الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 20)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: قال سبحانه‌ "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" (البقرة 185) ثمّ‌ قال تعالى‌ "َمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى‌ََ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيََّامٍ أُخَر" (البقرة 185) ثمّ عقّبه بقوله عزّ من قائل: "وَ عَلَى اَلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ" (البقرة 184)، فيظهر من التأمّل في مجموع هذه الآيات أنّه سبحانه قسّم المكلفين على طوائف ثلاث لكلٍّ حكمٌ يخصّها. فذكر أوّلاً وجوب الصوم على من شهد الشهر وهو الحاضر في البلد فهو مأمور بالصيام، ولا شكّ أنّ الأمر ظاهر في الوجوب التعييني. ثمّ أشار تعالى إلى الطائفة الثانية بقوله‌ "فَمَنْ كََانَ"، فبيّن سبحانه أنّ المريض والمسافر، مأمور بالصيام في عدّة أيّامٍ أُخر أي بالقضاء وظاهره ولا سيّما بمقتضى المقابلة تعيّن القضاء، فلا يشرع منهما الصوم فعلاً. و أخيراً أشار إلى الطائفة الثالثة بقوله‌ "وَ عَلَى اَلَّذِينَ"، وهم الشيخ والشيخة ونحوهما ممّن لا يطيق الصوم إلّا بمشقّة عظيمة وحرج شديد، وأنّ وظيفتهم شي‌ء آخر لا الصيام ولا القضاء، بل هي الفدية. ثمّ أشار بعد ذلك إلى أنّ هذه التكاليف إنّما هي لمصلحة المكلّف نفسه ولا يعود نفعها إليه سبحانه، فقال‌ "وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ" أي تصوموا على النهج الذي شُرِّع في حقّكم من الصيام في الحضر والقضاء في السفر. فالمتحصّل من الآية المباركة: عدم مشروعيّة الصوم من المسافر كما أنّها لا تشرع من المريض وأنّ المتعيّن في حقّهما القضاء، فهي وافية بإثبات المطلوب من غير حاجة إلى الروايات كما ذكرناه، وعلى أنّها كثيرة ومتواترة كما عرفت، وهي طوائف: فمنها: ما وردت في مطلق الصوم، مثل قوله عليه السلام: (ليس من البرّ الصيام في السفر) كما في مرسلة الصدوق‌. ومنها: ما ورد في خصوص شهر رمضان، مثل قوله(عليه السلام)في رواية يحيى بن أبي سعيد: (الصائم في السفر في شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر). و بعضها في خصوص القضاء وأنّه ليس للمسافر أن يقضي إلّا أن ينوي عشرة أيّام، وجملة منها في النذر، وأُخرى في الكفّارة، فلا إشكال في المسألة. و لكن نُسِب إلى المفيد الخلاف تارةً في خصوص صوم الكفّارة، وأُخرى في مطلق الصوم الواجب ما عدا رمضان، وأنّه جوز الإتيان به في السفر. و لم يُعرف له أيّ مستند على تقدير صدق النسبة، إلّا على وجهٍ بعيدٌ غايته بأن يقال: إنّه قدس سره غفل عن الروايات الواردة في المقام، وقصر نظره الشريف على ملاحظة الآية الكريمة التي موردها شهر رمضان فلا يتعدّى إلى غيره في المنع. و هو كما ترى مناف لجلالته وعظمته، فإنّه كيف لم يلتفت إلى هاتيك الأخبار المتكاثرة البالغة حدّ التواتر كما سمعت؟ و بالجملة: فلم يُعرف لما نُسِب إليه وجهٌ صحيح ولا غير صحيح، ولا يبعد عدم تماميّة النسبة. فإنّ موضوع الإفطار هو السفر الموجب للتقصير، للملازمة بين الأمرين، كما دلّ عليها قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن وهب: (إذا قصّرت‌ أفطرت، وإذا أفطرت قصّرت). و نحوها موثّقة سماعة: (ليس يفترق التقصير عن الإفطار، فمن قصّر فليفطر). لدى العجز عنه بلا خلاف فيه ولا إشكال على ما نطقت به النصوص وقبلها الكتاب العزيز: قال تعالى‌ "َمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ" (البقرة 196) فيشرع صوم الثلاثة أيّام في سفر الحجّ على تفصيل مذكور في محلّه من حيث الإتيان به قبل العيد أو بعده وغير ذلك ممّا يتعلّق بالمسألة، وبذلك يخرج عن عموم منع الصوم في السفر، وقد دلّت على ذلك من الأخبار صحيحة معاوية بن عمّار وموثّقة سماعة وغيرهما، لاحظ الباب السادس والأربعين من أبواب الذبح من كتاب الوسائل. حيث إنّ الوقوف بعرفات لمّا كان واجباً إلى الغروب فلو أفاض قبله عامداً كانت عليه كفّارة بدنة، فإن عجز عنها صام ثمانية عشر يوماً مخيّراً بين الإتيان به في سفر الحجّ أو بعد الرجوع إلى أهله، على المشهور في ذلك، كما دلّت عليه صحيحة ضريس الكناني عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس(قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكّة، أو في الطريق، أو في أهله).

جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: أمّا الحلّ فالأنسب الأولى أن يقال تتميماً لكلام شيخنا الأنصاري قدّس سرّه إنّ القائل بالاباحة في المعاطاة إن أراد بها الاباحة إلى الأبد ورأى عدم شمول شيء من الأدلّة المتقدّمة الدالّة على الملك للمعاطاة ، فما أفاده قدّس سرّه في الحلّ في غاية الوجاهة والمتانة حينئذ، لأنّ الاباحة حينئذ إباحة شرعية مستندة إلى أدلّتها لا مالكية مستندة إلى صحّة العقد، فالمعاطاة معاملة فاسدة، وإنّما أباح الشارع للمتعاطيين التصرف ، فهي إباحة شرعية. وأمّا إذا كان القائل بالاباحة ملتزماً بشمول أدلّة البيع للمعاطاة، نظير "أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ" (البقرة 275) أو عموم الناس مسلّطون على أموالهم" وقال بأنّ الاباحة ثابتة إلى زمان طروء أحد الملزمات فيثبت الملك قبله آناً ما فحينئذ لا وجه لدعوى أنّ الشارع لم يمض ما قصده المتعاملان، بل قد أمضى ما قصداه غاية الأمر لا متصلا بزمان البيع بل على نحو الانفصال، وللشارع أن يتصرّف فيما يوقعه المكلّفون بهذه الكيفية من التصرفات، وعليه فالمعاطاة تفيد الملك على نحو الانفصال فلم يتخلّف المقصود عن العقد.

عن موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: فلا ريب في أن من لم يجد الهدي ولا ثمنه وظيفته الصوم للآية المباركة والروايات الكثيرة، ولكن لو فرضنا أنه لم يصم ووجد الثمن والهدي في أيام التشريق ففي هذا الفرض تسالموا على وجوب الذبح كما في الجواهرلأنه متمكن من الهدي ويشمله صدر الآية المباركة "فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ" (البقرة 196) ففي الحقيقة هو واجد للهدي وإنما تخيل عدم التمكّن من الهدي، فلا موجب لسقوط الهدي. نعم، في معتبرة أبي بصير قال: (سألت أبا عبد اللََّه عليه السلام عن رجل تمتع ولم يجد ما يهدي ولم يصم الثلاثة الأيام، حتى إذا كان بعد النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم؟ قال: لا، بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت) و لكنها متروكة جزماً، للتسالم على الذبح فيما إذا لم يصم طبقاً للآية الكريمة، لأنه كما ذكرنا واجد للهدي حقيقة وإنما تخيل عدم كونه واجداً فلا يشمله قوله تعالى‌ "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ فِي اَلْحَجِّ" (البقرة 196). هذا مضافاً إلى أن الرواية لم تثبت بهذا المضمون، فإن الكليني والشيخ روياها بعين هذا السند من دون قوله (و لم يصم الثلاثة الأيام) فقد رويا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم وهو كرام في الرواية الأُولى عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: (سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أ يذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت). و الرواية واحدة جزماً فالاختلاف من سهو الشيخ قدس سره أو من النسّاخ، ولا أقل أن الرواية مطلقة، فتحمل على ما إذا صام ثلاثة أيام كما صرح في صحيحة حماد بأنه لو صام‌ ثلاثة أيام يسقط عنه الهدي (عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هدياً يوم خرج من منى قال: أجزأه صيامه) فتقيد صحيحة أبي بصير بما إذا صام ثلاثة أيام، وأمّا لو لم يصم فوظيفته الذبح بلا إشكال للآية الكريمة والروايات، وعدم ما يدل على الاجتزاء بالصوم. المورد الثاني: ما إذا لم يجد الهدي ولا الثمن وصام ثلاثة أيام، ثم وجد الهدي وتمكن منه في اليوم الثاني عشر مثلاً، فقد وقع الخلاف في ذلك، فعن الأكثر الاكتفاء بالصوم وعن القاضي وجوب الهدي‌ و الروايات في ذلك متعارضة، منها: ما دلّ على الاجتزاء بالصيام كصحيح حماد المتقدم. ومنها: ما دل على لزوم الهدي كمعتبرة عقبة بن خالد. و بالجملة: هذان الموردان خارجان عن محل كلامنا. المورد الثالث: وهو ما إذا كان واجداً للثمن ولكن لم يجد الهدي، فالمشهور بل ادعي عليه الإجماع أنه يخلف الثمن عند من يشتري طول شهر ذي الحجة، فان لم يجد فيه ففي العام المقبل، ولا ينتقل فرضه إلى الصيام، ولا مخالف في البين إلّا ابن إدريس‌ و المحقق‌ و قالا بانتقال فرضه إلى الصوم كما يقتضيه إطلاق قوله تعالى‌ "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ فِي اَلْحَجِّ" (البقرة 196) فإن عدم وجدان الهدي صادق وإن كان واجداً لثمنه. و دعوى: أن وجدان الهدي يعم وجدان نفس الهدي وثمنه، فالمراد من عدم الوجدان عدم وجدان الهدي وعدم وجدان ثمنه ضعيفة، فان الظاهر من الآية الكريمة عدم وجدان نفس الهدي ولا يعم الثمن، كما أن دعوى أن وجدان النائب كوجدان نفس الحاج ضعيفة أيضاً، فإن الظاهر عدم وجدان نفس الحاج المكلف بالهدي، فلو كنّا نحن والآية المباركة فالحق مع ابن إدريس والمحقق، لأن مقتضى ظاهر قوله تعالى‌ { «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ" (البقرة 196) أن من فقد الهدي ينتقل فرضه إلى الصيام، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين كونه واجداً للثمن أم لا. إلّا أن صحيحة حريز تدل صريحاً على إيداع الثمن عند من يشتريه كما ذهب إليه المشهور بعينه، فعن حريز بسند صحيح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام (في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم، قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه، فان مضى ذو الحجة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجة). و مع صراحة هذه الرواية الصحيحة لا يمكن المصير إلى ما ذهب إليه ابن إدريس والمحقق، فما وقع من الحلي قدس سره يمكن الاعتذار عنه بعدم عمله بأخبار الآحاد كما هو المعروف عنه، وإن اعترض عليه صاحب الجواهر بأن هذا الخبر لا يعامل معه معاملة الخبر الواحد لاعتضاده بعمل رؤساء الأصحاب الذين هم الأساس في حفظ الشريعة كالشيخين والصدوقين والمرتضى وغيرهم‌ و لكن لا نعرف وجهاً لما ذهب إليه المحقق، فالصحيح هو القول المشهور. لا ريب في أن المتمتع بالحج إذ لا يتمكّن من الهدي ولا ثمنه يجب عليه صيام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لقوله تعالى‌ "فَإِذََا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى اَلْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيََامُ ثَلاََثَةِ أَيََّامٍ فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كََامِلَةٌ ذََلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حََاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرََامِ" (البقرة 196).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك