الصفحة الإسلامية

القرآن الكريم و أحاديث صحيح البخاري وغيره من كتاب السيد العسكري (الصحابة) (ح 6)


الدكتور فاضل حسن شريف

وعن الخلفاء الاربعة يقول السيد مرتضى العسكري: عصور الحديث: وإنما جوزنا أن يكون عصر الخليفتين عصر نشر هذه الاحاديث، لانا نجد الاحاديث التي فيها ذكر الخلفاء الاربعة، وأن رسول الله كان يستخلفهم لو استخلف أحدا، إلى نظائر هذه الاحاديث في هذا الباب إنما تنقسم إلى أربعة أقسام: القسم الاول منها ما فيه ذكر الخلفاء الاربعة حسب تسنمهم الخلافة واحدا بعد الآخر حتى علي بن أبي طالب، فذلك ما نرى فيه أنه قد حدث من بعد علي بن أبي طالب وبعد تدرج الخلفاء الاربعة عليها. ومن هذا النوع من الحديث ما أخرجه المحب الطبري في الرياض النضرة عن النبي انه قال: (كنت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أنوارا على يمين العرش قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلما خلق أسكناه ظهره، ولم نزل ننتقل في الاصلاب الطاهرة إلى أن نقلني الله إلى صلب عبد الله، ونقل أبا بكر إلى صلب أبي قحافة، ونقل عمر إلى صلب الخطاب، ونقل عثمان إلى صلب عفان، ونقل عليا إلى صلب أبي طالب، ثم اختارهم لي، فجعل أبا بكر صديقا، وعمر فاروقا، وعثمان ذا النورين، وعليا وصيا، وفمن سبا أصحابي فقد سبني ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أكبه في النار على منخره). وإنما نرى تأخر وضع هذا النوع من الحديث عن عصر علي إلى ما بعده لان هذا الحديث مثلا مضافا إلى ما فيه من ذكر السب، والسب كان قد انتشر في عصر معاوية وبتحريض منه ولم يكن سب الصحابة والخلفاء الاوائل في الرياض النضرة عن محمد بن إدريس الشافعي. وفي عصر علي وإن كان الخلفاء الثلاثة قد تدرجوا على الخلافة كذلك غير أن المسلمين كانوا قد انشقوا إلى حزبين: حزب ينقم على عثمان، وآخر لا يذكر عليا بخير. فمن كان يضع هذا الحديث؟ وفي زمن معاوية وإن كان السب قد انتشر وتنافس الناس على وضع الحديث غير أن ذلك كله كان لمحاربة علي وبنيه ورهطه من بني هاشم وشيعتهم، وأن السياسة الاموية كانت قد استندت في حكمها على التفريق بين علي وساير الخلفاء قبله، وجعله قبالهم، واستمرت الحال على ذلك إلى آخر العصر الاموي، إذن فلابد من القول بتأخر وضع هذا الحديث عن هذه العصور إلى عصر ضعف الامويين، ومن قبل قيام الدولة العباسية، لان العباسيين أيضا أخذوا بعد استيلائهم على الخلافة في مضايقة بني عمومتهم العلويين، وحاربوهم في كل مجال كالامويين. فلم يبق عصر يناسب وضع هذا الحديث إلا أخريات العصر الاموي، وعند ضعف دولتهم، وانتشار الدعوة لآل البيت، حيث إن الهاشميين يومذاك علويين وعباسيين كانت كلمتهم مجتمعة، وكان في نشر اسم ابن أبي طالب في قائمة الخلفاء ونشر فضائله إلى جنب فضائل الخلفاء الثلاثة تأييد لسياسة العباسيين قبال سياسة خصومهم الامويين القائمة على إخراج اسمه من قائمة الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وآله، ونشر مدح الثلاثة مع نشر ذمه. ونرى أن العباسيين قد ذهبوا إلى أبعد من هذا في مقابلة سياسة خصومهم الامويين بسياسة خاصة بهم يومذاك، وذلك بإخراج اسم عثمان من قائمة الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وآله.

جاء في في أسد الغابة عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: كنا مع رسول الله في صور بالمدينة، فقال: (يطلع عليكم رجل من أهل الجنة): فجاء أبو بكر، فهنيناه ثم قال: (يطلع عليكم رجل من أهل الجنة) فجاء عمر، فهنيناه، ثم قال: (يطلع عليكم رجل من أهل الجنة)، قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصغي رأسه من تحت السعف ويقول: (اللهم إن شئت جعلته عليا)، فجاء علي فهنيناه. وليس إنكارنا لهذا النوع من الاحاديث ناشئا من إنكارنا فضائل الرسول والاطائب من أرومته، والابرار من صحابته جملة واحدة. معاذ الله أن نكون كذلك، فلسنا بمنكري فضائلهم الجمة وإنما ننكر مثلا أن يكون الله قد ميز بعض صحابة الرسول الذين أصابتهم الخلافة على من أخطأتهم، فخلق الاولين من نور، وجبل الآخرين من طين، ثم نشك في كل حديث يرد فيه اسم الخلفاء الاربعة مسلسلا حسب مجيئهم إلى الحكم، مضافا إلى قرائن أخرى نشير إلى بعضها في محلها إن شاء الله تعالى. والقسم الثاني من تلكم الاحاديث ما فيها ذكر الخلفاء الثالثة واحدا بعد الآخر حتى عثمان. في ترجمة عمر من الاستيعاب وأسد الغابة وترجمة الشماخ من الاغاني بسندهم إلى عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة قالت: ناحت الجن على عمر قبل أن يقتل بثلاث، فقالت: أ- أبعد قتيل بالمدينة أظلمت * له الارض تهتز العضاة بأسوق ب - جزى الله خيرا من إمام وباركت * يد الله في ذاك الاديم الممزق. قدم الى رسول الله صلى الله عليه وآله أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه عقبة فقال: أتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال: نعم بكفرك وفجورك وعتوك على الله ورسوله. فأمر عليا فضرب عنقه فأنزل الله فيه: "ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا" (الفرقان 30-32). وابنه الوليد أسلم يوم فتح مكة وبعثه النبي مصدقا إلى بني المصطلق، فعاد وأخبر عنهم أنهم ارتدوا ومنعوا الصدقة، وذلك أنهم خرجوا يتلقونه فهابهم فانصرف عنهم فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد، وأمره أن يتثبت فيهم ولا يعجل، فأخبروه أنهم متمسكون بالاسلام ونزلت فيه: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" (الحجرات 6). وفي عهد عثمان ولاه الكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقاص وكان سعد هو الذي كوف الكوفة بأمر عمر وأسكنها جيوش المسلمين وكان سعد قائدهم في فتح إيران فكانوا يحبونه ويحترمونه. فلما قدم الوليد على سعد قال له: والله ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: لا تجزعن أبا إسحاق فانما هو الملك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون. فقال سعد: أراكم ستجعلونها ملكا. فساء الناس ذلك وقالوا: بئسما ابتدلنا عثمان.

وعن عمار بن ياسر يقول السيد مرتضى العسكري في كتابه أحاديث أم المؤمنين عائشة: هو أبو اليقظان بن ياسر بن عامر، وكان ياسر والد عمار عربيا قحطانيا مذحجيا من عنس قدم من اليمن إلى مكة وحالف أبا حذيفة ابن المغيرة المخزومي وتزوج أمته سمية بن خباط فولدت عمارا فاعتقه أبو حذيفة، فمن هنا صار عمار مولى لبني مخزوم. كان هو وأبواه وأخوه عبد الله من السابقين إلى الاسلام، وأجهروا باسلامهم فعذبوا عليه أشد العذاب. ألبسوا أدراع الحديد، ثم صهروا في الشمس على أن يتركوا الاسلام وهم يأبون ذلك، وكان رسول الله يمر عليهم بالأبطح وهم يعذبون في رمضاء مكة فيقول: (صبرا آل ياسر موعدكم الجنة) وكانت سمية أول شهيد في الاسلام طعنها أبو جهل بحربة في قبلها فماتت من ذلك. وقتل بعدها ياسر. أما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فأخبر النبي بأن عمارا كفر فقال: كلا، إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، وأخلط الايمان بلحمه ودمه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكي فجعل رسول الله يمسح عينيه، وقال: إن عادوا لك فعد لهم بما قلت، فأنزل الله تعالى فيه: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان" (النحل 106). هاجر عمار إلى المدينة وشهد بدرا وما بعدها، ولما قدم النبي إلى المدينة جمع أحجارا وبنى له مسجد قبا فهو أول من بنى مسجد في الاسلام. واشترك في بناء المسجد النبي صلى الله عليه وآله. قال ابن هشام عند ذكره بناء رسول الله مسجده في المدينة: فدخل عمار وقد أثقلوه باللبن، فقال: يا رسول الله قتلوني يحملون علي مالا يحملون. وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله في مواطن كثيرة منها قوله فيه لما رأى خالدا يغلظ له القول: (من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله) شهد مع علي الجمل وصفين، وكان في صفين لا يأخذ في ناحية ولا واد إلا وتبعه أصحاب النبي كأنه علم لهم، وكان يرتجز ويقول: اليوم ألقى الأحبة * محمدا وحزبه. ولما قتل اختصم في قتله اثنان فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار، والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. هذا هو عمار بن ياسر، وأما قصته مع الخليفة عثمان فإنه غضب عليه في عدة موارد: منها في قصة ترحمه من كل قلبه على أبي ذر في ما روى البلاذري وقال: إنه لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال: رحمه الله. فقال عمار بن ياسر: نعم فرحمه الله من كل أنفسنا، فقال عثمان: يا عاض أير أبيه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك