د.مسعود ناجي إدريس ||
سورة الحجرات ، الآیات من ۹ و ۱۰
( ٩ ) « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ »
الملاحظات:
مع أن شرط الإيمان هو تجنب الخلافات والاشتباكات بين المؤمنين، إلا أن المؤمنين ليسوا معصومين من الخطأ حتى لا يخطئوا وقد يتسبب ذلك في تضارب بينهم بقول جملة أو فعل شيء. لذلك يجب أن نكون مستعدين في حال وقوع مثل هذه الاشتباكات مع إطفاء نار الفتنة، فلن يتم التعدي على حقوق المظلوم، ويتم التعامل مع الظالم بطريقة لا يتكرر العدوان. نقرأ في الحديث:
(ينصره ظالما ومظلوما، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه ) [وسائل الشیعة، ج١٢، ص٢١٢]
هذه الآية عبارة عن آية تمت تلاوتها في قصتين. في قصة معركة الجمل، على الرغم من أن الإمام علي (ع) منع الخصوم من شن الحرب، إلا أن أنصار عائشة لم يستمعوا له وأشتكى إلى الله أن الناس يعصون.
وحِينما طَلبَ أَميرُ المؤمنينَ(عليه السلام) في حَرْبِ الجَمَلِ مِنْ أَصحابهِ مَنْ يَقْرَأُ على أَصحابِ الجَمَلِ قولَهُ تَعَالى: (وَإِنْ طٰائِفَتٰأن مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا)، فقامَ مسلمُ المُجَاشِعيُّ وكان عَلَيهِ قَباءٌ أبيَضُ، فَقالَ لَهُ: أنَا آخُذُهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ(عليه السلام): يا فَتى إنَّ يَدَكَ اليُمنى تُقطَعُ، فَتَأخُذُهُ بِاليُسرى فَتُقطَعُ، ثُمَّ تُضرَبُ عَلَيهِ بِالسَّيفِ حَتّى تُقتَلَ، فَقالَ الفَتى: لا صَبرَ لي عَلى ذلِكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ، قالَ: فَنادى عَلِيٌّ ثانِيَةً، وَالمُصحَفُ في يَدِهِ، فَقامَ إلَيهِ ذلِكَ الفَتى وقالَ: أنَا آخُذُهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، قالَ: فَأَعادَ عَلَيهِ عَلِيٌّ(عليه السلام) مَقالَتَهُ الأولى، فَقالَ الفَتى: لا عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ، فَهذا قَليلٌ في ذاتِ اللهِ، ثُمَّ أَخَذَ الفَتَى المُصحَفَ وَانطَلَقَ بِهِ إلَيهِم، فَقالَ: يا هؤُلاءِ، هذا كِتابُ اللهِ بَينَنا وبَينَكُم، قالَ: فَضَرَبَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ الجَمَلِ يَدَهُ اليُمنى فَقَطَعَها، فَأَخَذَ المُصحَفَ بِشِمالِهِ فَقُطِعَت شِمالُهُ، فَاحتَضَنَ المُصحَفَ بِصَدرِهِ فَضُرِبَ عَلَيهِ حَتّى قُتِلَ رَحمَةُ اللهُ عَلَيهِ. [ بحار الأنوار، ج ۳۳، ص ١٧٥]
نعم، أولاً يجب على المرء أن يكمل الجدل باقتباس القرآن، ثم يقاتل بشجاعة حتى آخر نفس من أجل الهدف.
العدالة
تتحدث هذه الآية ثلاث مرات عن إحلال السلام والإصلاح بين الناس على أساس العدل: « فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ».
في الأساس ، يرتكز الخلق على الحق والعدالة.. « بالعدل قامت السماوات » [ بحار الانوار ، ج ۲۳ ، ص ٤٣٩] .
وكانت بعثة الأنبياء ليقوم الناس بالعدل. «لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ» [الحديد ، ٢٥]
في المجتمع اليوم ، يقترن السعي لتحقيق العدالة بسيادة القانون والظلم المرادف للخروج على القانون. لكن أي قانون؟ هل قانون صنعته أيدي بشر مثلنا؟ قانون يتغير كل يوم؟ قانون تختبئ فيه مصالح الأفراد والأحزاب وتنشأ من الأفكار إلى المعلومات الناضجة والمحدودة وتتأثر بالتهديدات والإغراءات والرغبات الخاصة بهم وبالآخرين؟ قانون به جميع أنواع الخروج على القانون ولا يعمل وفقًا له؟ وهل يمكن لهذه القوانين أن تكون مقدسة ومكرمة للبشر وأن تحقق العدل والأمن للمجتمع؟
ما يجلب السلام والعدالة في المجتمع ويجنب الأخطاء والعيوب هي الشرائع السماوية التي قدمها الأنبياء للبشرية. الشرائع التي وضعها خالق الإنسان على أساس المعرفة والحكمة اللامحدودة ، ومن جاء بهذه القوانين هو الشخص الأول الذي يطبقها.
الرسائل:
١- إن خلق الفتنة بين المؤمنين شرارة لا تدوم « اقْتَتَلُوا » وهي تدل على نشوء النزاع لا ثبوته، وإلا لكان قال: « يقتتلون »
۲- المسلمون مسؤولون عن بعضهم البعض ولا تقبل اللامبالاة بالنزاعات. «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما»
٣- من أجل المصالحة وإحلال السلام بين المسلمين، يجب أن ننهض بسرعة ودون تأخير. (الحرف الفاء في « فَأَصْلِحُوا » علامة على السرعة)
٤- إذا تورطت إحدى المجموعتين أو بغت على الأخرى، وجب على الأمة الإسلامية الوقوف ضد من بغى. « فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما. . فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي»
٥- من أجل إرساء الأمن والعدالة، يجب قتل المسلمين المتمردين لو لزم الأمر. نعم، دم الباغي لا قيمة له. « فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما. . فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي»
٦- يجب استخدام العنف ضد العنف. « فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما. . فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي»
۷- لا تتهاون في قمع الباغي والظالم. « فَقاتِلُوا » ( حرف « الفاء » علامة على السرعة )
۸- للحرب والقتال في الإسلام هدف مقدس. « حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اَللَّه »
۹- مدة النضال حتى بلوغ الهدف « حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اَللَّه » وليس له وقت أو شهر أو تاريخ محدد. إنه مثل فترة زيارة المريض للطبيب وتناول الدواء، والتي يجب أن تستمر حتى يستعيد صحته.
۱۰- في النضالات الإسلامية، ليست الأهداف شخصية أو عرقية أو حزبية أو انتقامًا ولكن الهدف هو إعادة المتمرد إلى طريق الله. « حتى تفيء إلى أمر الله »
۱۱- في مرحلة النزاع حيث لا يعرف المعتدي يجب أن تكون هناك محاولة لإخماد مبدأ الفتنة وصنع السلام. « فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما » لكن في المرحلة التالية، عندما يعرف المعتدي والباغي، يجب أن يكون السلام في اتجاه الدفاع عن المظلوم وأخذ حقه من الظالم. « فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ »
۱۲- يختلف واجب المسلمين باختلاف الظروف؛ أحيانًا يكون إصلاحًا وأحيانًا حرب. (في هذه الآية ورد ذكر كل من كلمة أصلحوا والكلمة « قاتلوا » مرتين )
۱۳- حيثما كانت هناك عاصفة من الغرائز والغضب ومنحدر زلق خطير، هناك حاجة إلى أوامر متتالية. « بالعدل، أقسطوا. . يحب المقسطين »
١٤- السلام والصلح في حالة رجوع الحق إلى صاحبه، وإلا فإن التسوية مذلة والقتال مفروض. « أصلحوا. . . وأقسطوا »
١٥- استخدم الحب حيثما كان ذلك ضَرُورِيًّا لتحمل الصعوبات. « إِنَّ اَللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ »
١٦- صنع السلام على طرفي الحرب دون عدالة لا يرضي الله. « إِنَّ اَللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ »
( ۱۰ ) « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ »
الملاحظات:
تعتبر هذه الآية علاقة المؤمنين ببعضهم البعض على أنها علاقة الأخوة، والتي لها نقاط في هذا التفسير، منها:
أ ) الصداقة بين الأخوين عميقة ودائمة.
ب) صداقة الأخوين متبادلة وليست من طرف واحد.
ج) تقوم صداقة الأخوين على الفطرة لا على عوامل الجذب المادية والدنيوية.
د) الإخوة يتحدون ضد العدو وهم ذراع لبعضهما البعض.
ه) أصل وجذور الأخوين واحد.
و) الأخوة هي العامل المساعد للتسامح والمغفرة.
ز) الأخ يفرح في سعادته ويحزن في حزنه.
اليوم تستخدم كلمات صديق خليل رفيق للتعبير عن الاهتمام، لكن الإسلام يستخدم كلمة أخ وهي أعمق كلمة. في الحديث، يتم تشبيه الأخوين المتدينين بيدين يغسلان بعضهما البعض. [محجة البيضاء، ج ۳، ص ۳۱۹]
في هذه الآية والآية السابقة، تكرر أمر « أصلحوا » ثلاث مرات، مما يدل على اهتمام الإسلام بإرساء السلام والصداقة بين أفراد المجتمع. قال في الآية السابقة:
فأصلحوا. . . . . وأقسطوا وفي هذه الآية قال: « فأصلحوا. . . . . وَاتَّقُوا» .
إذا تم قبولك كوسيط، ففكر في الله واحكم، ألا يكون إصلاحك مصدر قمع لأحد الأطراف. الإخوة من مزايا الإسلام التي تبدأ من الإصلاح من جذور الإخوة. على سبيل المثال يقول: « إِنَّ اَلْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا » [یونس، ٦٥]
إذاً لكسب العزة لماذا تذهبون لهذا وذاك؟ أو يقول: « اَلْقُوَّة لِلَّهِ جَمِيعًا » [البقرة، ١٦٥]
إذاً لماذا تلتجأون كل ساعة لشخص!؟ ويقول في هذه الآية: كل المؤمنين إخوة مع بعضهم البعض، ثم يقول: والآن بعد إن أنتم جميعًا إخوة، فلماذا تتشاجرون وتختلفون مع بعضكم؟ كونوا إخوة وأصدقاء.
لذلك، من أجل تحسين سلوك الفرد والمجتمع، يجب إصلاح أسسهم الفكرية والعقائدية. خطة الأخوة واستعمال هذه الكلمة من مبادرات الإسلام.
وروي أنه كان النبي (صلى الله عليه وآله) بالنخيلة وحوله سبعمائة وأربعون رجلا، فنزل جبرئيل (عليه السلام) وقال: إن الله تعالى آخى بين الملائكة: بيني وبين ميكائيل، وبين إسرافيل وبين عزرائيل، وبين دردائيل وبين راحيل: فآخى النبي (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه.
و قال النبي (صلى الله عليه وآله): أول من اتخذ علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخا إسرافيل ثم جبرائيل، الخبر. لما نزل قوله تعالى:
﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الاشكال والأمثال فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمان، وبين سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد، وبين طلحة والزبير، وبين أبي عبيدة وسعد بن معاذ، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب الأنصاري، وبين أبي ذر وابن مسعود، وبين سلمان وحذيفة، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين أبي الدرداء ، وبين جعفر الطيار ومعاذ بن جبل، وبين المقداد وعمار، وبين عائشة وحفصة، وبين زينب بنت جحش وميمونة، وبين أم سلمة وصفية، حتى آخى بين أصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم، ثم قال: (أنت أخي وأنا أخوك يا علي). [١. بحارالانوار ، ج ۳۸ ، ص ٣٣٥].
في غزوة أحد أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بدفن الشهيدين عبد الله بن عمر وعمر بن جموح ، وقد أقيمت بينهم الأخوة ، في قبر واحد. [ شرح ابن الحدید ، ج ١٤ ، ص ٢١٤ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۰ ، ص ١٢١ ].
الأخوة النسبية سوف تنكسر في يوم من الأيام «فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ» [المؤمنون ، ۱۰۱] لكن الأخوة في الدين قائم إلى يوم القيامة. « إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ» [الحجر ، ٤٧] .
إذا صادق الشخص أحدًا من أجل الدنيا ، فلن يحقق ما يتوقعه وسيكونون أعداء بعضهم البعض يوم القيامة. [بحارالانوار ، ج ٧٤ ، ص ١٦٧]
يقول القرآن: يوم القيامة يكون الأصدقاء أعداء إلا المتقين. « الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ » [الزخرف ، ٦٧]
والأهم من الأخ: المحافظة على الأخوة. في الروايات ، ينتقد بشدة من ترك إخوانه في الدين ، ويوصى بأن تسأل عنهم إذا ابتعدوا عنك.« صل من قطعك » [بحارالانوار ، ج ۷۸ ، ص ۷۱ ]
* قال الإمام الصادق عليه السلام: المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة.
[الکافي ، ج ۲ ، ص ۱۳۳].
حق الاخوة
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): "لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ ثَلَاثُونَ حَقّاً لَا بَرَاءَةَ لَهُ مِنْهَا إِلَّا بِالْأَدَاءِ أَوِ الْعَفْوِ:
1. يَغْفِرُ زَلَّتَهُ.
2. وَ يَرْحَمُ عَبْرَتَهُ.
3. وَ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ.
4. وَ يُقِيلُ عَثْرَتَهُ.
5. وَ يَقْبَلُ مَعْذِرَتَهُ.
6. وَ يَرُدُّ غِيبَتَهُ.
7. وَ يُدِيمُ نَصِيحَتَهُ.
8. وَ يَحْفَظُ خُلَّتَهُ.
9. وَ يَرْعَى ذِمَّتَهُ.
10. وَ يَعُودُ مَرْضَتَهُ.
11. وَ يَشْهَدُ مَيِّتَهُ.
12. وَ يُجِيبُ دَعْوَتَهُ.
13. وَ يَقْبَلُ هَدِيَّتَهُ.
14. وَ يُكَافِئُ صِلَتَهُ.
15. وَ يَشْكُرُ نِعْمَتَهُ.
16. وَ يُحْسِنُ نُصْرَتَهُ.
17. وَ يَحْفَظُ حَلِيلَتَهُ.
18. وَ يَقْضِي حَاجَتَهُ.
19. وَ يَشْفَعُ مَسْأَلَتَهُ.
20. وَ يُسَمِّتُ عَطْسَتَهُ.
21. وَ يُرْشِدُ ضَالَّتَهُ.
22. وَ يَرُدُّ سَلَامَهُ.
23. وَ يُطِيبُ كَلَامَهُ.
24. وَ يَبَرُّ إِنْعَامَهُ.
25. وَ يُصَدِّقُ إِقْسَامَهُ.
26. وَ يُوَالِي وَلِيَّهُ، وَ لَا يُعَادِيهِ.
27. وَ يَنْصُرُهُ ظَالِماً وَ مَظْلُوماً، فَأَمَّا نُصْرَتُهُ ظَالِماً فَيَرُدُّهُ عَنْ ظُلْمِهِ، وَ أَمَّا نُصْرَتُهُ مَظْلُوماً فَيُعِينُهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ.
28. وَ لَا يُسْلِمُهُ.
29. وَ لَا يَخْذُلُهُ.
30. وَ يُحِبُّ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَ يَكْرَهُ لَهُ مِنَ الشَّرِّ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ".
ثُمَّ قَالَ ( عليه السَّلام ): سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَقُولُ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَدَعُ مِنْ حُقُوقِ أَخِيهِ شَيْئاً فَيُطَالِبُهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقْضِي لَهُ وَ عَلَيْهِ" . [بحارالانوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٣٦]
قال النبي صلی الله عليه و آله بعد أن قرأ الآية « إنما المؤمنون إخوة » ثلاث مرات : إلَّا ما في كتابي هذا ، فأخرجَ كتابًا من قِرابِ سيفِه ، فإذا فيهِ : المؤمِنونَ تكافَأُ دماؤُهمْ ، وهُم يدٌ على مَن سِواهمْ ، ويسعى بذمَّتهِم أدناهُم ، ألا لا يُقتلُ مِؤمنٌ بكافرٍ ، ولا ذو عهدٍ في عهدِه ، مَن أحدثَ حدثًا فعلَى نفسِه ، ومَن أحدثَ حدَثًا ، أو آوى مُحدِثًا فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ. [تفسير نمونه ]
الصلح في القرآن
في القرآن استخدم الله كلمات مثل الصلح والصلح خير، والإصلاح، « وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ. . . » [الأنفال، ١]، تألیف القلوب، « فَأَلْف بَيْنَ قُلُوبِكُمْ » [آل عمران، ١٠٣] والسلم، « ادْخُلُوا فِي اَلسِّلْم كَافَّة » [البقرة، ٢٠٨]. وهذا يدل على اهتمام الإسلام بالسلام والطمأنينة والحياة المسالمة الحلوة. من النعم الإلهية التي ذكرها الله في القرآن المحبة بين نفوس المسلمين. كما يقول الله للمسلمين: « وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اَللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلْف بَيْنَ قُلُوبِكُمْ » [آل عمران، ١٠٣].
حيث كان هناك مائة وعشرون عامًا من الصراع والفتنة بين قبيلتي الأوس والخزرج وأقام الإسلام بينهما السلام. لقد اعتبر التصحيح والمصالحة سببًا لنيل المغفرة والرحمة من الله. « وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اَللَّه كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ». [النساء، ١٢٩]
« مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا» [النساء، ٨٥]
وضع الإسلام قواعد خاصة للإصلاح بين الناس، منها:
١. الكذب ، وهو من الذنوب العظيمة ، ليس بجريمة أو معصية إذا قيل بنية المصالحة والإصلاح.« لا كذب على المصلح » [بحار الانوار ، ج ٦٩ ص ٢٤٢]
۲. الهمس والنجوى، وهو ما نهى عنه ، لا يحرم ، إذا كان للتصحيح والصلح. « ا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.. » [المجادلة ، ۱۰]
٣. مع أن نقض القسم محرم، لكن من أقسم على عدم الإصلاح والصلح بين شخصين أباح الإسلام نقض هذا القسم. « وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ» [البقرة ، ٢٤٤]
٤. إن كان من الواجب اتباع الوصية ، ولكن إذا كان اتباع الوصية يجلب الفتنة بين الناس ، فإن الإسلام يسمح بترك الوصية حتى يكون هناك سلام وطمأنينة بين الناس.« فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ » [البقرة ۱۸۲]
الرسائل:
١- العلاقة الأخوية تعتمد على الإيمان. لا يمكن للقضايا الاقتصادية والسياسية والعرقية والجغرافية والتاريخية وما إلى ذلك أن تخلق روح الأخوة بين الناس. )« إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (نفوس الذئاب والكلاب منفصلة، لكن أرواح أسود الله متحدة).
۲- لا تقوم الأخوة على الإيمان والعمر والمهنة والتحصيل الدراسي والدخل « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ »
٣- لا أحد يعتبر نفسه متفوقًا على الآخرين. « إخوة » ( نعم، هناك تفوق بين الوالدين والأبناء، ولكن هناك مساواة بين الإخوة. )
٤- استخدم الكلمات المحبة والمحفزة لتحقيق السلام والمصالحة. « إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا»
٥- من واجب الجميع، وليس مجموعة محددة، منع الصراع والعمل من أجل السلام والمصالحة، « إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا »
٦- كما يجب على المصلح أن يعتبر نفسه شقيق كل الأطراف. « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اَللَّه لَعَلَّكُمْ تَرْحَمُونَ »
۷- المصالحة لها واجب التقوى ويجب العناية بها. « فَأَصْلِحُوا. . وَاتَّقُوا اَللَّه »
۸- السلام مقدمة لوحي الرحمة الإلهية. « فَأَصْلِحُوا. . . . تَرْحَمُونَ »
۹- يحرم المجتمع غير المتقي من تلقي الرحمة الإلهية. « وَاتَّقُوا اَللَّه لَعَلَّكُمْ تَرْحَمُونَ »...
https://telegram.me/buratha