د.مسعود ناجي إدريس ||
هذا هو عنوان المناقشة، والآن من أجل الوصول إلى نتيجة مفادها أن الدين هو من أهم مبادئ الحياة البشرية، تحدثنا عن منظورنا المذهبي داخل الدين. لم نرغب في طرح وجهة نظر عقلانية وإثبات ضرورة الدين من وجهة نظر العقل، لأن من هم في قلب مناقشتنا هم في الغالب أولئك الذين يقبلون الدين بشكل قاطع ونهائي. وهم بالتأكيد يقبلون علماء الدين أيضا.
قرأنا رواية لإمام علي عليه السّلام عهد إلى محمد بن أبي بكر حين قلّده مصر:
فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تُخَالِفَ عَلَى نَفْسِكَ (يجب أن تعمل على أمرين، أنت تمثلني هناك وأنا من قلتك المنصب، 1- أن تخالف أهوائك النفسية وتهذبها ) . وَ أَنْ تُنَافِحَ عَنْ دِينِكَ (٢-وأن تدافع عن دينك ) وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلاَّ سَاعَةٌ مِنَ اَلدَّهْرِ وَ لاَ تُسْخِطِ اَللَّهَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّ فِي اَللَّهِ خَلَفاً مِنْ غَيْرِهِ وَ لَيْسَ مِنَ اَللَّهِ خَلَفٌ فِي غَيْرِهِ .
في وقت لاحق من نفس الجلسة، شرحنا فوائد الدين، ولهذا السبب تجعلنا الفوائد ندرك بعقلانية أن الدين مهم.
عندما يكون للدين مثل هذه الفوائد، يجب أن يكون مهم.
ومن الفوائد التي ذكرناها أن الدين يجلب السلام للإنسان. الالتزام بالدين يهدي الإنسان لكن الالتزام بالقانون يجلب الصمت. يمكنك اتباع القوانين، ولكن ليس لديك سلام داخلي، وقد يحدث ذلك بالقوة. لكن المرء يكون هادئ عند التمسك بدينه.
لذلك قيل لنا إن نحمي ديننا. بينما يقول قادتنا السماويون احرصوا علي دينكم، اتضح أن التدين عمل شاق. هل التدين صعب حقا الآن؟ في عصر الغيبة الكبرى، هناك رواية عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنّه قال: «إِنَّ لِصَاحِبِ هذَا الأمْرِ غَيْبَةً، المُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِهِ كَالخارِطِ لِلْقَتادِ ، ثُمَّ قَالَ هكَذَا بِيَدِهِ - : فَأَيُّكُمْ يُمْسِكُ شَوْكَ القَتادِ بِيَدِهِ؟ ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ قال: إِنَّ لِصَاحِبِ هذَا الأَمْرِ غَيْبَةً، فَليَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدينِهِ».
ولشجرة القتاد خاصيتين: ١- مليء بالأشواك، ٢- لها أشواك كالإبرة وأشواكها ليس صغيرة مثل شجرة الصبار.
ثم قال الإمام إنه من الصعب أن تكون متدينًا وهذا الأمر أصعب من أن تحرك يدك على أشواك شجرة القتاد.
هذا يعني أنه يمكن القيام بذلك، لكن التدين أصعب بكثير. لسببين:
۱ـ يقول الإمام (ع) إن التدين يصبح غريباً في عصر الغيبة الكبرى، أي يصبح مثل أصحاب الكهف. كما ترى، هذه قضية مهمة للغاية، وفي مجتمعنا، للأسف غالبًا ما نكون موحدين في الإيمان، لكن أكثرنا ماديون في السلوك. أي أن أكثر الأشخاص سلوكهم وأيديولوجيتهم لا تنسجم مع تلك النظرة للعالم. تتطلب هذه النظرة إلى العالم التوحيد، والزهد، وتجنب البخل، وتجنب الإسراف، وما إلى ذلك، ولكن هناك أشخاص لديهم نظرة توحيدية للعالم، أي أنهم متحدون في الإيمان ولكنهم ماديون في السلوك.
إذا أراد أحد أن يعيش في هذا المجتمع، فهو يقول إن حياته غريبة وعبر عن ذلك الصادق عليه السلام: :ـ وَ طُوبی لِلغریب اَلفّادِ بدینه.
لا شيء من هذا يلغي المسؤولية الاجتماعية. لكن ما الذي يمكن فعله عندما لا يتقبلها المجتمع؟ الآن ، لا أحدًا يقول إن هناك من يقترح أسلوبًا في الدين يمثل إنكارًا للمسؤولية الاجتماعية. هذا الكلام مجرد حجة. لكن ماذا أفعل عندما لا يكون لديني مشتر في المجتمع وكل ما أفعله لا يقبله أسرتي ومجتمعي؟
لذلك لم اوؤثر بالسلب عن المسؤولية الاجتماعية، لكن الظروف لا تتقبل ذلك. لم يتقبله المجتمع لأنهم تم تربيتهم بشكل خاطئ ، حتى لا تخبر الله غدًا وتكون ممن قالوا (کُنّا مستضعیفین) . لأن الله لا يقبل هذا الكلام، فسوف يقول على الفور، (ألم تكن أرضي واسعة؟ ) كنت ستعيش في مكان آخر، لذا أكرر، أنا لم أؤثر بالسلب على المسؤولية الاجتماعية، لكن ظروف المجتمع لا تتقبل ذلك.
يصبح التدين صعبًا، لكن الصعوبة في اتجاهين: 1-الاتجاه الأول ( يسير المجتمع في اتجاه يصبح الإنسان غير متدين فيه. وهذا التفكير لا يدوم طويلا. انتبه إلى رواية عن الوجود المقدس للإمام الباقر عليه السلام: ـ لَتُمحَصُّنَ یا شیعة آل محمّد، تَمحیصَ الکُحل في العَینِ ، وَ اِنَّ صاحِبَ العَین یَدري مَتی یَقَعُ الکُحل في عَیِنه وَ لا یَعلَم مَتی یَخرجُ مِنها و کَذلِك یٌصبِحُ الرَجُلِ عَلی شَریَعةٍ مِن اَمرِنا وَ یُمسي وَ قدَ خَرَجَ مِنها ، وَ یُمسي عَلی شَریَعةِ مِن اَمرِنا، وَ یُصبحِ وَ قَد خَرَجَ الصبح.
إن عبارات الرواية واضحة جدا. لا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يصبح الشخص غير متدين دون وعي، لذلك يقال إن التدين صعب. )
۲ـ الاتجاه الثاني: (في الأساس، يحاول بعض الناس في المجتمع أخذ الدين، ومثال على ذلك هم الأعداء الوهابية. ليس لدينا مجتمع يدافع أمام سعيهم وخططهم ، لذلك كثيرا ما نسمع عائلات تأتي وتقول إن أطفالنا كانوا يصلون حتى يوم أمس، ويصومون، يقرأون زيارة عاشوراء، لكنهم تركوا عباداتهم. لماذا ا؟ أحد الجوانب هو أن العدو يعمل باستمرار. قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) :ـ اِذا فُقِدَ الخامِس مِن وُلدِ السابِع فَالله اَلله في اَدیانِکُم، لا یُدنّلنَکُم اَحَدُ.
قال الامام علي (ع) :ـ اَیُّها النّاس دَینکُم دَینکُم ، تَمَسّکُوابِه و لا یَریَلّنَکُم وَ لا یُردَنَّکُم اَحَدٌ عَنه مراقب .)
لا يوجد مطلب ثقافي أو ديني في مجتمعنا لكي يبحث الناس عن الدين. عندما لا يكون هناك طلب من الناس، لن يكون له وجود في تخطيط المسؤولين. أي ليس لدينا الجانب التربوي من البرنامج التربوي والأنظمة في المدارس الابتدائية ورياض الأطفال ومراكز تنمية الطفل لتطوير الثقافة الدينية.
۱ـ لذلك فإن التدين صعب لأنه غريب في المجتمع. 2- التدين صعب لأن بعض الناس يريدون القضاء على التدين. - قلنا إن الدين مهم - لقد أمرونا بالحرص على ديننا سألنا لما يجب الحرص على ديننا قالوا لان التدين صعب جدا.
لماذا صعب؟ فأجبنا على ذلك.
الآن، تكملة نقاشنا هو:
من يحصل على الضربة الفنية؟ أي أن الدين خارج عن سيطرتهم. الجواب على ذلك مهم جدا. هذه هي نقطة الخلاف. عندما يكون الإنسان على هذا النحو، فلا تشك في أنه يصل الى ان يأكل لحوم البشر.
يروي الراوي العظيم السيد كليني أحد تلاميذ إمامي الباقر و الصادق (ع) هذه الرواية عنهما ـ مَن اَخَذَ دینَهُ وَ سُنَة نَبیّه صلوت الله علیه و آله ذالَتِ الجِبالَ قَبلَ اَن یَزوُل وَ مَن اَخَذَ دیَنهُ مَن اَفواهِ الرِّجالِ رَدَّتهُ الرِجال .
وهذه الرواية تعني: من لم يسند دينه تحطمت تفاصيلها.
في مجتمعنا هناك مظاهر دينية لكن لا يوجد تفكير ديني، وسلوكياتنا الدينية لا تستند إلى كتاب الله وعترته. لأن الجميع يفعل هذا، أنا أفعل هذا أيضًا. أي أن ديننا دين موروث. وليس دينًا مكتسب من قناعة، ويقول أئمتنا إنه إذا كان دينك ليس دينًا عن قناعة، فإنهم سوف يسلبوه منك.
أسند دينك يا سيدي. اذهب وابحث واعرف لماذا تصلي؟ على الأقل ستحصل أنت على الإجابة. من الضروري لمؤسساتنا التربوية، وتعليمنا العالي، وإرشادنا، وإعلامنا أن يكون لهم عمل مشترك، وأن يحلوا الأحجية، كل من هذه المؤسسات تحل جزء من هذا اللغز.
مجتمعنا، لأنه غير متعلم دينياً بشكل صحيح، لا يركز على الشؤون الدينية في أسلوب حياته. ترى أنت شيء دنيوي في حياتك، تفكر في مسألتين في وقت واحد، بعد التفكير، تتشاور، تستنتج ، أريد العمل، أو البقاء في إيران على سبيل المثال، أو الذهاب إلى مكان ما؟ أنت تفعل شيئين أو أربعة، وتصل إلى أحد هذين القرارين، وتفعله، إنه أمر عقلاني أيضًا، ولكن ما هو القرار الذي يتم اتخاذه في الصراع بين الشؤون الدينية والشؤون الدنيوية؟
هل أحافظ على ديني أم دنياي؟ حسنًا ، في هذا القرار كثيرًا ما يقدمون التبريرات ، لكن انظروا ماذا يقول أمير المؤمنين عليه السلام؟: قال النبي الكريم (ص) للأمير عليه السلام: ـ یا علي، اوُصیك في نَفسِك بِخصِالً فَاحفَظها : ـ ۱ ـ بَذَلُك مالِك وَ دَمُك دوُنَ دینك مال؛ ٢: ـ مَن جَعَلَ مُلکَهُ خادِماً اِنقادَ لَهُ کُلُّ سُلطان . ٣- وَ مَن جَعَلَ دیَنُه خادِماً لِمُلکِه طَمَعَ فیهِ کُلُّ اِنسان؛ فيرد الامیر علیهالسلام: این جَعَلتَ دَنیك تَبَعاً لِدُیناك اَهکَلتَ دَینك وَ دُنیاك و کُنت فِي الاخَرة منَ الخاسِرین و اِن جَعَلتَ دنياك تَبَعاً لَدینك اَضررتَ دینِك وَ دُنیاك و کُنتَ فِي الاخِرة مِنَ الفائزین.
وأخيراً ما هي أركان الدين؟ ما هي اجزاء هذا الدين التي عليّ أن أبذل حياتي وممتلكاتي للحفاظ على أركانها؟....
ــــــ
https://telegram.me/buratha