د.مسعود ناجي إدريس ||
سورة آل عمران الآیتين ١٥٢ و ١٥٣
( ١٥٢ ) ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.
· الملاحظات :
في السنة الثانية من الهجرة ، عندما انتصر المسلمون في معركة بدر ، وعد الله أنهم سينتصرون في المعارك القادمة أيضًا. وفي السنة التالية لما وقعت غزوة أحد نصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمسين مسلحا لحماية الوديان والجبال. عندما بدأت الحرب هاجم المسلمون في البداية وأخذوا أنفاس العدو وانتصروا عليهم ، لكن لسوء الحظ ، كان هناك خلاف بين الخمسين شخص الذين كانوا مسؤولين عن حماية الجبل ، فقال بعضهم: "انتصارنا مؤكد ، فلنذهب إلى جمع الغنائم، ويبقى عدد قليل لحماية الخنادق. هاجم العدو المهزوم من نفس المنطقة التي تركت بلا حماية ، وهذه المرة تعرض المسلمون لضربة قوية واستشهد الكثير من الجنود ، لدرجة أن حياة الرسول قد تعرضت للخطر وهرب كثير من المسلمين بعد انتهاء الحرب. انتقد المسلمون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله وعدنا بالنصر فلماذا فشلنا؟ تجيب هذه الآية أن وعد الله كان حقًا وصحيحًا ، لكن الضعف والفتنة والعصيان سبب لكم الفشل والخسارة.
الرسائل:
١ - تحقيق وعود الله لا يعني تجاهل السنن الإلهية. عون الله يأتي ما دمت تقوم بواجبك. «وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ».
۲- ومن عوامل الفشل الضعف والفتنة وعصيان الأمر. « فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَا تُحِبُّونَ »
٣- يقاتل الناس لأهداف مختلفة. البعض يقاتل من أجل الدُّنْيَا والبعض يقاتل من أجل الآخرة. «مِنكُم مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ »
٤- إن المثابرة في المعركة، والحفاظ على الوحدة والطاعة، علامة على رغبة المحاربين في الآخرة. « وَمِنكُم مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ »
٥- عقوبة المحرض على الفتنة والعصيان والضعف بدل الحمد على نعمة الانتصار هي الهزيمة. « صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ »
٦- سبب الإخفاقات الخارجية هو الإخفاقات الداخلية. أصبحت ضعيفًا وعاصيًا من الداخل، لذلك فشلت في الخارج. « فَشِلْتُمْ. . . صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ »
۷- بعض الإخفاقات تكون بسبب الامتحان الإلهي «لِيَبْتَلِيَكُمْ»
۸- لا تيأس من نعمة الله عندما تفشل. « وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ»
٩ - الإيمان هو أساس قبول نعمة الله المرسلة منه. « وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ »
۱۰- لا ينبغي إقصاء المؤمن من بين صفوف المؤمنين بسبب معصية، بل يجب تنبيهه من جهة والتشجيع من جهة أخرى. . « وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ »
( ١٥٣ ) « إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»
الملاحظات :
هناك تفسيرات عديدة حول هذه الجملة « فَأَثَابَكُمْ غَمًّا» ومنها :
١. بفضل الله ورحمته استبدل غم انتصار عظماء المسلمين بغم ضياع الغنائم.
۲. ادخل الله الحزن إلى قلبكم بسبب إدخالكم الحزن في قلب الرسول.
٣. أنزل الله عليك أحزانًا كثيرة واحدة تلو الأخرى ، بسبب هروبكم من الحرب وعصيان الرسول.
وبحسب الروايات ، فإن الحزن الأول كان الهزيمة في غزوة أحد ، والثاني هو هيمنة خالد بن الوليد على المسلمين ، مما زاد حزنهم على الهزيمة في غزوة أحد. [تفاسير برهان و راهنما]
الرسائل :
١- نتيجة الضعف والخلاف والعصيان للأمر ؛ الهروب والذعر في ساحة المعركة.« حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ .. إِذْ تُصْعِدُونَ »
۲- تذكر نقاط الضعف طريقة جيدة للاستفادة من التجارب. « . إِذْ تُصْعِدُونَ »
۳- في أوقات الخطر ، لا يفكر الإنسان إلا في نفسه. « وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ »
٤- صرخة القائد لا تؤثر على جبان ضعيف الإيمان.« وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ »
٥- لا يهم التعبير عن الاهتمام في يوم عادي ؛ التعاطف والرفقة في الأيام الصعبة هي علامة على الصداقة الحقيقية.« وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ »
٦- حيث يفر الجميع ، يجب على القائد البقاء في ساحة المعركة وأرجاع الهاربين.«وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ »
۷- إن لحظة الإهمال والغفلة في أداء المهمة تسبب هجمة من المصائب المتتالية. « فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ »
۸- لا تحزن على مصائب وفشل الماضي لكن تعلم من مصائب و مشاكل الماضي « لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ »...
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha