الصفحة الإسلامية

الكلمات المتشابه في القرآن الكريم (العقوبة و النقمة او العقاب و الانتقام) (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله عز وجل عن العقوبة بين الناس في آيات قرآنية "فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ" ﴿النحل 126﴾، و "ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" ﴿الحج 60﴾، و "وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ" ﴿الممتحنة 11﴾. قال الله جلت قدرته عن النقمة ايضا "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" ﴿الروم 47﴾، و "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ" ﴿السجدة 22﴾، و "وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ" ﴿الزمر 37﴾، و "فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" ﴿الزخرف 25﴾، و "فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ" ﴿الزخرف 41﴾، و "فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ" ﴿الزخرف 55﴾، و "يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ" ﴿الدخان 16﴾، و "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" ﴿البروج 8﴾. جاءت نقمة ومشتقاتها في القرآن الكريم: انتِقَامٍ، تَنقِمُونَ، فَيَنتَقِمُ، تَنقِمُ، فَانتَقَمْنَا، نَقَمُوا، مُنتَقِمُونَ، انتَقَمْنَا.

جاء في مرآة العقول للعلامة المجلسي: قال الله تعالى "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " (الزلزلة 7-8) يعني وله ثواب بقدر قصده الصحيح ، وعقاب بقدر قصده الفاسد. جاء عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه ‌السلام يقول: قال الله عز وجل إن العبد من عبيدي المؤمنين ليذنب الذنب العظيم مما يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته فأعجل له العقوبة عليه في الدنيا لأجازيه بذلك الذنب وأقدر عقوبة ذلك الذنب وأقضيه وأتركه عليه موقوفا غير ممضى ولي في إمضائه المشيئة وما يعلم عبدي به فأتردد في ذلك مرارا على إمضائه ثم أمسك عنه فلا أمضيه كراهة لمساءته وحيدا عن إدخال المكروه عليه فأتطول عليه بالعفو عنه والصفح محبة لمكافاته لكثير نوافله التي يتقرب بها إلي في ليله ونهاره فأصرف ذلك البلاء عنه وقد قدرته وقضيته وتركته موقوفا ولي في إمضائه المشيئة ثم أكتب له عظيم أجر نزول ذلك البلاء وأدخره وأوفر له أجره ولم يشعر به ولم يصل إليه أذاه وأنا الله الكريم الرءوف الرحيم. إشارة إلى قوله تعالى: "إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً" (المزمل 12) والنكل بالتحريك منع الرجل وتبعيده عما يريد، والنكال بالفتح العقوبة التي ينكل الناس عن فعل ما جعلت له جزاء، والنكل بالكسر القيد لأنه ينكل به أي يمنع، وجمعه أنكال، والجحيم من أسماء جهنم وأصله ما اشتد لهبه من النيران ، والبطش الشديد ناظر إلى قوله تعالى: "إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ" (البروج 12). والبطش: الأخذ القوي الشديد، والوصف للتأكيد، والنقمة السخط والغضب والعقوبة، ومن أسمائه سبحانه المنتقم، وهو المبالغ في العقوبة، وكما أن رحمته عظيمة كذلك نقمته شديدة.

ذكرت آيات قرآنية ان الله شديد العقاب و ان الله سريع العقاب، ولم ترد آيات بان الله شديد الانتقام او سريع الانتقام. فالانتقام يحصل بعد مراحل من التحذير والتذكير. ولو يعلم الناس قدر عذاب الله، وبأس الله، ونكال الله، ونقمة الله، ما رقأ لهم دمع، ولا قرت أعينهم بشئ. وفي حديث سفيان بن السمط عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال (إن الله إذا أراد بعبد خيراً فأذنب ذنباً أتبعه بنقمة ويذكّره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شراً فأذنب ذنباً أتبعه بنعمة، لينسيه الاستغفار ويتمادى به. وهو قول الله عز وجل: "سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ" (الاعراف 182) بالنعم عند المعاصي). وعلى الانسان ان يزرع محبته لله في القلب "وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ" (البقرة 165). أما البدء بالاستشعار بحب الله فتتم بالتفكير بنعم الله. ومن النعم نعمة الأمطار التي على الإنسان الذي جعله الله في الارض خليفة ان يستثمر هذه الامطار، لا ان تتحول الى فيضانات وكوارث بسبب عدم التفكير بأن الأمطار نعمة وليس نقمة باستخدام العقول لتوفير البنى التحتية من سدود وقنوات ومجاري وترع.

قال الله تعالى "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر 7). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ). عن أبي عبد الله عليه‌ السلام قال إذا أقيم على السارق الحد نفي إلى بلدة أخرى. عن أبي جعفر عليه‌ السلام في رجل سرق فلم يقدر عليه ثم سرق مرة أخرى فلم يقدر عليه وسرق مرة أخرى فأخذ فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والسرقة الأخيرة فقال تقطع يده بالسرقة الأولى ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة فقيل كيف ذاك فقال لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى والأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثم أمسكوا حتى يقطع ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى. قال أبو عبد الله عليه‌ السلام إذا سرق السارق قطعت يده وغرم ما أخذ. عن أبي عبد الله عليه ‌السلام في رجل أشل اليد اليمنى أو أشل اليد الشمال سرق قال تقطع يده اليمنى على كل حال. عن أبي جعفر عليه‌ السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه ‌السلام في رجل اختلس ثوبا من السوق فقالوا قد سرق هذا الرجل فقال إني لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع يد من يأخذ ثم يخفي. وكتب الصفار إلى أبي محمد عليه‌ السلام: رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع الطريق أو سرقة هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو قطع الطريق، فوقع عليه ‌السلام لا خير في شيء أصله حرام ولا يحل استعماله.

 

قال الله تعالى "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" (الأعراف 56) والمقصود بالفساد مادي ومعنوي. أما الفساد المادي له تطبيقات مثل قيام الانسان بالتلوث و الهدم والتخريب والحروب واخذ الاملاك بدون حق وعدم الحفاظ على الطبيعة، او معنوي مثل الكفر بخالق الأرض والسرقة والفجور. وجاء في الفاسير ان من المستحبات التفكر في الارض وما حصل ويحصل فيها للعبرة والعظة، وكيف ان الذي يظلم ويفسد يلقى الجزاء الرباني العادل كما قال رب العزة "قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (ال عمران 137). هنالك انواع من الموازين فهنالك ميزان مادي كالسرقة بالمكيال "وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" (المطففين 3) كما هو حال اهل مدين "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ" (هود 84) فالذي يسرق مليون دينار ميزانه يختلف عن سرقة الف دولار، "فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" (الاعراف 85) و "وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (هود 85) لا تبخسوا اي لا تنقصوا الوزن وهو نوع من انواع الفساد وهو عكس الاصلاح، وبذلك يوضع الفساد في كفة والاصلاح في كفة اخرى. ان السرقات الكبرى تعتبر تجارة محرمة كتجارة المخدرات وهي من الكبائر تستحق انزال اقصى العقوبات بحق مرتكبيها. والسارق معتدي وخاصة عندما تتعاون مجموعة من السراق في سرقة معينة "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2). وهؤلاء المعتدين تطبق عليهم الآية الكريمة "أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (المائدة 33). يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن السارق: لا يسرق حين يسرق وهو مؤمن. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ومن سرق من الأرض شبراً شبراً واحداً يأخذه الرجل من أرض جاره، شبراً واحداً، ومن سرق من الأرض شبراً طوقه يوم القيامة من سبع أرضين هذا الشبر. روى مسلم عن ندم السارق يوم تقوم الساعة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان تخرج الأرض كل ما فيها من الكنوز والأموال من الذهب والفضة التي هي سبب تقاتل الناس وشجعهم، وسرقتهم واعتداء بعضهم على بعض، وقطعهم أرحامهم تقيء الأرضإذن يوم القيامة تقيء الأرض، أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع، فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك