اعتبر الاستاذ في الحوزة العلمية بقم حجة الاسلام والمسلمين الدكتور مرتضى جوادي املي ان الرسالة التي يتبناها اية الله السيد علي السيستاني لحماية كيان وموقع العراق واصالته الثقافية مهمة للغاية،
مشيراً إلى أن ذلك نابع من ذكائه وفطنته بحيث ان سماحته فسح المجال للجميع رغم وجود بعض القوى في المنطقة وداخل البلاد باذواق وتوجهات سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة ولم يدفع أي احد وجهة الى العزلة والتهميش بل اتاح لهم فرصة الحضور وطلب منهم المساهمة بحكمة وتدبر لبناء المجتمع.
وقال آملي، لموقع شفقنا، انه "يجب الاهتمام بموضوعات وأبعاد مختلفة حول مرجعية السيد السيستاني، بما في ذلك ان السيد السيستاني يعد شخصية فذة ومرموقة اخذ بنظر الاعتبار شؤونا وجهات في الحوزة العلمية في النجف الاشرف وفي بعض المراحل في الحوزة العلمية بقم، ما اسهم في اعتلاء وعظمة هذه الشخصية النبيلة والفذة. اي ان الخصائص والميزات التي يتمتع بها سماحته تعد ذخرا وتراثا دينيا وانسانيا قيما".
واضاف املي ان "العراق الذي يعاني اليوم من ظروف خاصة ومتازمة، بحاجة الى مرجع ديني وعالم فقيه يتمتع بابعاد عديدة من حيث نوع الرؤية التي يجب اعتمادها لبلد ومنطقة والعالم"، لافتاً إلى أنه "ومن وجهة النظر هذه فان شخصية السيد السيستاني، يمكن من خلال المواقف والاراء ووجهات النظر الخاصة التي يبديها في مجال السياسة والثقافة والاجتماع والحكومة في العراق، ان يساهم الى حد كبير في ترسيخ الاستقلال والحياة السياسية والثقافية للبلاد".
واشار آملي، إلى ان "مرجعية النجف لا تبحث عن السلطة والحكم"، مضيفا ان "الرؤية التي تسود اليوم المرجعية في العراق وخاصة النجف الاشرف، هي ان الحكم لا يعتبر هدفا بل ان هدف المرجعية هو توجيه الناس والمجتمع في مسار الفكر والثقافة والديانة، ويريد ان يواصل الشعب الحياة السياسية والاجتماعية بصورة صحيحة وفي ظل الثقافة الاصيلة التي يستحقها شعب كبير كالشعب العراقي".
وأوضح، أن "هذا الأمر يتطلب في بعض الاحيان ان يبدي سماحته رايا وموقفا بحيث لا يجعلهم يبتعدون عن اجواء السياسة والحكم، الامر الذي يعد صعبا للغاية بالنسبة للسيد السيستاني، لان نظام الحكم ليس نظاما مستقرا وراسخا من جهة وهناك الهجمات العديدة التي تستهدف المجتمع الكبير من الداخل و الخارج من جهة اخرى، سواء اكان اشخاص من الدول الجارة او من الدول البعيدة والتي تعمل على زعزعة استقرار المنطقة وبث الفوضى بين الجماهير وبالتالي التطاول على الاحتياطات والثروات التي يملكها العراق ولجعله يعيش وضعا متازما".
وفيما يخص التوجه الفكري للسيد السيستاني قال املي ان "السيد السيستاني مازال يتابع المسار الفكري لمدرسة النجف الاشرف والتي كان رائدها اية الله الخوئي في الحقبة الاخيرة، وان نوع رؤيته ونظرته الى السياسة والسلطة والحكم ليست ان تتحرك المرجعة والحوزات العلمية نحو السلطة والحكم بل نظرته تتمثل في توجيه وارشاد الناس والتنوير لكي يصل المجتمع بنفسه الى النضج السياسي، وان يتمتع العراق بقوة اقتصادية كبيرة في المنطقة وكذلك السلطة السياسية والاجتماعية والثقافية".
وعن تواصل الإمام السيستاني مع ايران قال انها "علاقات تتسم بالعقلانية والحكمة، فسماحته يقدم توصيات حكيمة وقيمة خلال استقبالاته للاشخاص ويتجب دائما الدخول في مجال السياسة والسلطة والحكم في ايران".
واضاف املي انه "التقى السيد السيستاني ووجده شخصية متحلية بالاخلاق والنظام وصاحب رؤية واضحة للغاية وفكرا جليا في مجال الفكر والثقافة والاجتماع والدين فضلا عن كونه فطنا وصاحب وعي وذكاء في القضايا السياسية".
وتابع انه "على اي حال هناك في العراق اشخاص وجهات برؤية خاصة ويملكون قوة عسكرية وامنية وسياسية لكن السيد السيستاني لا يريد ابدا دفع البلاد الى ساحات الصراع والنزاعات الداخلية لان ذلك نابع من فطنته وحنكته بحيث اتاح المجال للمجموعات المختلفة التي تحمل اذواقا وتوجهات سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة ولم يدفع احد الى العزلة والهامش، بل منحهم فرصة الحضور والتواجد وطلب منهم ان يساهموا بحكمة ودراية في بناء المجتمع".
واكد املي ان "السيد السيستاني لم يضع ابدا على جدول اعماله خوض عالم السياسة، ومن جهة اخرى فانه عندما ينال الساسة السلطة والمكنة المالية والاقتصادية قد تحصل عثرات واخطاء عديدة، وهذه تشكل احد التحديات التي تواجهها الحكومات التي هي في طور التشكل، وهي التحديات التي تحصل في هذا المسار وما يسبب بقلق لافراد المجتمع، وهي من القضايا التي بحاجة الى توجيه وارشاد وحزم".
وختم آملي حديثه، ان "السيد السيستاني أبدى حزمه في هذا المجال من خلال المواقف ووجهات النظر الدينية والاجتماعية لكنه لم يضع ابدا على جدول اعماله الدخول الى عالم السياسة والسلطة والحكم، بل انه استطاع في ظل تلك البساطة والحياة الورعة الحفاظ على الهدوء والاستقرار في بلد مضطرب يتعرض لعداوات من جهات مختلفة".
https://telegram.me/buratha