د.مسعود ناجي إدريس ||
سورة الحجر ، الآيات من ۳۰ إلى ٤٢
( ۳۰ و ۳۱ ) {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ}
الملاحظات:
الهدف من نفخ روح الله في الإنسان ليس أن يعيش ويتنفس، لأن الحيوانات تتنفس أيضًا، ولكن لإعطاء صفات مثل الإبداع والإرادة والمعرفة والعلم من قبل الله للإنسان وإسناد الروح إلى الله تكريما له. الروح هي مثل بيت الله ومدينة الله. لم يكن سجود الملائكة لآدم سجدة تشريفية، بل كان يعني خضوعهم لآدم ونسله. أي أن الملائكة يخدمون الإنسان أيضًا ويخضعون له. [تفسير الميزان ]
الرسائل:
۱- خلق الإنسان مثالي ومتوازن. « سَوَّيْته وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِيّ »
۲- كان سجود الملائكة بسبب نفخ روح الله فيه« سَوَّيْته وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِيّ فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ » جسد الإنسان مكرم بسبب الروح البشرية.
٣- الإنسان كائن ثنائي الأبعاد وكامل في البعدين. في البعد المادي، « سَوَّيْته » في البعد المعنوي، « وَنَفَخْتُ فِيهِ »
٤- الإنسان هو تجلي لبعض صفات الله. « مِن رُوحِيّ »
٥- تتطلب الروحانيات جسدا ماديا. « سَوَّيْته وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِيّ. . . »
٦- أولئك الذين لا يرغبون في الانضمام إلى صفوف السجدة لديهم روح شيطانية. « إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ »
۷- وإن كان للسجود والركوع قيمة، إلا أنه إذا صاحب المصلين الآخرين في الركوع والسجود ، فإن له قيمة أكمل. « وَارْكَعُوا مَعَ اَلرَّاكِعِينَ» [البقرة، ٤٣] « مَعَ اَلسَّاجِدِينَ»
( ۳۲ إلى ٣٥ ) {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ}
الرسائل:
١- في الحكم، لا يجب أن نعتمد فقط على معرفتنا، ولكن أيضًا نعطي الفرصة للمجرم ونوضح مصدر الجريمة ونفسية الجاني بأسئلة وأجوبة. « قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ»
۲- إذا وجدت روح التكبر في الإنسان، فإن البيئة والعوامل الأخرى لا تعمل في هدايته. (كان الشيطان في حضرة الملائكة وفي بيئة سماوية، لكنه صار هكذا بسبب عناده وغروره). « أَلَا تَكُونَ مَعَ اَلسَّاجِدِينَ »
۳- التفوق العنصري هو فكر شيطاني. « خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون»
٤- أسوأ من عدم السجود هو الكبرياء والتكبر ضد أمر الله. « لَمْ أَكُن لِأَسْجُد »
٥- أسوأ من الإثم هو تبرير الخطيئة. « خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون» ( برر الشيطان خطيئته)
٦- التكبر إذا أتى لن يرى نور وروح الله في الإنسان. رأى الشيطان الجسد الأرضي للإنسان ورفض السجود، في حين أن أمر الله بالسجود كان بسبب روحه الإلهية. « خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون»
۷- الأوامر الإلهية إلزامية. «لَمْ أَكُن لِأَسْجُد »
۸- التكبر لا يجلب العظمة بل الذل. « فَاخْرُجْ». ويتسبب في تدمير العبادات السابقة. « فَإِنَّك رَجِيمٌ »
٩- الاجتهاد والتعليق على الأمر الإلهي الواضح لا يجوز. أمام الأمر: « فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ » لا يوجد مكان للحديث« خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون » .
۱۰- أدت لحظة من العصيان والتكبر إلى الرحيل الأبدي. « عَلَيْكَ اَللَّعْنَة إِلَىٰ يَوْمِ اَلدِّين »
١١- المتكبرون يلعنهم الله دائماً . « عَلَيْكَ اَللَّعْنَة إِلَىٰ يَوْمِ اَلدِّين »
( ٣٦ إلى ۳۸ ) « قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ »
الملاحظات:
عندما أدرك الشيطان أنه ملعون حتى يوم القيامة، طلب من الله أن يمنحه فترة إلى ذلك اليوم، لكنه لم يحدد أي مهلة. لكن كان من سنة الله أن يعطي المجال، فقد أُعطي مهلة، لكن ليس حتى يوم القيامة الذي طلبه، بل إلى اليوم الذي يُعرف فيه الوقت عند الله ووفقًا لبعض المفسرين إلى اليوم الذي يكون فيه الإنسان موجودا وعنده تكليف يجب الالتزام به.
الرسائل:
١- من سنة الله أن يعطي مهلة للخطاة. « فَإِنَّك مِنَ الْمُنْظَرِينَ»
۲- يتم استجابة دعاء وطلب الخطاة إذا كان دعائهم مناسب. قال الشيطان: « فَأَنظِرْنِي» جاء الرد: « الْمُنْظَرِينَ»
( ۳۹ و ٤٠ ) « قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ »
الملاحظات:
لا يضل الله أحدا ، ولكن إذا اختار أحدهم طوعا طريق الانحراف ، يتركه الله وشأنه ، وهذا الهجر هو أعظم عقاب وغضب إلهي. الشيطان ، لأنه كان متكبرا وعنيدًا بإرادته ، تركه الله وشأنه ، ومعنى كلمة « أغويتني » يدل على ذلك. أي الآن بعد أن أخرجتني من لطفك بسبب عنادي وتركتني لنفسي ، سأفعل هذا وذاك. يعلم الشيطان أن الله سيختار جماعة من الناس (أي أنه آمن بالنبوة والإمامة ، كما هو معلوم من « رب بما أغويتني » ، فقد آمن بالله ونفهم من دعائه أن يعطيه مهلة إلى يوم القيامة) فواضح أنه آمن بالقيامة ، لذلك كان إبليس على حق في مبادئ عقيدته ، ولكن ذنبه كان التكبر وعدم امتلاكه روح التسليم والعبادة ، فالعلم والإيمان وحده لا يكفي بل يجب العمل والتسليم والعبادة معا .
الرسائل:
١- الشيطان ينسب ذنبه إلى الله «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي »
۲- إن أداة انحراف الشيطان هي جعل القبيح جميلاً.« لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ »
٣- الطاهرون والمؤمنون في مأمن من كيد الشيطان. « وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ » ( لكن الإخلاص وحده لا يكفي ، عناية الله ضرورية. لأن "المخلص" يعني مختار من الله)
( ٤١ و ٤٢ ) « قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ »
الملاحظات :
قال إبليس في الآية السابقة: إني أضلل الجميع إلا المخلصين والمختارين. يقول الله في هذه الآية: إنك لن تكون معارضًا لعبادي المختارين. وعدم تعرضك لهم هو بسبب صراطي المستقيم وسنتي ، أي سنتي هي أنني أضمن حمايتهم بنفسي ، وليس أنه لا علاقة لك بهم ، ولكنك أنت لا تستطيع أن تفعل بهم شيئًا. سؤال: إذا لم يتم اختيار الشيطان خصمًا للعباد ، فما سبب إغراء الإنسان للتناول من الشجرة المحرمة؟ الجواب: الشيطان يطمعهم ويوسوس لهم ، ولكن لا يضلهم ولا يحرفهم عن الطريق.
الرسائل :
١- ليس للشيطان سلطان على أولئك الذين يعبدون الله ويسلمون له.« إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ »
۲- الإنسان يتبع إبليس باختياره.« إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ »
٣- إذا دخلنا دائرة عباد الله بالعبادة والتقوى ، فإننا سنكون مؤمنين. « إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ »
٤- عمل الشيطان الوسوسة وليس السلطان. « إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ » » ( في يوم القيامة قال إبليس رداً على احتجاج الناس: لقد دعوتكم فقط ، لكن لم يكن لي سلطان عليكم. )...
https://telegram.me/buratha