الدكتور فاضل حسن شريف
عن القمي في مفاتيح الجنان تقرأ سورة الرحمن بعد فريضة الصبح. يستحب قراءة سورة الرحمن يوم الجمعة. سورة مدنية نزلت بعد الهجرة النبوية الشريفة. ورد عن الامام الصادق عليه السلام عن علم القرآن: (من فسّر القرآن برأيه إنْ أصاب لم يؤجر وإن أخطأ كان إثمه عليه)، روي عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (حملة القرآن عرفاء أهل الجنة). ويقول الامام الصادق عليه السلام: (ان الذي يعالج القرآن ويحفظه بمشقة منه له أجران). حتى قال عليه السلام: (ينبغي للمؤمن ان لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعليمه). ويقول عليه السلام: (القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم ان ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (4)" (الرحمن 1-4) التّفسير: بداية النعم الإلهية: لمّا كانت هذه السورة- كما قلنا- تبيّن أنواع النعم و الهبات الإلهيّة العظيمة، فإنّها تبدأ باسم "الرَّحْمنُ" و الذي يرمز إلى الرحمة الواسعة، و لو لم تكن الرحمانية من صفاته لم ينعم بهذا الخير العميم على عباده الصالحين و العاصين، لذلك يقول: "الرَّحْمنُ. الرحمن: مبتدأ و خبرها "علّم القرآن"، و "خلق الإنسان" خبر بعد خبر، كما توجد احتمالات اخرى أيضا لإعراب هذه الجملة لم تذكر هنا لعدم أهميّتها. عَلَّمَ الْقُرْآنَ و بهذا فإنّ أوّل و أهمّ نعمة تفضّل بها اللّه سبحانه، هي نعمة تعليم القرآن، و ما أروعه من تعبير! حيث أنّنا إذا تأمّلنا جيّدا فإنّنا ندرك أنّ هذا الكتاب العظيم هو مصدر كلّ الخير و النعم و العطايا الإلهيّة العظيمة، كما أنّه وسيلة للوصول إلى السعادة و الخيرات المادية و المعنوية. و الظريف هنا أنّ بيان نعمة تعليم القرآن ذكرت قبل خَلَقَ الْإِنْسانَ و عَلَّمَهُ الْبَيانَ في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون الإشارة أوّلا إلى مسألة خلق الإنسان، و من ثمّ نعمة تعليم البيان، ثمّ نعمة تعليم القرآن، و ذلك استنادا للترتيب الطبيعي، إلّا أنّ عظمة القرآن الكريم أوجبت أن نعمل خلافا للترتيب المفترض. و قد جاءت هذه الآية جوابا لمشركي العرب حينما طلب منهم الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السجود للرحمن، فسألوه و ما الرحمن؟ فأجابهم بتوضيح ذلك حيث يقول سبحانه: الرحمن هو الذي علّم القرآن و خلق الإنسان و علّمه البيان. و على كلّ حال فإنّ لاسم "الرحمن" أوسع المفاهيم بين أسماء البارئ عزّ و جلّ بعد اسم الجلالة اللّه لأنّنا نعلم أنّ للّه رحمتين: الرحمة العامّة و الرحمة الخاصّة و اسم "الرحمن" يشير إلى رحمة اللّه العامّة التي تشمل الجميع، كما أنّ اسم "الرحيم" يشير إلى الرحمة الخاصّة بأهل الإيمان و الطاعة، و لعلّه لهذا السبب لا يطلق اسم الرحمن على غير اللّه سبحانه إلّا إذا كانت كلمة عبد قبله، أمّا وصف "الرحيم" فيقال لغير اللّه أيضا، و ذلك لأنّه لا أحد لديه الرحمة العامّة سوى اللّه تعالى، الرحمة أمّا الرحمة الخاصّة فإنّها موجودة في المخلوقات و إن كانت بصورة محدودة.
عن الدكتور مسعود ناجي ادريس في الصفحة الاسلامية لوكالة انباء براثا: يتقدم القرآن على الإنسان. يقول القرآن الكريم: "الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْانَ" (الرحمن 1-2) بعدها يقول: "خَلَقَ الْانسَنَ" (الرحمن 3) لماذا؟ لأنه دائمًا يجب أن يكون هناك طريق قبل وجود السيارة. يجب وجود الطريق قبل وجود الإنسان. الطريق أولا، ثم الإنسان. في البداية يبنون الطريق، ثم يأخذون السيارة عليه. المدرسة أولا، ثم الإنسان. البرنامج أولاً، ثم المقدم. الرَّحْمَنُ اسم الله الذي ورد ذكره 169 مرة في القرآن وتكرر في كل جملة بسم الله 114 مرة. في بعض الآيات في القرآن جاء اسم الرحمن بدل الله "قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا" (يونس 68) "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا" (مريم 11) "أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ" (الانعام 40) "يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ" (مريم 45) "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ" (الاسراء 110). إن الله تعالى رحيم. وردت كلمة رحمة "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمَيْنِ" (الانبياء 107). قرآنه رحمة أيضًا "وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" (الاسراء 82). العلم مقدمة للرحمة التي لا تطلب منا أجرًا، وتقوم على الرحمة. العلم هو مقدمة الرحمة والبصيرة والتقوى. العلم هو مقدمة الرحمة التي تضمن رفاه الفرد والمجتمع ويؤمن هذا العالم. تعليم القرآن عن طريق الله "عَلَّمَ الْقُرْانَ" (الرحمن 2) يعني: تعليم الموعظة، شفاء للقلب، الهداية والرحمة "يَا أَيُّهَا اَلنَّاس قَدْ جَاءَتْكُم مَوْعِظَة مِنْ رَبّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي اَلصُّدُور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" (يونس 57).
https://telegram.me/buratha
