د.مسعود ناجي إدريس ||
سورة مریم ، الآيات من ۲۷ إلى ۳۳
(٢٧ و ٢٨) {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}
الملاحظات:
كلمة « فریا » تعني عمل بشع جدا ومنكر. ومع أن البعض اعتبر هارون الأخ الحقيقي لمريم، إلا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: مريم من أقرباء هارون أخو موسى. [تفسير البرهان ج ٤، ص ١٠٦]
الرسائل:
١- يجب كشف الحقيقة رغم أن بعض الجماعات ستنزعج وتتهم بالمنكر. « فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ »
۲- عادة ما تكون أحكام الناس متسرعة وتستند إلى أدلة واضحة ولا تستند إلى الحقائق. « لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا » ( عندما رأوا طفل مع مريم، حكموا عليها بالسوء )
۳- من طرق التربية الانتباه إلى خير وفضيلة الأجداد والأسرة. « يَا أُخْتَ هَارُون »
٤- من الوالدين الصالحين لا يتوقع غير الأولاد صالحين . « يَا أُخْتَ هَارُون مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا » ( صلاح الوالدين والأسرة فعالة في سلوك وتصرفات الطفل.)
٥- اللوم على فعل السيئات من الشخص الذي أهله صالحين يكون أكبر. « مَا كَانَ أَبُوكِ. .. »
( ۲۹ و ۳۰ ) {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا }
الملاحظات:
أشارت السيدة مريم عليها السلام، لأنها صمتت أثناء الصوم، وكانت تفي بنذرها بدلاً من التكلم. على الرغم من أن كلمات عيسى -عليه السلام- الأولى كانت عن أنه عبد الله، إلا أن أتباعه بالغوا، واعتبروه إلهًا وابنًا لله.
سُئل الإمام الباقر ما إذا كان النبي عيسى عليه السلام حجة الله على الناس في المهد؟ قال الإمام عليه السلام: عيسى (ع) كان نبيا، لكنه لم يكن مرسلا حتى بلغ السابعة من عمره، وأخذ مقام الرسالة. [تفسیر کنز الدقائق ].
باختصار، أزال عيسى (عليه السلام) الافتراء عن والدته، وتحدث عن مستقبله، وأشار إلى واجب الناس في المستقبل. « إِنِّي عَبْدُ اَللَّه آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا»
الرسائل:
١- إذا أراد الله حتى الطفل في المهد يتحدث ليطفأ نار الفتنة « إِنِّي عَبْدُ اَللَّه»
۲- عندما تعرفون عن أنفسكم أول شيء افتخروا بعبوديتكم لله لأن هذه العبودية فخر كبير. « إِنِّي عَبْدُ اَللَّه آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا »
٣- عبودية الله منبع كل النعم الإلهية « إِنِّي عَبْدُ اَللَّه آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا»
٤- في النبوة والإمامة لا يشترط عمر معين « فِي الْمَهْدِ. . . وَجَعَلَنِي نَبِيًّا »
( ۳۱ و ٣٢ ) {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا }
الملاحظات:
الشيء المبارك هو الشيء الذي به نفع كبير وفيه تربية وانضباط للآخرين وثابت. عيسى -عليه السلام- له حياة مباركة وحي حتى قدوم إمام العصر (ع) وأتباعه سيهزمون الكفار الذين سعوا لقتله. « وَجَاعِلُ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوك فَوْقَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ » [آل عمران، ٥٥]
مصدر الخيرات والبركات هو النوايا الداخلية والأهداف والأحوال والصفات. لذلك بعض الناس أينما كانوا مباركين. « وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ » والبعض بسبب المشاكل العقلية والبعد عن الروحانية، أينما كانوا، وقعوا في صفاتهم السيئة ولا يصل خيرهم إلى الآخرين. بكلمة « بوالدتي » أشار عيسى (ع) إلى عفة الأم وغياب الأب. « وبرا بوالدتي » ولم يقل: بوالدي.
الرسائل:
١- اعرف أن امتيازاتك وفضائلك من الله. « وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا »
۲- لا حرج في مدح نفسك إن لم يكن للتفاخر. « وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا »
٣- الأنبياء مصدر الخيرات والبركات والآثار الأبدية. « مُبَارَكًا »
٤- القيم الروحية تتجاوز الزمان والمكان. «أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دُمْتُ حَيًّا»
٥- الصلاة والزكاة شائعان في الأديان السماوية. « وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دُمْتُ حَيًّا» ( ولعل شرط أن تكون مبارك هو إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. )
٦- العلاقة مع الله (أداء الصلاة) ليست منفصلة عن العلاقة مع المحرومين (دفع الزكاة). « بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة »
۷- الصلاة والزكاة من الواجبات طول العمر « مَا دُمْتُ حَيًّا »
۸- اللطف مع الأم أخلاق الأنبياء. « وَبَرًا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا »
٩ - من لا يحب والدته لن يرحم الناس. « وَبَرًا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا »
۱۰- الأنبياء لا يسعون إلى الاستبداد والهيمنة على الناس. « وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا »
( ۳۳ ) {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}
الرسائل:
١- نسل الأنبياء هو الخط الوحيد الآمن من أي انحراف من الولادة إلى القيامة. « وَالسَّلَام عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدَتْ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا»
۲- في بعض الحالات، التمجيد بالذات جائز. « وَالسَّلَام عَلَيَّ. . . »
۳- إن أهم أيام البشر هي يوم الميلاد والموت والقيامة. « وُلِدَتْ. . . أَمُوتُ. . . أُبْعَثُ »
٤- الموت والقيامة للجميع. (عيسى -عليه السلام- ما زال حياً، لكنه سيموت يوماً ما). « وَيَوْمَ أَمُوتُ »
٥- كيف تعتبر الشخص المحكوم عليه بالولادة والموت والقيامة شريكًا لله؟ « وُلِدَتْ. . . أَمُوتُ. . . أُبْعَثُ »...
https://telegram.me/buratha