الصفحة الإسلامية

معنى الفرار إلى الله...


 

د.مسعود ناجي إدريس ||

 

الفرار من الدولة: للقرآن تعبير عن ذلك حيث قال : 《فروا إلى الله》. الفرار ممن وإلى من؟

لماذا عبر الله عنه بالفرار؟

الفرار يعني الهروب من الذنوب وأساس الذنوب هي حب الدنیا : «حب الدنيا رأس كل خطيئة»

لذا فإن الهروب من المعصية يعني الهروب من حب الدنيا. لأن كلمة «فرار» مذكورة في هذه الآية، إذا أردنا أن نجد تقوى حقيقية، يجب أن ندرس حالة الهاربين الحقيقيين. أولئك الذين يريدون الفرار من البلاد، أفعالهم عبرة للجميع. الهارب ماذا يفعل؟

إذا كان الهارب يمتلك أرضًا ومنزلًا وممتلكات من العقارات غير المنقولة، فسيحاول بيعها في أقرب وقت ثم ينقل أشياءه الثقيلة مثل الثلاجات والتلفزيونات. ثم ينظر ليرى إلى أين يريد أن يذهب. من يريد أن يذهب إلى أمريكا يحول عملته إلى دولارات لأنه يريد الهرب إلى هناك لذلك فكره مشغول ليلا ونهارا وبصورة دائمًا ألا يتأخر حتى ليوم واحد بعد أن يجمع أغراضه.

يقول: «حتى لو أقدم السفر لساعة واحدة لأنه من المحتمل إذا تأخرت ينكشف أمر جدید في ملفي وانفضح ويقبضون عليّ. إذا كان بإمكانه تقديم تاريخ مغادرة تذكرة الطائرة ليوم واحد، فسوف يدفع أكثر للمضي قدمًا والمغادرة حتى يرتاح من القلق، وسيحاول عدم ترك أي شيء وراءه. يجب أن يكون المؤمن مثل هذا الهارب إذا أراد أن يفر إلى الله. عليه أن يحول وقته، ماله وكل ما لديه إلى عملة. عملة الدنيا فانية وعملة الآخرة باقية. عليه أن يستغل هذه الفرصة لخدمة ومساعدة عباد الله. تحويل العملة يعني أيضًا بناء مسجد او حسينية، أو إعطاء جزء من المال إلى الحسينية والمسجد. هذا هو تحويل العملات. من أراد الفرار إلى أمريكا حوّل امواله إلى دولارات، لأن وجهته كانت إلى أمريكا. من يريد أن يفر إلى الله يجب أن يحول أمواله إلى عملة الله أي الثواب والإحسان.

ذهب أحدهم إلى المهندس الذي كان يبني مسجدًا، فقال: كم يكلف بناء صحن هذا المسجد؟»

فقال له حوالي ٢٥٠ الف دينار». ٢٥٠ الف دينار كان مبلغا كبيرا في ذلك الوقت. ذهب وأحضر ٢٥٠ دينار نقدًا، ووضعها في يد المهندس وقال: «قم ببناء صحن هذا المسجد بنفس المال. ثم ذهب وقال لأولاده: «اليوم ذهبت واشتريت منزلاً». قالوا اولاده: «أرنا هذا المنزل. اين عنوانه؟ أين سنده؟» قال: «اشتريت منزلًا رائعًا وفاخرًا للغاية مقابل ٢٥٠ دينار». مهما سأله اولاده، اجابهم نفس الإجابة واخرهم لبضعة أيام، ثم أحضرهم وأراهم صحن المسجد وقال: «لقد دفعت المال واشتريت هذا لآخرتي».

هؤلاء هم الذين يريدون حَقًّا الفرار إلى الله. تمامًا مثل الهارب، بعد ترتيب كل شيء، إذا تمكن من تقديم رحلته لِيَوْم واحدا، فسوف يكون مستعد ليدفع أكثر لهذا اليوم الواحد أو حتى لساعة، كذلك فعل المؤمن عندما قام بعمله من أجل الله وحوّلها إلى عملة وسدد حساباته، إذا طلبوا منه الحضور قبل يوم، فسيكون أسهل عليه من إخباره بالحضور غدًا. لماذا؟

لأنه كما قال الهارب: «قد يكون هناك شيء ما في ملفي وقد يمنعوني من المغادرة»، يقول المؤمن: «أنا، الذي لم أنزلق في المعصية حتى يومنا هذا، قد يحدث شيء ما وأسقط؛ اسمحوا لي أن أذهب ما زلت نظيف».

فهذا معنى قول الله تعالى في سورة الجمعة: « إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» ،  .

ولكن لماذا لا نتمنى الموت ونحن نؤمن بالآخرة؟ لأننا لم نحول العملة؛ لأن عملنا متروك دون إكمال ؛ لم نبني المنزل في آخرتنا. عندما يقول الخطيب في صلاة الجمعة: «اتقوا الله»، يعني من لم يبدل عملته فليبدلها بسرعة. من لم يأخذ جواز سفره فليسرع بأخذها، من لم يستعد الفرار إلى الله فليستعد بسرعة، من لم يتب إلى الله فليسرع بالتوبة، من لم يطلب ممن ظلمه أن يحلله فليطلب. لماذا؟ لان الأجل يأتي بلا موعد. لم يقل للإنسان متى سيأتي عند شبابه أم شيخوخته،   عند صحته أم مرضه، عند العمل أم الراحة، عندما تكتب الرسالة أكملت كتابتها أم لم تكملها، تسير إلى مقصدك وصلت أم لم تصل.

عالم الغيب لن يؤخر أجلنا كما لم يؤخر لنبي سليمان (ع) أجله. كان النبي سليمان يقف ويشرف على بناء المسجد الأقصى. جاء عزرائيل. اتكأ النبي على عصاه ووقف. فقال:   «أعطيني فرصة».. قال: لا!» رد النبي: «انتهى الأمر؟» قال: «نعم!» فقبض روحه وهو واقف. كان واقفا واستمر الخدم بإكمال عملهم انقضى مدة من الزمن اعتقدوا هذه معجزة من معجزات نبي الله أنه لا يحتاج إلى الطعام والشراب فطال وقوف النبي سليمان كثيرا حتى  أكل النمل الأبيض عصاه ووقع النبي. هكذا هو قانون الله فعندما رأينا الفارين إلى الله لنعتبر منهم، رأينا تبديل عملتهم فلنعتبر، لأن هؤلاء هم الفارّين الحقيقيين إلى الله  لكن نحن ما زلنا لم نفر إلى الله تعالى...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك