به الحجر، وكُسِر. ويكفي في ذلك قول الطبري أنّه قام الحباب بن المنذر وانتضى سيفه وقال: (أَنا جُذَيْلُها المُحَكَكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّب، أنا أبو شبل، في عرينة الأسد، يعزى إليّ الأَسد، فحامله عمر، فضرب يده، فندر السيف، فأَخذه، ثم وثب على سعد بن عبادة ووثبوا على سعد وتتابع القوم على البيعة، وبايع سعد، وكانت فلتة كفلتات الجاهلية، قام أبو بكر دونها، وقال قائل حين أُوطيء سعد: قتلتم سعداً. فقال عمر: قتله الله، إنّه منافق. واعترض عمر بالسيف صخرة فقطعه. وفي رواية أخرى للطبري أنّ عمر قام على رأس سعد، وقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك. فأخذ سعد بلحية عمر، وقال: والله لو حصحصت منه شعرة ما رَجِعْتَ وفيك واضَحة، أما والله لو أنّ بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيراً يُجْحِرك وأصحابك أي يلزمهم دخول الجحر، وهو كناية عن شدّة التضييق، أما والله، إذاً لألحقنّك بقوم كُنْتَ فيهم تابعاً غير متبوع، احملوني من هذا المكان). فحملوه، فأدخلوه في داره. وتُرك إياماً، ثم بعث إليه أن أَقْبل، فبايع، فقد بايع الناس، وبايَعَ قومُك. فقال: أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي وأُخَضِّب سنان رمحي، وأضربكم بسيفي ما مَلِكَتْهُ يدي، وأُقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي، فلا أفعل. وأَيْمُ الله، لو أنّ الجنّ اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أُعرَضَ على ربّي، وأعلم ما حسابي). فكان سعد لا يصلّي بصلاتهم ولا يُجْمع معهم، ولا يفيض معهم إفاضتهم، فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر. وسعد بن عبادة سيد الخزرجيين. هذه نبذة يسيرة من الأصوات المُدَوّية الّتي عارضت الخلافة والخليفة المنتخب، وكم لها من نظير في السقيفة والشورى وغيرهما ضربنا عنه صفحاً. أفيصح بعد ذلك قول القرطبي: (ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك)، وكأَن الحباب، وسعداً، وابنه قيس، وعامة الخزرجيين، وبني هاشم، والزبير، لم يكونوا من الصحابة؟ وثانياً: إنّ هذا الإختلاف الفاحش في كيفية عقد الإمامة، يعرب عن بطلان نفس الأصل لأنّه إذا كانت الإمامة مفوضة إلى الأُمّة، كان على النبي الأكرم بيان تفاصيلها وخصوصياتها وخطوطها العريضة، وأنّه هل تنعقد بواحد أو إثنين من الصحابة؟ أو تنعقد بأهل الحلّ والعقد منهم؟ أو بالصحابة الحضور عند رحلة النبي أو رحلة الإمام السابق؟ أو باتّفاق جميع المسلمين بأنفسهم، أو بممثليهم؟ وليس عقد الإمامة لرجل، أقلّ من عقد النكاح بين الزوجين الّذي اهتمّ القرآن والسنّة ببيانه وتحديده، كما اهتمت السنّة على الخصوص بشؤونه وأحكامه. والعجب أنّ عقد الإمامة الّذي تتوقف عليه حياة الأُمّة، لم يطرح في النصوص، لا كتاباً ولا سنّة على زعم القوم، ولم تُبَيَّن حدوده ولا شرائطه، ولا سائر مسائله الّتي كان يواجهها المسلمون بعد وفاة النبي الأكرم مباشرة. وجملة القول، إنّ اختلافهم في شرائط الإمام وطرق تنصيبه، جعل الخلافة وبالاً على المسلمين، حتى أخذت لنفسها شكلاً يختلف كلّ الإختلاف عن الشكل الّذي ينبغي أن تكون عليه. فقد أصبحت الخلافة الإسلامية، إمبراطورية، وملكاً عضوضاً، يتناقلها رجال العَيْث والفساد، من يد فاسق، إلى آخر فاجر غارق في الهوى، إلى ثالث سفّاك متعصّب. وقد أعانهم في تسنم ذورة تلك العروش، مرتزقة من رجال متظاهرين باسم الدين، فبرروا أفعالهم، ووجّهوا أعمالهم توجيهاً ملائماً للظروف السائدة، وصحّحوا إتجاهاتهم السياسية الخاصة، فخلقوا في ذلك أحاديث وسنن مفتعلة على صاحب الرسالة، واصطنعوا لهذا وذاك فضائل، لتدعيم مراكزهم السياسية، ويكفيك النموذج التالي، لتقف على حقيقة تلك الأحاديث المفتراة. رووا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهُدايَ، ولا يَسْتَنّون بسُنَّتي وسيقوم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال الراوي: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير، وإن ضَرَبَ ظهرَك، وأَخَذَ مالَك، فاسمع وأَطع).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك