د.مسعود ناجي إدريس ||
· سورة القصص ، الآیات من ۱ إلى ٦
( ١ و ٢ و ٣ ) {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
الرسائل:
١- القرآن معجزة الإسلام الخالدة ، يتكون من نفس الحروف الأبجدية العربية ، إذا كنت تعتقد أنه مكتوب من قبل البشر ، فأتي بمثله. « طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ »
۲- القرآن كتاب واضح وشامل.« الْكِتَابِ الْمُبِينِ ».
۳- يعتبر التحدث عن قصة القدماء علامة على شرعية السنن الإلهية في التاريخ. لولا التاريخ والكتب والقانون ، لما استطعنا استخدامه لحياتنا اليوم.« نَتْلُو .... نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ .... لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»
٤- عند الاستشهاد بالتاريخ ، دعونا ننتبه إلى العبارات المهمة والتعليمية. ("نَبَإِ" هي أخبار مهمة)
٥- جهاد الأنبياء ضد الطغاة والظالمين هو نموذج للمؤمنين.« نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ .... لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ »
٦- قصص القرآن ليست خرافية ولا خيالية ولا مبالغ فيها. « نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ »
۷- الهدف من القرآن في رواية القصة هداية المؤمنين.« لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ »
۸- الشرط الأول للهداية هو القابلية. « لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ »
( ٤ ) « إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ »
الملاحظات :
كلمة « شیع » جمع « الشیعة » ، يعني في الأساس المتابعة والطاعة ، ولكن بما أنه في مجموعة ، عادة ما يتبع البعض الآخر ، فيعني المجموعة. ولفظة "النساء" تعني النساء المتزوجات، لكن ربما في هذه الآية يقصد بها الفتيات ، لأنهن أمام الأولاد.
إن كلمة "فرعون" ليست اسم إنسان ، لكنها لقب ملوك مصر. كما كان "كسرى" لقب ملوك إيران و "قيصر" لقب لملوك الروم. [قاموس دهخدا].
الرسائل :
١- من الضروري معرفة أوضاع المجتمعات في ظهور الأنبياء وقيامهم. « إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا ..»
۲- في التعرف على الأنظمة ، الأفراد ليسوا مهمين ، لكن الوظائف مهمة.« إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ » ( اسم « فرعون » بسبب أفعاله المتكبرة والعدوانية)
٣- التكبر والغطرسة سببان للفساد والخطيئة. « عَلَا فِي الْأَرْضِ .... يَسْتَضْعِفُ .... يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ... وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ »
٤- الانقسام هو أوضح رافعة للسيطرة المتعجرفة على الناس.« وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا» ( وطالما كان الشعب متماسكًا ومتضامنًا ، فلا قوة لطاغوت يمكنها فعل أي شيء. )
٥- الشقاق والتفرقة مقدمة للذل. أولاً ، يتم تفرقة الناس وتشتتهم ، ثم يتعرضون للظلم.
٦- تحسب الأفعال الخاطئة ضد الشعب على الحاكم. في هذه الآيات ، نُسبت إلى فرعون جميع جرائم أصحابه « عَلَا فِي الْأَرْضِ .... يَسْتَضْعِفُ .... يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ... وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ»
۷- لقد ذكر الله موضوع التفرقة قبل القتل . ربما لأن الانقسام هو أساس القتل ، أو أهم من موضوع ، القتل.« شِيَعًا ... يُذَبِّحُ »
۸- يشترك صانع السياسة والمحرض أيضًا بالجرم. « إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا ... يَسْتَضْعِفُ .... يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ... وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ »
9- المفرقين فاسدين. « إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ » نعم ، أي مجتمع حاكمه متكبر وشعبه مشتت وقواه فاعلة مهددة ومصالحه في أيدي الطبقة الغنية هو مجتمع فرعوني مستبد.
( ٥ ) {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}
الملاحظات:
كلمة نمن هنا تعني نعمة عظيمة وقيمة، وليست (المن)الذي يُقصد فيه إعطاء شي لإذلال الآخرين، وبالتأكيد هذا الأمر شيء قبيح ومثير للاشمئزاز. لا شك في أنه متى كانت الإرادة الإلهية في تحقيق شيء ما، فإن هذه المسألة ستنفذ بالتأكيد ولن يقف في طريقها أي عائق، كما يقول القرآن: « إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » [يس، ٨٢]
في الواقع، كل شيء بأمره متى أراد شيء ما، فسيتم وسيتحقق. على الرغم من أن جميع النعم من الله والعباد رهينة له في كل نعمة، إلا أنه أوضح بعض النعم التي تشير بطبيعة الحال إلى أهميتها العالية، ومنها:
أ: نعمة الإسلام. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94]
ب: نعمة النبوة. « لَقَدْ مَنَّ اَللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنفُسِهِمْ» [ال عمران، ١٦٤]
ج: نعمة الهداية. « يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ ۖ بَلِ اَللَّه يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ » [الحجرات، ١٧].
د: نعمة حكم المؤمنين. « وَنُرِيد أَن نَمُنّ عَلَى اَلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ » في العديد من الروايات، تم تقديم الإمام المهدي (ع) وحكمه في آخر الزمان كمثال لهذه الآية.
وقد ورد ذكر موضوع حكم المظلومين في الأرض بعبارات مختلفة في القرآن:
أ: « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ... ». [النور ، ٥٥]
ب: « وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَاٰلَك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. . . جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ » [يونس، ١٣ و ١٤]
ج: « أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ اَلصَّالِحُونَ» [الأنبياء، ١٠٥]
د: « وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ اَلَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا» [الأعراف، ١٣٧]
ه: ﴿ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبّهمْ لَنُهْلِكَنَّ اَلظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ [إبراهيم: ١٣ - ١٤]. المراد من المستضعفين في هذه الآية وبأخذ الاعتبار فعل « استضعفوا » مجهول، أي هناك أشخاص لم يكن لهم دور في الظلم الحاصل. [نور الثقلين ]
الرسائل:
١- إن الحكومة العالمية للمظلومين وحماية المظلومين عبر التاريخ من إرادة الله. « وَنُرِيدُ»
۲- في حكومة الطاغوت المستبدة، تضعف القوى الفعالة. . « اسْتُضْعِفُوا »
۳- المستقبل للمستضعفين. « وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة»
٤- الإمامة، مثل القيامة، نعمة خاصة ينعم بها الله على الناس. وعن نزول الوحي وإرسال الرسول يقول: « لَقَدْ مَنَّ اَللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنفُسِهِمْ» [ال عمران، ١٦٤]» وهنا قال تعالى: «. . . . وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة»
( ٦ ) {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}
الرسائل:
١- لا ييأس المظلومون من أن الله يمنحهم القوة أيضًا.« وَنُمَكِّنَ لَهُمْ »
۲- على الرغم من أن العقوبة الرئيسية للطاغوت موجودة في العالم الآخر ، إلا أنها لن تكون في مأمن من الغضب الإلهي في الدنيا أيضًا.
٣- يذل الله الكفار بيد المؤمنين. « وَنُرِيَ .... مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ»
٤- مهما زاد عدد العدو سوف يخافون من المؤمنين .« مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ »...
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha