الصفحة الإسلامية

روايات المراجع عن عم الرسول أبو طالب رضوان الله عليه (ح 4)


الدكتور فاضل حسن شريف

لا يمكن عقلا ان يكون ابو سفيان، عدو الدعوة الاسلامية وقائد الجيوش ضد الدعوة المحمدية وكادت تقتل الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مؤمنا. بينما ابو طالب حامي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بسبب دعوته لرسالة الاسلام وفداه بنفسه وأولاده، كافرا. جاء في الحديث: شعر أبى طالب تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله. وهذا أحد أدلة ايمان ابي طالب. ومن أفعاله كان يطلب من ابنه جعفر ان يصلي مع ابنه علي عند الكعبة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان ابو طالب يطلب من أولاده أن يناموا بدل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليضحوا عنه. وعندما وضعت قريش كرش بعير فوق رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتكى عند عمه ابي طالب، فغضب ابو طالب على حال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصاح بأخيه حمزة ان يذهب لهؤلاء الأوباش ويضع على رؤوسهم كروش ومصارين البعران التي كانت تذبح عند الكعبة زمن الجاهلية كما فعلوا بابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد فعل حمزة كما امره أخاه ابو طالب. وقد حاصرت قريش بنو هاشم حتى مرض ومات ابو طالب بسبب الحصار فداءا لابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم. يقول الامام الصادق عليه السلام (لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في الكفة لأخرى لرجح إيمانه). وورد عن الامام الباقر عليه السلام ان ابا طالب ليشفع في مثل ربيعة ومضر. ورد أن امير المؤمنين عليه السلام كان يحج عن ابيه ابي طالب مرات عديدة وطلب من ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام أن يحجوا عن ابي طالب رضوان الله عليه.

عن شبكة المعارف الاسلامية لسماحة الشيخ اكرم بركات في مقالته ابو طالب مؤمن آل قريش: يقول تعالى: "وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا" (الانفال 74) كثير من الناس يدخلون بعد النصر أفواجاً، لكنّ القليل الذين ينصرون الحقّ في أوقات المحن والبلاء. من هؤلاء القليل القليل أحد أولياء شهر رمضان أبو طالب عمران بن عبد المطلب (رض) الذي يجرّنا الحديث عنه إلى الحديث عن طهارة آباء النبيّ صلى الله عليه وآله قال تعالى: "الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ" (الشعراء 218-219). عن النبي صلى الله عليه وآله: (لم أزل انقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات). وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (فاستودعهم في أفضل مستودع، وأقرّهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام . كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف، حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد صلى الله عليه وآله، فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً وأعزِّ الأرومة مغرساً، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتجب منها أمناءه). في ليلة الاسراء افتقد أبو طالب محمداً، فدعا فتيان بني هاشم، وأمر كلاًّ منهم أن يخبّئ تحت ثيابه سلاحاً، وأن يقف كل واحد منهم عند زعيم من رجال قريش، وبعد أن عاد النبيّ صلى الله عليه وآله أعلن أبو طالب رضي الله عنه لقريش ما كان يريد أن يفعل، فقال لهم: (يا معشر قريش أتدرون ما هممتُ به، والله لو قتلتموه ما أبقيت منكم أحداً، حتى نتفانى نحن وأنتم)، وأنشد: ألا أبلغ قريشاً حيث حلَّت وكل سرائر منها غرور لآل محمد راع حفيظ وداد الصدر مني والضمير ويشرب بعده الولدان رّياً وأحمد قد تضمنه القبور أيا ابن الأنف أنف بني قصي كان جبينك القمر المنير. لقد كان رسول الله يشعر بدعم عمِّه الكبير الذي كان يحثّه على إظهار دعوته، بقوله: لا يمنعنّك من حقٍّ تقوم به أيدٍ تصول ولا سلقٌ بأصوات فإن كفَّك كفي إن بليت بهم ودون نفسك نفسي في الملمَّات. وفاة أبو طالب: في شهر رمضان وفيما كان شعره الإيماني يملأ قريشاً: يا شاهد الله عليَّ فاشهدِ آمنت بالواحد ربِّ محمدِ من ضلَّ في الدين فإني مهتدِ يا ربِّ فاجعل في الجنان موردِ. نزل جبرئيل قائلاً لمحمد: إن الله يأمرك أن تخرج من هذه القرية الظالم أهلها فإنّ ناصرك قد مات.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: و بموجب ما يذكره الشهرستاني صاحب «الملل و النحل» و غيره من علماء السنة أنّ سماء مكّة قد جست بركتها عن أهلها سنة من السنين، فواجه الناس سنة- جفاف شديد، فأمر أبو طالب أنّ يأتوه بابن أخيه محمّد، فأتوه به و هو رضيع في قماطه، فوقف تجاه الكعبة، و في حالة من التضرع و الخشوع أخذ يرمي بالطفل ثلاث مرات إلى أعلى ثمّ يتلقفه و هو يقول: يا ربّ بحق هذا الغلام اسقنا غيثا مغيثا دائما هطلا، فلم يمض إلّا بعض الوقت حتى ظهرت غمامة من جانب الأفق و غطت سماء مكّة كلّها و هطل مطر غزير كادت معه مكّة أن تغرق. ثمّ يقول الشهرستاني: هذه الواقعة، التي تدل على علم أبي طالب بنبوة ابن أخيه و رسالته منذ طفولته تؤكّد إيمانه به، و هذا أبيات أنشدها أبو طالب بعد ذلك بتلك المناسبة: و أبيض يستسقى الغمام بوجهه‌ * ثمال اليتامى عصمة للأرامل‌ يلوذ به الهلاك من آل هاشم‌ * فهم عنده في نعمة و فواضل‌ و ميزان عدل لا يخيس شعيرة * و وزان صدق وزنه غير عائل‌. إنّ حكاية إقبال قريش على أبي طالب رحمه اللّه عند الجفاف، و استشفاع أبي طالب إلى اللّه بالطفل قد ذكرها غير الشهرستاني عدد آخر من كبار المؤرخين، و قد أورد العلّامة الاميني قدس سرّه صاحب كتاب الغدير هذه الحكاية و ذكر أنّه نقلها من شرح البخاري و المواهب اللدنية و الخصائص الكبرى و شرح بهجة المحافل و السيرة الحلبية و السيرة النبوية و طلبة الطالب. لأبي طالب شعر آخر في مدح رسول اللّه نقله ابن عساكر في تاريخه: لقد أكرم اللّه النبي محمّدا * فأكرم خلق اللّه في الناس أحمد.

جاء في بحار الانوار للعلامة المجلسي عن إعلام الورى: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسعة أعمام هم بنو عبد المطلب: الحارث، والزبير، وأبو طالب، والغيداق، والضرار، والمقوم وأبو لهب واسمه: عبد العزى، والعباس ولم يعقب منهم إلا أربعة. الحارث و أبو طالب، والعباس، وأبو لهب، فأما الحارث فهو أكبر ولد عبد المطلب، وبه كان يكنى، وشهد معه حفر زمزم، وولده أبو سفيان، والمغيرة، ونوفل، وربيعة وعبد شمس، أما أبو سفيان فأسلم عام الفتح ولم يعقب، وأما نوفل فكان أسن من حمزة والعباس، وأسلم أيام الخندق وله عقب، وأما عبد شمس فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله، وعقبه بالشام، وأما أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله فكان مع أبيه عبد الله ابني أم، وأمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، و اسمه عبد مناف، له أربعة أولاد ذكور: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي، ومن الإناث أم هاني، واسمها فاخته وجمانة، أمهم جميعا فاطمة بنت أسد، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وأعقبوا إلا طالبا، وتوفي قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وآله بثلاث سنين، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله ممنوعا من الأذى بمكة، موقى له حتى توفي أبو طالب، فنبت به مكة ولم يستقر له بها دعوة حتى جاءه جبرئيل عليه السلام فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك: اخرج من مكة فقد مات ناصرك، ولما قبض أبو طالب أتى علي رسول الله عليهما السلام فأعلمه بموته، فقال له: امض يا علي فتول غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل ذلك، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله وقال: وصلتك رحم، وجزيت خيرا يا عم، فلقد ربيت وكفلت صغيرا، ووازرت ونصرت كبيرا ثم أقبل على الناس وقال: أما والله لاشفعن لعمي شفاعة يعجب لها أهل الثقلين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك