الشيخ محمد رضا الدكسن
. . الولايةالتشريعية : يعني إن إرادة رسول الله فوق كل إرادة في مقام اتخاذ القراروالاختيار للمؤمنين، وتكون إرادته بديلة عن إرادة المؤمن فإذا أراد مؤمن أن يعملعملا ما حتى ولو كان مشروعا مائة في المائة فإن الرسول يستطيع أن يمنعه و ليس لهالخيرة من أمره .. حتى إن الرسول كان يقضي بفصل الزوج عن زوجه و كانت أوامره مطاعةسواء في الحرب أو في السلم، وسواء في أخذ المال وإعطائه وسواء في النكاح أو الطلاقأو أي أمر من أمور الحياة المختلفة . و نحن نعتقد أن هذه الإطاعة واجبة علىجميع المؤمنين و المؤمنات بالنسبة للرسوا أو الأئمة الأطهار عليهم السلام فولايتهمامتداد لولاية الرسول و ولاية الرسول امتداد لولاية الله تعالى . بناء عليه فإن ولاية الأئمة مثل ولاية الرسول و معنى ذلك أنه يجبإطاعتهم في الأحكام الشرعية كمايجب إطاعتهم في الأمور الشخصية الفردية و عصيانهم أومخالفة أوامرهم مخالفة لأوامر الله تعالى . و الدليل على ذلك كثير من الكتاب والسنة . مثل قوله تعالى: " النبي أولى بالمؤمنين منأنفسهم"فتجب إطاعته عليهم بدون أي اعتراض أو تباطؤ . وأيضاقوله تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه ومن نهاكم عنهفانتهوا". و ذلك لأن الرسول لا ينطق الا عن الله تعالى" وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى" و قوله تعالى: " ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" ،و أولوالأمر في الآية هم عترة الرسول صلى الله عليه و آله كما هو واضح من التفاسير وأقوال العلماء في هذا الباب . و كما جاء في قوله تعالى : " إنما وليكمالله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون"،و قد أجمع المفسرون و المحدثون بأن المقصود من الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة و هوفي حال الركوع هو علي بن أبي طالب عليه السلام دون شك . و يتبعه الأئمة من بعدهسلام الله عليهم . و هذه الآية صريحة في وجوب إطاعة الرسول دون أن يكونللشخص أي اختيار و يعني ذلك أن للرسول الولاية على المؤمن في كل أمر من أمورهالخاصة و العامة دون استثناء . و هذه الولاية تستمر في الأئمة الهداة من بعده . قالتعالى : "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أنيكون لهم الخيرة من أمرهم" أماالولاية التكوينيةفمعناها : تسخير الكائنات الإمكانية تحت إرادةأولياء الله تعالى ومشيئتهم بحيث تنقاد اليهم وينفذ أمرهم فيها و هذه الولايةمستمدة من ولاية الله تعالى ذلك لأنه لا مؤثر في الوجود الا الله عز وجل، و لايتمكن أحد كائنا من كان أن يؤثر في الوجود و يتصرف في الكون مستقلا و لكن إذا شاءالله فإن أولياءه مثل الأنبياء و الأئمة يتصرفون في الكون و يعملون الخارقات بإذنالله و بمشيئته . و قد كشف القرآن عن بعض الأنبياء الذين كانت لهم الولاية التكوينية وتصرفوا في الكون مثل إبراهيم وموسى وسليمان و داود وعيسى عليهم و على نبينا و آلهالسلام . قال تعالى عن نبيهموسى عليه السلام : " ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساًلا تخاف دركاً ولا تخشى" أوقوله تعالى:" وإذاستسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلأناس مشربهم" و معاجز أخرى مثل تبديل العصا الى الثعبان و تفجير الماء من الصخرة وغير ذلك .. كل هذه المعاجز كانت لموسى عليه السلام و لكن بدون شك بإذن من الله . أنظر الى عيسى عليه السلام كيف يقول : "ورسولاً إلىبني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخفيه فيكون طيراً بإذن الله وأُبرئ الأكمة والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكمبما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " فهذا أيضا نبي من أنبياء الله يتصرف في الكون بالولاية التكوينية ويعمل أمورا خارقة لا يمكن أن يقبلها العقل لولا أن القرآن يحدثنا بها فنراه يحييالموتى و ليس هذا بالأمر الهين أو يبرئ الأكمه و الأبرص أو يخلق طيرا من الطينفينفخ فيه لتحل فيه الروح و لكن كل هذه الأمور بأمر و إرادة من الله . و هذاا داود عليه السلام فقد سخر الله له الطير والجبال يسبحن معه والرياح ولين لهالحديد كما في الآية الشريفة : " وسخرنا مع داود الجبال يسبحنوالطير وكنا فاعلين" وقوله تعالى: " فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيثأصاب" و قوله : "يا جبال أوبي معه والطير وألنّا له الحديد" . و جاء عن سليمان النبي سلام الله عليه أيضا أن الله سخر له الجن و الإنس كماو سخر له الريح . قال تعالى: "ولسليمان الريحعاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين" . فهل داود و عيسى و موسى و سائر أنبياء الله أفضل أم رسول الله وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه و آله وعترته الطاهرة حتى يسخر لهم ما لم يسخرللنبي وعترته سلام الله عليهم ؟ لقد ورد بسند صحيح عن هارون بن موفقمولى أبي الحسن عليه السلام قال: قال أبو الحسن عليه السلام في حديث طويل: " لم يعط داود وآل داود شيء إلا وقد أعطي محمد وآل محمد أكثر" . وهذه الأمور وإن كانت مستحيلة عادة و لكنه سبحانه يفوضها إلى بعض عبادهالمكرمين تشريفاً وتعظيماً لهم لطاعتهم له و يسمح لهم أن يتدخلوا في عالم الخلقوالتكوين وأن يحدثوا ما يعتبر خارقاً لقوانين الطبيعة و ظاهر الآيات تدل على أنهميتصرفون بعوالم التكوين ويقومون بتلك الأفعال بمحض إرادتهم التي هي في طول إرادةالله سبحانه وإنهم كانوا يخلقون بإذن الله تعالى لأن عملية الخلق من أعمال اللهالخاصة استقلالا و لكن يمكن ذلك إن كان بإذنه . ومن الآيات التي تدل على الولايةالتكوينية قوله تعالى: " قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيكبه قبل أن يرتد إليك طرفك" فإن كان آصف بن برخيا قد أكرمه الله و من عليه بعلم منالكتاب و يستطيع أن يحضر عرش بلقيس في أقل من طرفة عين فلا شك أن علي بن أبي طالبعليه السلام و هو الذي أعطاه الله علم الكتاب أولى و أقدر على التصرف في عالمالعناصر والأجساد، و تسيير الجبال و التكلم مع الموتى و غير ذلك من المعجزاتالباهرات التي خلدها التاريخ لهم سلام الله عليهم . ففي الروايات الواردة عن طريق العترةالطاهرة أن آية "قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علمالكتاب" نزلت في علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
https://telegram.me/buratha