د.مسعود ناجي إدريس|| كيف يكون لنا حياة قرآنية و بيوت قرآنیة ؟ من الأمور التي لا تحظى بالاهتمام في حياتنا اليومية كمسلمين هو تلاوة القرآن الكريم ككتاب ديني والتعمق في آياته. لهذا السبب الكتاب السماوي له مكانة قليلة في حياتنا. بينما يقول الله التعالى في هذا الصدد: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}. (سورة یونس الآیتين 58-57). خصائص الأسرة القرآنية إذا انتبهنا لآثار تلاوة القرآن واخترنا القرآن صديقا في الحياة ، وقرأنا آياته وفكرنا في معانيه السماوية ، فبعد فترة ستمتلئ حياتنا بالنور والسطوع والنضارة والجمال. في الدعاء قبل تلاوة القرآن نسأل الله تعالى: «اللهم اشرح بالقرآن صدري واستعمل بالقرآن بصري واطلق بالقرآن لساني وأعني عليه ما ابقيتني فأنه لاحول ولا قوة الا بك ». وفي الدعاء عند ختم القرآن نقول لله: «اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينا وفي القبر مؤنسا وفي القيامة شفيعا وعلى الصراط نوراً وإلى الجنة رفيقا ومن النار سترا وحجابا وإلى الخيرات كلها دليلا» (بحارالانوار، ج 89، ص 206 ـ209) إذا نظرنا إلى آيات وسور القرآن من أوله إلى آخره ، فسنرى أن القرآن قد أظهر للبشر أفضل الطرق للعيش في عالم يسوده السعادة. يعلمنا طريقة العيش بكرامة وكبرياء وأخوة وعظمة وينبذ الظلم والقهر. تعالوا نجعل بيوتنا قرآنية فالأسرة المطلعة على القرآن تنعم ببركات غير عادية ، وبركات لا تقتصر على الآخرة ، بل يمكن رؤية ثمارها في الدنيا أيضًا. البيت القرآني نجم لأهل السماء جعلت الوظيفة الكبيرة والقيمة للمنزل مكانًا للاحترام والرعاية ؛ ولكن إذا أصبح هذا المكان هيكلاً للعبادة وتم ذكر الله تعالى فيه ، فإن الله سيجعله مرفوعا وعظيمًا. كما يخاطب الرسول الكريم (ص): «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ» (النور،36) . يحق التعظيم لله تعالى فقط. كما أن البيت الذي يصبح مسجد لله ومكان لتسبيحه وتمجيده سيكون عظيم ومرفوع أيضا. يمكن الاستفادة من الآية السابقة وتفسير المرحوم العلامة الطبطبائي (الميزان) أنه إذا طهر البيت من أي قذارة وزين بذكر الله وعبادته ، فإنه يقوم ويخرج من أربعة جدران باردة بلا روح. وكلما ازدادت صبغته الروحية والإلهية ، كلما ارتفعت مكانته ، وأصبح شبيه بالكعبة ، بيت الله. (طباطبائي، 1363: ج 15، ص 179- 178) نقطة أخرى يجب ملاحظتها هي أن تعاليمنا الدينية تولي اهتمامًا للإضاءة الباطنية للمنزل بالإضافة إلى الإضاءة الخارجية. نحاول نحن البشر بناء منازلنا في أماكن تجتذب المزيد من الضوء لزيادة الإنارة. كما نستخدم أنواعًا مختلفة من المصابيح والأضواء لزيادة السطوع. ولكن ما الذي يجب فعله من أجل الإنارة الباطنية؟ ومن خواص البيت القرآني أن هذه البيوت بفضل القرآن تنعم بنورها الداخلي ، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الصدد: «نوروا بیوتکم بتلاوة القرآن...فإن البیت إذا کثر فیه تلاوة القرآن... أضاء لأهل السماء کما تضيء نجوم السماء لأهل الدنیا»(اصول الکافي، ج 2، ص 610) البيت القرآني مكان لنزول النعمة الإلهية: اليوم بالرغم من عدم وجود البيوت المبنية من الطين والقصب ، وانتشار الإسكان والمنازل بصورة كبيرة ، وعلى الرغم من أن الدخل المالي للناس في نمو مستمر وانتشار النعم الإلهية بشكل كبير بين الناس لكن من النادر أن نرى الأشخاص لا يشتكون. ما الذي حدث على الرغم من كل هذه النعم ، وعلي الرغم من كل الازدهار النسبي والراحة التي يتمتع بها الجميع اليوم ، ولكن لا يزال الكثير يشتكون من الوضع المعيشي؟ لماذا أجدادنا مع حرمانهم من نعمة الكهرباء واستخدامهم للأضواء الخافتة وعيشهم في بيوت من الطين بدلاً من البيوت الفخمة والأنيقة ، أو بدلاً من أحدث طرازات السيارات سافروا مسافات طويلة على ظهور الخيول والحمير ، وكانوا راضين عن حياتهم ، ولم يشتكوا كثيرًا؟ ولعل أحد أسباب ذلك هو أنه في حسابات الناس اليوم ، أفسحت صيغة تسمى "البركة" الطريق لزيادة الأرقام. في حين أن أسلافنا ، قبل النظر إلى الأرقام ، استخدموا صيغة "البركة" في المقام الأول واعتقدوا أن حياة الإنسان لا تنظمها الأرقام النقدية ، بل هي عامل روحي يسمى البركة . مما يجعل حياة الإنسان مزدهرة ، لذلك كانوا يسألون الله دائمًا "البركة" في حياتهم. ومن خصائص الأسرة القرآنية تمتعهم بنعمة البركة لإلمامهم بالقرآن الكريم. وكما قال الإمام الصادق (ع) في هذا الصدد: «الْبَیْتُ الَّذِي یُقْرَأُ فِیهِ الْقُرْآنُ وَ یُذْكَرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ تَكْثُرُ بَرَكَتُهُ وَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ»(الکافي، دار الکتب الاسلامیة، 1365 هـ. ش. ج 2، ص 499.) يمنع دخول الشيطان في البيت القرآني: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴿٣٠﴾ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴿٣١﴾ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴿٣٢﴾ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴿٣٣﴾} [الحجر، الآیة 30 – 33] الشيطان الذي عصى أمر الله بسبب غطرسته وغروره طرد من رحمة الله،[الحجر، الآیة 34 – 35] إنه ليس العدو الأول للإنسان فحسب ، بل هو أيضًا أحد أعدائه العنيدين ، لذلك يحاول دائمًا أن يضل الإنسان ويضلله بأي طريقة ممكنة. ولكن ما العمل للتخلص من مؤامرات هذا العدو؟ طرق عديدة ، أهمها تلاوة القرآن. بطريقة ما ، من بركات البيت الذي يتلى فيه القرآن أنه يمنع دخول الشيطان فيه. وكما قال الإمام الصادق (ع) في هذا الصدد: «الْبَیْتُ الَّذِي یُقْرَأُ فِیهِ الْقُرْآنُ وَ یُذْكَرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ .... تَهْجُرُهُ الشَّیَاطِینُ»(الکافي، دار الکتب الاسلامیة، 1365 هـ. ش. ج 2، ص 499)...
https://telegram.me/buratha