بمناسبة الذكرى السنوية لإستشهاد عقيلة بني هاشم السيدة زينب بنت أمير المؤمنين علي (عليهما السلام9 نتقدم بخالص مشاعر العزاء والمواساة لبقية الله في ارضه الحجة النتظر عجل الله فرجه الشريف، والى علمائنا الأعلام ومراجعنا العظام والأمة الأسلامية جمعاء وشيعة أهل البيت علسهم السلام أعزهم الله بعزه وأيدهم بجنده ونصرهم بنصره وقمع عنهم عدوهم ورد كيده الى نحره
توفّيت أم المصائب السيدة زينب بنت الإمام علي (عليهما السلام) في الخامس عشر من شهر رجب المرجب لعام 62 هـ، واختُلِفَ في محل دفنها، فمنهم من قال: في مصر، ومنهم من قال: في الشام، ومنهم من قال: في المدينة.
اسمها ونسبها:
زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أمّها سيّدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) بنت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولادتها:
ولدت بالمدينة المنوّرة في الخامس من جمادى الأوّل عام 5 هـ.
ولمّا ولدت (عليها السلام) جاءت بها أمّها الزهراء (عليها السلام) إلى أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقالت: (سمّ هذه المولودة).
فقال: (ما كنت لأسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله))، وكان في سفر له، ولمّا جاء وسأله علي (عليه السلام) عن اسمها.
فقال : (ما كنت لأسبق ربّي تعالى)، فهبط جبرائيل (عليه السلام) يقرأ السلام من الله تعالى، وقال له: (سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم).
ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى (صلى الله عليه وآله)، وقال: (من بكى على مصائب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها: الحسن والحسين).
سيرتها وفضائلها:
كانت (عليها السلام) عالمة غير معَلّمة، وفهِمة غير مفهمة، عاقلة لبيبة، جزلة، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأمّها الزهراء (عليهما السلام).
اتّصفت (عليها السلام) بمحاسن كثيرة، وأوصاف جليلة، وخصال حميدة، وشيم سعيدة، ومفاخر بارزة، وفضائل طاهرة.
حدّثت عن أمّها الزهراء (عليها السلام)، وكذلك عن أسماء بنت عميس، كما روى عنها محمّد بن عمرو، وعطاء بن السائب، وفاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السلام)، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وعَبَّاد العامري.
عُرفت زينب (عليها السلام) بكثرة التهجّد، شأنها في ذلك شأن جدّها الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأهل البيت (عليهم السلام).
وروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قوله: (ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر)، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة، بحيث أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها: (يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل).
وذكر بعض أهل السِيَر: أنّ زينب (عليها السلام) كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء، وأنّ دعاءها كان مستجاباً.
أم المصائب:
سُمّيت أم المصائب، وحق لها أن تسمّى بذلك، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي (صلى الله عليه وآله)، وشهادة أمّها الزهراء (عليها السلام)، وشهادة أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام)، وشهادة أخيها الحسن (عليه السلام)، وأخيراً المصيبة العظمى، وهي شهادة أخيها الحسين (عليه السلام)، في واقعة الطف مع باقي الشهداء (رضوان الله عليهم أجمعين).
أخبارها في كربلاء:
كان لها (عليها السلام) في واقعة كربلاء المكان البارز في جميع المواطن، فهي التي كانت تشفي العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين (عليه السلام) ساعةً فساعة، وتخاطبه وتسأله عند كل حادث، وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال، وتقوم في ذلك مقام الرجال.
والذي يلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبد الله بن جعفر، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها، وزوجها راضٍ بذلك، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه، فمن كان لها أخ مثل الحسين (عليه السلام)، وهي بهذا الكمال الفائق، فلا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها.
وروي أنّه لمّا كان اليوم الحادي عشر من المحرّم، بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) حمل عمر بن سعد النساء، فمرّوا بهنّ على مصرع الحسين (عليه السلام) فندبت زينب (عليها السلام) أخاها وهي تقول: (بأبي مَن فسطاطه مقطع العُرى ، بأبي مَن لا غائب فيُرتجى، ولا جريح فيُداوى، بأبي مَن نفسي له الفدا، بأبي المهموم حتّى قضى، بأبي العطشان حتّى مضى، بأبي مَن شيبته تقطر بالدما، بأبي مَن جدّه رسول إله السما، بأبي مَن هو سبط نبي الهدى).
أخبارها في الكوفة:
لمّا جيء بسبايا أهل البيت (عليهم السلام) إلى الكوفة بعد واقعة الطف، أخذ أهل الكوفة ينوحون ويبكون، فقال بشر بن خزيم الأسدي: ونظرتُ إلى زينب بنت علي (عليهما السلام) يومئذ، فلم أرَ خَفِرة (عفيفة) أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد أومأتْ إلى الناس أن اسكتوا فارتدتْ الأنفاس، وسكنتْ الأجراس، ثمّ قالت: (الحمد الله والصلاة على محمّد وآله الطاهرين، يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر، أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا قطعت الرنة، إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة، أنكاثاً تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلاّ الصلف النطف...) إلى آخر الخطبة الشريفة، وهي معروفة.
أخبارها في الشام:
أرسل عبيد الله بن زياد والي الكوفة السيّدة زينب (عليها السلام) مع سبايا آل البيت (عليهم السلام) ـ بناءً على طلب يزيد ـ ومعهم رأس الحسين (عليه السلام) وباقي الرؤوس إلى الشام، فعندما دخلوا على يزيد دعا برأس الحسين (عليه السلام) فوضع بين يديه، فلمّا رأت زينب (عليها السلام) الرأس الشريف بين يديه صاحت بصوت حزين يقرح القلوب: (يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا ابن فاطمة الزهراء)، فأبكت جميع الحاضرين في المجلس ويزيد ساكت.
وروي أنّ يزيد عندما أخذ ينكث ثنايا الإمام الحسين (عليه السلام) بقضيب خيزران، قامت (عليها السلام) له في ذلك المجلس، وخطبت قائلة:
(الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين: أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الإماء، إن بنا هواناً على الله، وبك عليه كرامة، وإنّ ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً، أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا، قد هَتكتَ ستورهنّ، وأبدَيتَ وجُوههُن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد).
وفاتها:
توفّيت أم المصائب السيدة زينب بنت الإمام علي (عليهما السلام) في الخامس عشر من شهر رجب المرجب لعام 62 هـ، واختُلِفَ في محل دفنها، فمنهم من قال: في مصر، ومنهم من قال: في الشام، ومنهم من قال: في المدينة.
..................
13/5/140515
https://telegram.me/buratha