الصفحة الإسلامية

في رحاب القرآن وفي شهر رمضان الكريم /6


 

د.مسعود ناجي إدريس ||

 

سورة المائدة الآیة ۳

( ۳ ) « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ »

  الملاحظات:

قال الإمام الباقر (ع):  «الولاية آخر واجب إلهي ثم قام بتلاوة الآية. .  اليوم أكملت لكم دينكم»  [الکافي،  ج ۱،  ص ۲۸۹]

كانت الأصنام منحوتات لها أشكلها الخاصة؛  لكن «النصب» كان  عبارة عن حجارة غير متبلورة بشكل معين وتم نصبه حول الكعبة وقاموا بذبح التضحية أمامه ووضعوا دماء الضحية على النصب.  في الآية 109 من سورة البقرة،  تحدث الله عن  انحراف المسلمين عن طريقهم.  امرهم الله ان ينتظروا الأمر الإلهي فكان المسلمون ينتظرون حكماً حاسماً،  حتى نزلت آية اليوم اكملت.  . . .

الغدير في القرآن

في هذه الآية تم ذكر مسألتان منفصلتان،  أحدهما في تحريم اللحوم المحرمة إلا في حالات معينة،  والثانية في إكمال الدين ويأس الكفار،  وهما مستقلان عن بعضهما تماماً،  وذلك لعدة أسباب: 

أ:  يأس الكفار من الدين لا علاقة له بأكل أو عدم أكل اللحوم الميتة.

ب:  إن الروايات التي رُوِيت عن الشيعة والسنة تكريماً لنزول الآية في موضعها من قول: « اليوم يئس الذين كفروا » و « اليوم أكملت لکم دینکم » لا علاقة لها بجمل ما قبل وبعد،  التي تتحدث عن أحكام الموتى.

ج:  على أساس الروايات الشيعة والسنة نزلت هذه الآية:  « اليوم أكملت. .  . .  » عند تنصيب الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- إماما  في غدير خم.

د:  بصرف النظر عن الأسباب الروائية،  ينقل التحليل العقلاني الشيء نفسه،  لأنه تم ذكر أربع سمات مهمة في ذلك اليوم.

١. يوم الذي يأس فيه الكافرين.  ٢.  يوم إتمام الدين

٣.  يوم إتمام النعم الإلهية على الناس. ٤.  اليوم الذي أقر فيه الله الإسلام على أنه « دین » ودين كامل. 

الآن،  إذا نظرنا إلى أحداث أيام تاريخ الإسلام،  فلا يوجد يوم مهم مثل:  القيامة،  والهجرة،  وفتح مكة،  والنصر في الحروب،  وما إلى ذلك،  مع كل القيم التي لديهم،  لا تشمل هذه الأربع صفات المهمة والمذكورة في هذه الآية.  حجة الوداع ليست بهذه الأهمية أيضًا؛  لأن الحج جزء من الدين وليس كل الدين.

*أما عن المبعث فهو أول يوم من بدء رسالة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يمكن القول إن أول يوم من المبعث كان الدين كاملاً.

* أما الهجرة فهي يوم هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله ، فهي يوم الهجوم على بيت النبي ، وليس يوم يأس فيه الكافرين بينما يقول القرآن: « اليوم يئس الذين كفروا . ... » . أما حجة الوداع عندما تعلم الناس آداب الحج في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتمل إلا حج الناس بتعليم الرسول لهم وليس كل الدين بينما القرآن يقول:« اليوم أكملت لكم دينكم »

* ولكن غدير خم هو اليوم الذي أصدر فيه الله أمر تنصيب الإمام علي خليفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي ذلك اليوم فقط ذكرت العناوين الأربعة في الآية« أكملت ، أتممت ، رضيت ، يئس الذين كفروا » حيث ينطبق معه. لكن اليأس يعود إلى حقيقة أنه عندما فشل الاتهامات والحروب ومحاولة اغتيال الرسول كان أملهم الوحيد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك تم تعيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أوضح للجميع أنه لو كان لهذا الإمام ولدا لما كان أفضل من علي ولن يختفي دينه بموته. لأن شخصاً مثل علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيكون خليفة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وزعيم الأمة الإسلامية. هذا هو المكان الذي أصبح فيه كل شيء محبطًا بالنسبة الكافرين.

* لكن إتمام الدين هو لأنه إذا تم وضع قواعد وأنظمة كاملة ، ولكن بالنسبة للأمة والمجتمع ، لم يتم تعيين قيادة معصومة وكاملة ، فإن القواعد ستبقى غير مكتملة.

*وأما إتمام النعمة بسبب القرآن قد أدخل أعظم نعمة على الناس وهي نعمة القيادة والهداية.  إذا مات الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وترك الناس دون رقابة،  فقد فعل شيئًا لا يجب أن يشكو منه الراعي فيما بعد.  كيف يتمم الله النعمة دون تحديد القيادة الإلهية.  لكن رضا الله يكون في ارتباط القانون الكامل والمنفذ العادل. 

إذا حدث كل من إتمام الدين،  وإتمام النعم،  ورضا الحق ويأس الكفار في يوم واحد،  فيكفي أن يكون ذلك اليوم من أيام الله.  ماذا عن يوم مثل غدير الذي كل هذه الميزات موجودة في مكان واحد.  لهذا السبب يعتبر عيد الغدير في روايات أهل البيت عليهم السلام من أعظم الأعياد.  تكون آثار الأشياء أحيانًا عندما تجتمع كل مكوناتها،  كالصيام مثلا إذا  أفطرنا ولو للحظة قبل الأذان يبطل الصيام،  ومن هنا استُخدمت كلمة « تمام »:  (ثُمَّ أَتِمُّوا اَلصِّيَام إِلَى اَللَّيْل) [البقرة/187]

وأحيانًا يكون لكل جزء أثره الخاص،  كقراءة آيات من القرآن،  التي تعادل بعضها قراءة القرآن كله،  وفيها أجر عظيم.  في بعض الأحيان تكون بعض المكونات على هذا النحو إذا لم تكن كذلك،  فهي مجموعة غير كاملة،  على الرغم من أن جميع المكونات الأخرى تم العمل بها.  مثل الطيار والسائق الذي بدونه لا فائدة من الطائرة والسيارة.  هكذا هي القيادة والولاية على الحق،  لأنها تربط الإنسان بالله،  وبدونها تصير الخليقة بلا فائدة والدين لن يقود الإنسان إلى الله.

الرسائل:

١- كانت أهم نافذة أمل لعمل الكفار هي وفاة الرسول،  والتي أغلقت بتعيين الإمام علي (ع) قائداً.  « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ.  . .  »

۲- إذا تركك العدو الخارجي،  فهناك عدو داخلي يجب مواجهته عن طريق خشية الله.  « فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي»

۳- يخشى الكفار الدين الكامل،  ولا يخشون الدين الذي يستسلم زعيمه،  وجهاده مغلق،  وتنهب ثرواته،  ويتفرق أهله « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ.  . . الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»

٤- إذا لم ييأس الكفار منكم،  فقد يكون ذلك بسبب عيبًا في قيادة دينكم « الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ.  .  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

٥- الدین دون قائد معصوم غير كامل.  « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»

٦- قوام المدرسة يقودها المعصوم،  وبسبب ذلك فقط،  يصاب الكفار باليأس،  ولا شيء غير ذلك.

« الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ.  .  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»

۷- كل نعمة غير متكاملة دون القائد الإلهي « الْيَوْمَ.  . .  وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي»

۸- تنصيب علي -عليه السلام- إماما هو،  إتمام للنعمة،  « وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » وترك ولايته هو كفر بالنعمة  وعدم الشكر وله عواقب سيئة .  « فَكَفَرَتْ بِأَنْعَم اَللَّه فَأَذَاقَهَا اَللَّه لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ »

٩- الإسلام دون قائد معصوم لن ينال رضا الله .  « وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك