الصفحة الإسلامية

تسمية سور القرآن الكريم (56 سورة الواقعة) (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقتين السابقتين قال الله سبحانه وتعالى عن كلمة وقع ومشتقاتها "وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ۖ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ" ﴿الأعراف 134﴾ وقع أي نزل، ولما نزل العذاب على فرعون وقومه فزعوا إلى موسى وقالوا: يا موسى ادع لنا ربك بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة، و "وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ﴿الأعراف 171﴾ واقع اسم، واقع أي ساقط، أنه واقع بهم: ساقط عليهم بوعد الله إياهم بوقوعه، واذكر أيها الرسول إذ رفعنا الجبل فوق بني إسرائيل كأنه سحابة تظلهم، وأيقنوا أنه واقع بهم إن لم يقبلوا أحكام التوراة، و "أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ" ﴿يونس 51﴾ إذا ما وَقَعَ: وقع العذاب، أبعدما وقع عذاب الله بكم أيها المشركون آمنتم في وقت لا ينفعكم فيه الإيمان؟ و "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" ﴿الحجر 29﴾ فَقَعُوا: فَ حرف استئنافية، قَعُ فعل، وا ضمير، فقعوا: فخروا، فإذا سوَّيته وأكملت صورته ونفخت فيه الروح، فخُرُّوا له ساجدين سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة، و "وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا" ﴿الكهف 53﴾ مُوَاقِعُوهَا: مُّوَاقِعُو اسم، هَا ضمير، مَوَاقِعُوهَا: واقعون فيها، وشاهد المجرمون النار، فأيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها معدلا للانصراف عنها إلى غيرها، و "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ" ﴿الحج 65﴾ تقع فعل، هو الذي يمسك السماء فيحفظها؛ حتى لا تقع على الأرض فيهلك مَن عليها إلا بإذنه سبحانه بذلك؟ إن الله بالناس لرؤوف رحيم.

عن موقع رافد: اسماء سور القرآن: وقال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن: (وقد ثبتت اسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك، وممّا يدل لذلك ما اخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة، قال: كان المشركون يقولون سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزؤون بها فنزل: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" (الحجر 95)). ويظهر من ذيل كلامه، أنّ بعض الأقوال أنّ بعض الأسماء توقيفية، وبعضها موضوعة للمناسبة، لا سيما وإنّ كل سورة من السور لها اسماء متعددة. وفي الروايات الواردة في فضائل السور وغيرها عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تسمية السور بالأسماء المعروفة لها ممّا يدل على امضاء التسمية، وعلى كل تقدير فهذه الأسماء اسم علم للسور حالياً، واستحداث اسم لها هو نحو تصرف موقوف على الإذن الشرعي . وقد حكى شيخنا الجوادي الآملي عن استاذه العلامة الطباطبائي تعجبه من تسمية سورة الأنعام بالأنعام مع أنّها من أعظم السور فقد اشتملت على ما يزيد على الأربعين برهاناً في التوحيد، والأولى تسميتها بالتوحيد ونحو ذلك ، وهذا مؤشر على أنّ التسمّية للسور من مسلمي الصدر الأوّل بحسب تكرر الاستعمال. وهناك الكثيرين من مفسري أهل سنة الجماعة ممّن يقول بتوقيفية الأسماء، إلا أنّ المقدار المعلوم من ذلك هو تعارف هذه التسميات في عهده صلى الله عليه وآله إجمالا، كما أنّه من المعلوم اختلاف الصحابة في التسمية بحسب ما روي عنهم، كما أنّ المقدار المروي عنه صلى الله عليه وآله هو تسمية مجموعات السور كالطوال والمثاني والمئين والمفصّل والطواسيم والحواميم ونحو ذلك. كما أنّ الصحابة لم يثبتوا في المصحف أسماء السور بل بإثبات البسملة في مبدأ كل سورة، وهي العلامة لفصل السور عن بعضها البعض، فالتسمية ليست قرآنية ، كما أنّه ممّا ورد في لسان روايات أهل البيت عليهم السلام يظهر استعمالهم لتلك الأسماء للسور ممّا يعطي تقريراً منهم لذلك إجمالاً.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: سورة الواقعة مكية، وهي ست وتسعون آية: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6) وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (7) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)" (الواقعة 1-10) بيان: تصف السورة القيامة الكبرى التي فيها بعث الناس وحسابهم وجزاؤهم فتذكر أولا شيئا من أهوالها مما يقرب من الإنسان والأرض التي يسكنها فتذكر تقليبها للأوضاع والأحوال بالخفض والرفع وارتجاج الأرض وانبثاث الجبال وتقسم الناس إلى ثلاثة أزواج إجمالا ثم تذكر ما ينتهي إليه حال كل من الأزواج السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال. ثم تحتج على أصحاب الشمال المنكرين لربوبيته وللبعث المكذبين بالقرآن الداعي إلى التوحيد والإيمان بالبعث. ثم تختم الكلام بذكر الاحتضار بنزول الموت وانقسام الناس إلى ثلاثة أزواج. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ" (الواقعة 1) وقوع الحادثة هو حدوثها، والواقعة صفة توصف بها كل حادثة، والمراد بها هاهنا واقعة القيامة وقد أطلقت إطلاق الأعلام كأنها لا تحتاج إلى موصوف مقدر ولذا قيل : إنها من أسماء القيامة في القرآن كالحاقة والقارعة والغاشية. والجملة "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ" (الواقعة 1) مضمنة معنى الشرط ولم يذكر جزاء الشرط إعظاما له وتفخيما لأمره وهو على أي حال أمر مفهوم مما ستصفه السورة من حال الناس يوم القيامة ، والتقدير نحو من قولنا: فاز المؤمنون وخسر الكافرون. قوله تعالى "لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ" (الواقعة 2) قال في المجمع: الكاذبة مصدر كالعافية والعاقبة. انتهى. وعليه فالمعنى: ليس في وقعتها وتحققها كذب ، وقيل: كاذبة صفة محذوفة الموصوف والتقدير: ليس لوقعتها قضية كاذبة. قوله تعالى "خافِضَةٌ رافِعَةٌ" خبران مبتدؤهما الضمير الراجع إلى الواقع، والخفض خلاف الرفع وكونها خافضة رافعة كناية عن تقليبها نظام الدنيا المشهود فتظهر السرائر وهي محجوبة اليوم وتحجب وتستر آثار الأسباب وروابطها وهي ظاهرة اليوم وتذل الأعزة من أهل الكفر والفسق وتعز المتقين.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3)" (الواقعة 1-3) تعتبر "إذا" منصوبة على الظرفية و الناصب له "ليس" الوارد في الآية الثانية مثل أن نقول (يوم الجمعة ليس لي شغل) و يحتمل أن تكون منصوبة بفعل مقدّر تقديره "ذكر" إلّا أنّ الرأي الأوّل هو الأنسب. إنّ سبب كون الضمير مؤنثا لتقديره نفس كاذبة أو قضيّة كاذبة و اعتبر البعض أنّ اللام في "لوقعتها" للتوقيت، إلّا أنّ الظاهر أنّها للتعدية. "خافضة رافعة" خبر لمبتدأ محذوف، و في الأصل هي خافضة رافعة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك