الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 72)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وقد يدعى أنه لا مجال للرجوع لاطلاق الخطابات مطلقا حتى على القول بالأعم لوجهين: أولهما: ما أشار إليه شيخنا الأعظم قدس سره من أنه حيث قام الاجماع بل الضرورة على أن الشارع لا يأمر بالفاسد، فقد ثبت تقييد المسميات المذكورة في أدلتها دفعة واحدة بكونها صحيحة جامعة لتمام ما يعتبر فيها واقعا، ولا مجال معه للتمسك بالاطلاق، لعدم الشك في التقييد، بل في تحقق القيد فلا بد من إحرازه. ويندفع بما أشار إليه قدس سره من أن عنوان الصحيح لم يؤخذ قيدا زائدا في المأمور به، ليمنع من التمسك بإطلاقه، ويجب إحرازه، بل هو منتزع من مقام الامر ومترتب عليه، لان كل ما تعلق به الامر فما يطابقه صحيح ، فإذا كان مقتضى إطلاق الخطاب تعلق الامر بالمسمى مجردا عن كل قيد كان الصحيح تمام أفراد المسمى المفروض أنه الأعم. مضافا إلى أن ذلك مختص بإطلاقات الأوامر بالعناوين المذكورة، دون إطلاقات بقية أحكامها، حيث لا ملزم بتقييدها بالصحيح . إلا أن يدعى العلم بذلك فيها أيضا. ثانيهما: ما أصر عليه قدس سره في مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين من أن جميع الأوامر الواردة في الكتاب المجيد بالعبادات كالصلاة والصوم والحج ليست واردة في مقام بيان ما هو المشروع منها، بل في مقام الحث والتأكيد عليها، مع إهمال بيانه وإيكاله إلى الخطابات المتعرضة لذلك، الواردة قبله أو التي ترد بعده. وعمم في التقريرات ذلك لخطابات السنة الشريفة أيضا، وذكر أنها إما أن تكون في مقام بيان مقدار المراد منها، ولم يشذ عن ذلك إلا شاذ. وما ذكره قدس سره قد يتم فيما ورد في مقام التأكيد على العمل والحث عليه كقوله تعالى "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ" (البقرة 183) فمجرد تضمنه التشريع لا ينافي ثبوت الاطلاق له فيما هو المشروع ، لان مقام التشريع يناسب بيان المشروع، فالاكتفاء في بيانه بذكر العنوان ظاهر في الاكتفاء به على إطلاقه. وأما ما نظر له به من قول الطبيب للمريض في غير وقت الحاجة: لا بد لك من شرب الدواء أو المسهل، وقول المولى لعبده :يجب عليك السفر غدا، حيث لا مجال للتمسك فيها بإطلاق الدواء والمسهل والسفر من شرح لها وبيان خصوصياتها المطلوبة. فهو إنما يسلم في مثل الدواء لقرينة خاصة مانعة من احتمال تعلق الغرض بصرف ماهيته ، كما يقتضيه الاطلاق، للعلم باختلاف أفراده في سنخ الأثر ، وتضاد كثير من آثارها، وعدم مناسبة كل مرض إلا لبعضها، دون مثل المسهل مما له جهة خاصة يمكن تعلق الغرض بها من دون فرق بين خصوصياتها، وكذا السفر، حيث يمكن تعلق الغرض بمفارقة الوطن هربا من ظالم أو تخلصا من تكليف لازم أو نحوهما.

جاء في كتاب فاجعة الطف للمرجع الاعلى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: موقف عبد الله بن عمر من الإمامة والجماعة: وقد عرف عن عبد الله بن عمر أنه لا يبايع إلا بعد اجتماع الناس على خليفة واحد، من دون نظر إلى كيفية حصول الاجتماع، وأنه هل حصل بطريق مشروع أو بطريق عدواني غير مشروع. وعنه أنه قال: (لا أقاتل في الفتنة. وأصلي وراء من غلب) . وقال ابن حجر: (وكان رأي ابن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة، والأخرى مبطلة) . وقال زيد بن أسلم: (كان في زمان الفتنة لا يأتي أمير إلا صلّى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله). وروى عبد الرزاق عن عبد الله بن محرز قال: (أخبرني ميمون بن مهران : دخلت على ابن عمر أنا وشيخ أكبر مني ـ قال: حسبت أنه قال: ابن المسيب فسألته عن الصدقة أدفعها إلى الأمراء؟ فقال: نعم. قال: قلت: وإن اشتروا به الفهود والبيزان؟ قال: نعم. فقلت للشيخ حين خرجنا: تقول ما قال ابن عمر؟ قال: لا. فقلت أنا لميمون بن مهران: أتقول ما قال ابن عمر؟ قال: لا). وروى نحو ذلك عنه غير واحد . وقد سبق من ابن عمر أن طلب من الإمام الحسين عليه السلام وعبد الله بن الزبير أن يبايعا يزيد، ولا يفرقا جماعة المسلمين. وهو بذلك يعطي الشرعية لخلافة من يغلب وإن كان ظالماً باغياً قد غلب على الإمارة بالقسر والإكراه والطرق الإجرامية المنحطة. وما أكثر ما ورد في ذلك عن السلطة وأتباعها ومن سار في خطه، وعليه جرى عملهم وسيرتهم. بل حاولوا دعم ذلك بأحاديث رواها أتباع السلطة، لتكون ديناً يتدين به، كحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه. فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية) صحيح البخاري ج:8 ص:87 كتاب الفتن: وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من الفتن، واللفظ له، وغيره. وعلى ذلك جرت فتاوى كثير من فقهاء الجمهور. قال الشوكاني تعقيباً على الحديث المذكور: (فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم. فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تعالى: "مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" (البقرة 194). وقال ابن حجر: (قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار. وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه. وأن طاعته خير من الخروج عليه. لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء. وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده. ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليه). والحديث في ذلك طويل.

عن كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: إذا تم استعمال الجمل الخبرية في محل الكلام في إنشاء الطلب وخروجها عن مقام الاخبار فلا ينبغي التأمل في الخروج بها عن معانيها الموضوعة لها ، لتبادر الحكاية بها عن النسب التامة الخارجية، دون طلب المادة والبعث إليها ، فإرادة الطلب والبعث بها تبتني على عناية خارجة عما هي موضوعة له، ويكون متبادرا منها، كما أشرنا إليه عند الكلام في الفرق بين الخبر والانشاء في لواحق المعنى الحرفي. نعم لا يبعد عدم خروجها في المقام عن الخبرية، فهي مستعملة في مقام الحكاية والاخبار عن حال المطلوب منه أو المنهي بلحاظ ما ينبغي وقوعه منه بسبب الطلب أو النهي المتوجهين له، فكأن حضوره للامتثال وكونه في مقامه قد اخذ مفروض الوجود، والاخبار بوقوع الفعل منه أو عدمه يبتني على المفروغية عن ذلك، إما لاعتقاد المتكلم ذلك فيه، أو لادعائه له بسبب ظهور حاله فيه أو تشجيعا أو ترغيبا أو تخويفا. أو أن الاخبار يكون تعليقيا لبا منوطا بكونه في مقام الامتثال وعدم الخروج عما يراد منه. وعلى كلا الوجهين يكشف عن ثبوت الطلب أو النهي، ويصلح لبيان أحدهما، لكونهما ملزومين للمدلول اللفظي للجملة، وهو وقوع الفعل أو عدمه من المكلف من حيثية كونه مطيعا. وبهذا يمكن توجيه دلالة الجملة الاسمية على الطلب، وإن أهمل التعرض لها في بعض الوجوه المتقدمة، كما في مثل قوله تعالى: "فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ" (البقرة 197) ، فيحمل على الاخبار بعدم وقوع هذه الأمور ممن فرض الحج للمفروغية عن كونه في مقام القيام بوظائف الحج وفروضه. وكيف كان، فبعد فرض ظهور الجمل المذكورة في بيان الطلب أو الزجر، إما لسوقها في مقام الانشاء مجازا، أو للاخبار بالوجه المتقدم فالظاهر من المرتكزات الاستعمالية سوقها لبيان أصل الطلب والزجر، لا خصوص الإلزامي أو غير الإلزامي منهما ، ولا بنحو تكون مرددة بينهما فقد أو مع مطلق الطلب أو الزجر، لتكون مجملة، لعين ما سبق في الصيغة من صلوحها للالزامي وغيره من دون تبدل في المعنى المسوقة له ارتكازا. وحينئذ يتجه حمل إطلاقها على خصوص الإلزامي منهما للوجه المتقدم في الصيغة من دون خصوصية لها في ذلك. كما أنه يتجه حمل الجمل الاثباتية منها الواردة عقيب النهي أو في مورد توهمه على مجرد الترخيص في الفعل، وحمل الجمل السلبية منها الواردة عقيب الامر أو في مورد توهمه على مجرد الترخيص في الترك، لان المتيقن سوقها لبيان أحد الامرين دون الطلب أو الزجر، لعدم ظهورها في أحدهما. فهي إما أن تكون مستعملة في إنشاء الاذن والسعة مجازا، أو مسوقة للاخبار عن حال الفاعل في فرض تعلق إرادته بالفعل أو الترك جريا على مقتضى السعة والاذن المقصود بيانهما بالجمل الذكورة .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك