د.مسعود ناجي إدريس ||
القرآن الكريم نسخة لتحرير الأشخاص الذين يتبعون تعليماته ويضعون تعاليم الوحي في مقدمة حياتهم، إلا أن الأنشطة الدعائية في مجال القرآن الكريم لم تكن فعالة للغاية بسبب ضعف الدول الإسلامية في خلق وحدة الإجراء بين برامجها، لدرجة أن بعض العناصر غير المطلعة تستغل هذا الإهمال وتحاول تدمير صورة القرآن والإسلام. تعتبر خطة (اليوم العالمي للقرآن) خطوة نحو تحقيق الوحدة بين المسلمين من خلال كلام الله. بحسب القرآن الكريم، كان البشر أمة واحدة، والتمييز بين لونهم ولغتهم ليس مصدر امتياز ولا علامة تفوق، بل علامة على القدرة الإلهية.
التنوع القبلي والطائفي هو وسيلة للتحديد والتنسيق والتقارب بشكل أفضل. تظهر كل أمة بعدة طرق، كما ظهرت الأمم والقوانين من حيث الوقت والمتطلبات الروحية والنفسية للإنسان. لذلك، لا يمكن اعتبار هذه القضايا قضايا مركزية، لكنها قضايا عرضية تظهر في ظروف معينة وظروف خاصة.
يسعى القرآن إلى الجمع بين جميع البشر في مجتمع عالمي واحد، وجمع الأمة كعملية طبيعية وجمع الأمة كبرنامج إسلامي تم التأكيد عليها وتأييدها من قبل القرآن والإسلام. يحث القرآن البشر على أن يجتمعوا أخيرًا في مجتمع كبير واحد، مع مراعاة مبادئهم ومراعاة الاختلافات الوطنية وحتى الشريعة، والاهتمام بالمبادئ والقيم المشتركة. ومن ثم فهو يدعو الناس بكلمة ( الوحدة )، مما يعني أن البشر يمكن وينبغي أن يتحدوا من أجل مبادئهم وأهدافهم المشتركة. على الرغم من أن هذا التماسك متاح نَظَرِيًّا بالفعل ويسعى الجميع إلى التوحيد والراحة والسلام، إلا أنه من الناحية العملية لم يتم تفعيله ولم يجد تماسكًا خَارِجِيًّا ولم تظهر آثاره. بالإضافة إلى البرامج التشريعية، يدعو القرآن أتباع الشريعة المختلفة للالتقاء مع بعضهم البعض، مما يؤسس لمجتمع عالمي سلمي وآمن مع الاحترام المتبادل للثقافات والجنسيات، ويطلق على نفسه كتاب (المصدق).
طهر طعام أهل الكتاب والسماح بالتجارة معهم وتحريم الخلافات والصراعات اللفظية وإهانة مقدساتهم وثقافاتهم هي خطوات الإسلام والقرآن الأساسية في بناء مجتمع إنساني عالمي. بالنظر إلى بعض المفاهيم الخاطئة حول القرآن من قبل بعض الجماعات الفكرية، فإن أي خطوة رمزية يمكن أن تكون عاملاً في إعادة اهتمام المسلمين بهذا الكتاب الإلهي. لهذا السبب، فإن عقد المؤتمرات مع وجود طوائف إسلامية مختلفة من خلال التوسل بالقرآن يمكن أن يكون ذريعة للمسلمين لتذكر تعاليم القرآن، وبهذه الطريقة ستصبح الأبعاد المجهولة للقرآن واضحة لكل العالم. ولتحقيق هذا الموقف والهدف الأساسي، يجب أن يظهر هذا الانسجام بين الأمم الإسلامية أولاً، ويجب أن تتحد الأمة الإسلامية مع جنسياتهم المختلفة، لذلك تم تقديم خطط وبرامج مختلفة لتحقيق الوحدة، وهذا كله لأن الأمة عبارة عن مجموعة من الدول والثقافات والأعراق المختلفة التي اجتمعت معًا بطريقة وهدف مشتركين وتمكنت من جمع مجموعة كبيرة من الأشخاص في مجموعة واحدة.
يعتبر القرآن أن اتحاد المؤمنين هو اتحاد القلوب التي لها قوة واستقرار معينين، ومن حقيقة أن التقوى قد أدخلت في القرآن قبل الدعوة إلى الوحدة، يمكن فهم أن أصل الانقسام، الاختلاف والازدواجية في المجتمع وسبب عدم مبالاة الناس بالأفعال الخير والشر هي معصية الناس؛ إن المعصية هي التي تقود الناس إلى المادية والطموح والشهوة، وتجبرهم على إنكار الحق وخداع الناس والتفرقة لكسب الثروة والمكانة، ونتيجة لذلك يضعون مصالحهم الخاصة على مصالح المجتمع.
لكن اليوم، يقر جميع المؤرخين والعلماء والأجانب ويعترفون بأن أحد أعظم أعمال نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكثرها إثارة للإعجاب هو القضاء على جميع المسافات والأحقاد والعداوات بين القبائل والعشائر، لإنهاء كل ما طال أمده من الحروب والصراعات المؤلمة، . . خلق الصداقة والمحبة في القلوب وتقوية أسس الوحدة والترابط بينهم. لذلك، من أجل شرح المبادئ والأسس التي قدمها القرآن والإسلام بشكل دقيق وواضح للعالم أجمع، فإننا بحاجة إلى استخدام أساليب جديدة وفقًا لمبدأ الابتكار من خلال مراعاة الابتعاد عن مبدأ البدعة، لأن أي تقصير من جانب المسلمين يمهد الطريق لانتشار الإشاعات والشتائم والافتراء من قبل بعض الجهلة.
في هذا الصدد، يجب أن نجعل جمل الإمام الراحل (رحمه الله) منارة لنا حيث قال: « الدعاية قضية مهمة وحساسة، مما يعني أن العالم يتحرك مع الدعاية. بقدر ما يستخدم أعداؤنا تكتيكات الدعاية، فإنهم لا يفعلون ذلك بأي طريقة، علينا أن نولي اهتمامًا كبيرًا لموضوع الدعاية ويجب أن يكون اهتمامنا بها أكبر من أي شيء آخر. » صحيفة النور / ج ۱۷/ ص ١٥٧
من أسباب تخلف المسلمين عبر التاريخ عدم وجود تماسك في منظمات الدعاية، أي لم يكن هناك مركزية للنظر في الحاجات وحسب قوة الدعاية الموجودة لتوزيعها والتخطيط لها. لذلك، اليوم، الحاجة إلى تنظيم دعاية لمواجهة الأعداء أكبر، لأنه في عالم به تنظيم قوي جِدًّا، لا يمكن الاكتفاء بالدعاية الجزئية والفردية، لكن يجب على المبلغين المسلمين العمل جنبًا إلى جنب مع منظمة متماسكة بكل قوتها ضد الغزو، وثقافة العدو، وإذا لم يتمكنوا من ذلك، يجب على المبلغين الآخرين مواصلة طريقهم لرفع راية القرآن والإسلام على الدوام...
https://telegram.me/buratha