الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة المائدة (ح 40)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: أمّا الحلّ فالأنسب الأولى أن يقال تتميماً لكلام شيخنا الأنصاري قدّس سرّه إنّ القائل بالاباحة في المعاطاة إن أراد بها الاباحة إلى الأبد ورأى عدم شمول شيء من الأدلّة المتقدّمة الدالّة على الملك للمعاطاة ، فما أفاده قدّس سرّه في الحلّ في غاية الوجاهة والمتانة حينئذ ، لأنّ الاباحة حينئذ إباحة شرعية مستندة إلى أدلّتها لا مالكية مستندة إلى صحّة العقد ، فالمعاطاة معاملة فاسدة ، وإنّما أباح الشارع للمتعاطيين التصرف ، فهي إباحة شرعية . وأمّا إذا كان القائل بالاباحة ملتزماً بشمول أدلّة البيع للمعاطاة ، نظير "أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة 1) أو عموم (الناس مسلّطون على أموالهم) وقال بأنّ الاباحة ثابتة إلى زمان طروء أحد الملزمات فيثبت الملك قبله آناً ما فحينئذ لا وجه لدعوى أنّ الشارع لم يمض ما قصده المتعاملان ، بل قد أمضى ما قصداه غاية الأمر لا متصلا بزمان البيع بل على نحو الانفصال ، وللشارع أن يتصرّف فيما يوقعه المكلّفون بهذه الكيفية من التصرفات ، وعليه فالمعاطاة تفيد الملك على نحو الانفصال فلم يتخلّف المقصود عن العقد . أنّ مقتضى القاعدة بعد عدم إمضاء الشارع للمعاطاة على نحو ما قصده المتعاطيان كما هو المفروض في المقام أن تكون فاسدة ولا يجوز التصرف في العوضين كما هو الحال في جميع المعاملات الفاسدة ، وقصد التمليك لا يوجب جواز التصرفات وإلاّ فلازمه حلّية التصرفات الواقعة على العوضين في جميع البيوع الفاسدة لوجود القصد فيها لا محالة، وعليه فنسأل عن أنّ المرخّص في التصرفات وما يقتضي حلّيتها في المقام مع عدم إمضاء الشارع لها ماذا ، وبأيّ وجه يجوز التصرفات في المعاطاة المقصود بها التمليك المترتّبة عليها الاباحة، مع أنّ الاباحة غير مقصودة لهما وما قصداه وهو التمليك غير ممضى حسب الفرض. ولا دليل على حلّية التصرفات لدى الخصم إلاّ الإجماع والسيرة القطعيتان القائمتان على جواز التصرفات في المال المأخوذ بالمعاطاة ، وهما دليلان لبّيان لابدّ من الاقتصار فيهما على المقدار المتيقّن وهو صورة اجتماع جميع شرائط البيع في المعاطاة . وهذا بلا فرق بين كون دليل اعتبار الشرط لفظياً أو لبّياً، بل لابدّ من اعتبار الشروط الخلافية المشكوك شرطيتها في البيع ، لأنّ القدر المتيقّن إنّما هو الجامع لجميع ذلك ، فهذا الفرض أسوأ حالا من المعاطاة المقصود بها الملك المفيدة للملك الجائز وذلك لأنّا إذا شككنا في اعتبار شرط آخر غير شروط البيع اللفظي في إفادتها الملك نتمسّك بعمومات "أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة 1) وغيرهما من لأدلّة اللفظية وبها ندفع شرطيته وهو واضح، وهذا بخلاف المقام أعني المعاطاة المقصود بها التمليك المفيدة للاباحة فإنّا إذا شككنا في اعتبار شيء وشرطيته في إفادتها للاباحة فلا يمكننا دفعه وإثبات عدم كونه شرطاً، بل لابدّ من الاتيان بها بجميع شرائط البيع وما شكّ في اعتباره في إفادتها للاباحة، لأنّ دليل إفادة المعاطاة الاباحة في المقام منحصر بالاجماع والسيرة وهما دليلان لبّيان يقتصر فيهما على المقدار المتيقّن لا محالة.

جاء في كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: عن الرضا، عن آبائه، عن على عليهم السلام في قوله تعالى: أكالون للسحت "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (المائدة 42)، قال: هو الرجل يقضي لاخيه الحاجة ثم يقبل هديته. وفيه أولا: ان الرواية مجهولة. وثانيا: انها وردت في خصوص الهدية بعد قضاء حاجة المؤمن ولم يقل احد بحرمتها هناك لما دل على جواز قبول الهدية من المؤمن بل من الكافر ولما دل على استحباب الاهداء الى المسلم، واذن فلا بد من حمل الرواية على الكراهة ورجحان التجنب عن قبول الهدايا من اهل الحاجة إليه لئلا يقع يوما في الرشوة.

جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: أنّ المراد من الدلوك: وسط النهار، كما صرّح به في صحيحة حمّاد الواردة في تفسير الصلاة الوسطى من أنّ المراد بها صلاة الظهر التي هي في وسط النهار، أو باعتبار توسّطها بين الفجر والعصر. ولا شك في تحقّق الدلوك بهذا المعنى بالإضافة إليه، ضرورة انّا لو قسّمنا نهاره إلى قسمين‌ فبعد مضيّ النصف الأوّل وهو ثلاثة أشهر يتحقّق وسط النهار بطبيعة الحال، ويفرض معه الزوال المأخوذ موضوعاً لوجوب الظهرين. و ثانياً: بالالتزام بتحقّق الدلوك في المقام أيضاً حتّى بمعناه المعهود، إذ لا يعتبر فيه زوال الشمس عن قمّة الرأس وميلها عن كبد السماء، لعدم نهوض أيّ دليل عليه من رواية أو غيرها، بل معنى الدلوك: أخذ الشمس في الهبوط والاقتراب من الأُفق بعد نهاية الارتفاع والابتعاد عنه. و هذا كما ترى معنى عام يجتمع مع الحركة الرحويّة كغيرها، إذ فيها أيضاً تقترب من الأُفق بعد انتهاء البعد كالنزول من الجبل بعد الصعود عليه، وإن لم يكن زواله عن قمّة الرأس كما هو موجود عندنا. و كيفما كان، فلا تمكن المساعدة على شي‌ء من الوجوه الأربعة التي احتملها في المتن، لخروجها بأجمعها عن مقتضى الصناعة. أمّا التبعيّة للبلدان المتعارفة المتوسطة فلا مقتضي لها بعد التصريح في جملة من الروايات بقوله عليه السلام: (إنّما عليك مشرقك ومغربك) فلا عبرة بمشرق بلد آخر ولا بمغربه، كما لا اعتبار بفجره ولا بزواله. و منه يظهر ضعف التبعيّة للبلد الذي كان يسكن فيه، إذ لا عبرة به بعد الانتقال إلى بلد آخر له مشرق ومغرب آخر، ولا سيّما وقد تبدّل طبعاً تكليفه في الطريق بمشرق ومغرب آخر، فما هو الموجب بعدئذٍ للرجوع إلى مشرق بلده ومغربه؟ وأمّا احتمال سقوط الصوم وحده أو هو مع الصلوات فهو أيضاً منافٍ لإطلاقات الأدلّة من الكتاب والسنّة الناطقة بوجوب الصلاة وكذلك الصيام‌ لكافّة الأنام عدا ما استثني من المسافر والمريض ونحوهما غير المنطبق على المقام، قال سبحانه وتعالى‌ "اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاََةَ" (المائدة 55). و النصوص المتواترة قد أطبقت على وجوبهما على سبيل الإطلاق وعلى كلّ مكلّف، كحديث بناء الإسلام على الخمس‌، وأنّ الصلاة بمنزلة الروح، وأنّ من صلّى خمساً كمن غسل بدنه في كلّ يوم خمساً لا يبقى فيه شي‌ء من القذارات. و الحاصل: أنّ وجوبهما على كلّ أحد في كلّ وقت بحيث لا يسعه التفويت والتضييع بوجه من الوجوه أمرٌ مقطوع به لا تكاد تختلجه شائبة الإشكال. و من البيّن أنّ المكث والبقاء في أحد القطبين الخاليين عن ليل ونهار متعارف من أحد موجبات التضييع والتفويت، إذ لا تتيسّر معه الصلاة والصيام على النهج المقرّر شرعاً بعد عدم الدليل على التبعيّة لسائر البلدان المتعارفة حسبما عرفت. و منه تعرف أنّ مقتضى الصناعة حرمة البقاء في تلك المواطن ووجوب الهجرة إلى المناطق المتعارفة مقدّمةً للإتيان بتلك الواجبات وعدم الإخلال بها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك