د.مسعود ناجي إدريس ||
رداً على هذا السؤال ، قال الله تعالى في سورة يونس في الآيتين 7 و 8: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ <8> أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
في هذه الآيتين الشريفتين يقول الله تعالى : إن الذين لا يطمعون في لقائنا في الآخرة للحساب، وما يتلوه من الجزاء على الأعمال لإنكارهم البعث، ورضوا بالحياة الدنيا عوضًا عن الآخرة، وركنوا إليها، والذين هم عن آياتنا الكونية والشرعية ساهون. أولئك مأواهم نار جهنم في الآخرة؛ جزاء بما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا. ويتجلى كفرهم بطريقتين:
1- الكفر العقائدي
في هذه الحالة ، لا يؤمن الشخص بالآخرة بأي شكل من الأشكال لا نظريًا ولا فكريًا ، ولا يؤمن بان الآخرة نهاية الدنيا والحياة ، ولا ينتظر يوم القيامة. والدنيا بالنسبة له يعيش فيها فقط ويعتبر الموت نهاية للوجود، وهذه الحالة تسمى بالكفر العقائدي وهذا الشخص كافر عقائدياً.
2- الکفر العملي
في هذه الحالة يؤمن الشخص بالآخرة ويقول أن هناك وجود ليوم القيامة ويعتبر الموت انتقالاً من الدنيا إلى الآخرة ، ولديه عقيدة بيوم الجزاء والثواب ، ولكن هذا الأعتقاد لم يرسخ في قلبه لإجباره على التحرك و الاستعداد ليوم العقاب ، ويضع الحد من تعلقه بهذه الدنيا. هناك العديد من الأمثلة على هذا الكفر في المجتمع الإسلامي ، بأن هناك عدد من المسلمين المتعلقين بهذه الدنيا لدرجة أنهم لا يبينوا أنهم يؤمنون بيوم القيامة ويوم الحساب ، ويبحثون عن الجنة الموعودة في الحياة الدنيا.
إن الذين لا يؤمنون بلقاء الله ويوم القيامة بالطبع لم يعد العقاب و الوعود و الاوامر و النواهي و المحرمات ومبادئ الدين الفرعية و الرئيسة تعني لهم شيئا . الشخص الذي تكون نظرته للعالم على هذا النحو ، كل اهتمامه وهمومه متمركزة على الحياة الدنيا ، وبما أن الإنسان ، بطبيعته ، يسعى إلى السعادة الأبدية ، فإنه يحاول البقاء في الدينا و الخلود فيها وعدم الموت و يسعى الى تحقيق السعادة في الحياة الدنيوية. لذلك يسعد ويطمئن من خلال توفير المرافق المادية . كما يقول الله في الآية الشريفة:
ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (النجم- 30) (من طلب الدنيا) ذلك الذي هو عليه و هو منتهى علمه وغايته.
لذلك ، أولئك الذين عملوا الصالحات وتخلصوا من العبوده الدنيوية ، و توجهوا إلى اداء الواجبات الألهية ، ليس لديهم قلق او خوف من يوم القيامة ، وهم آمنون و مطمئنون ، وفرحون و مبتسمون تحت رعاية الله.
وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة، مسرورة فرحة، وغير مسودَّة، ولا تغشاها ذلَّة. وجوه أهل الجحيم مظلمة مسودَّة، تغشاها ذلَّة. أولئك الموصوفون بهذا الوصف هم الذين ابتعدوا عن السراط المستقيم وطلبوا الدنيا و عبدوا الشيطان و هوى النفس وكفروا بنعم الله وكذَّبوا بآياته، وتجرؤوا على محارمه بالفجور والطغيان.
ان سعادة المؤمن و ذلة المذنب الدنيوي و سواد وجهه هو نتيجة أفعال كل منهم.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha