خضير العواد
لقد أكد رسول الله (ص) في رسالته السماوية التي أستمرت حوالي 23 سنة على أهم شيئين هما وحدانية الله سبحانه وتعالى والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام ، فلم يترك رسول الله (ص) حدثاً أو موقفاً من اللحظة الأولى لأنطلاق رسالته المقدسة في مكة إلا وتطرق الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، وأثبت للأمة بالأدلة السماوية (الأيات الكريمة والأحاديث المشرفة) والعقلية ( بما يمتاز أمير المؤمنين (ع) من طاقات عقلية وعضلية) بأحقيته بالخلافة الربانية الحقة من خلال الطرح الذي كان يطرح به رسول الله (ص) أمير المؤمنين للأمة في جميع المواقف ، ففي كل موقف كان رسول الله (ص) يستعمل طريقة جديد تؤكد على هذه الولاية الحقة بشكل دامغ لايمكن دحضه باي دليل ، ولكن بالرغم من الفترة الطويلة وكثرت الأدلة فأن أغلب قيادات الأمة المكية والمدنية قد رفضت هذه الولاية نتيجة أسباب مختلفة كل فريق أبتلى بها كالضغينة والحسد والكره والتنافس على السلطة وعدم الإيمان الكامل بالرسالة المحمدية السمحاء على الرغم من أعطاء البيعة الكاملة للإمام علي عليه السلام في يوم الغدير 18 ذي الحجة عام 10 هجرية ، وبعد الأنحراف الكامل للأمة عن دين الله القويم الذي يشترط قبول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وسيطرت ممن دخل في الإسلام خوفاً وطمعاً بالدنيا وزينتها على مقاليد الحكم ، أخذ الركب الإسلامي بالعودة الى الجاهلية العمياء الذي يقوده الفاسق الفاجرالخمير يزيد بن معاوية الذي يعرف الإسلام على إنه ملك وليس رسالة سماوية حيث يقول ( لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ) بهذه الكلمات التي أظهر فيها عدم إيمانه برسالة المصطفى (ص) ، بعد وصول الأمة الى حافة الأنهيار الكامل في أحضان اللات وهبل هنا صرخ الإيمان الكامل والقرأن الناطق أبا عبد الله عليه السلام (إني لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهي عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ) ، فهيء الإمام الحسين عليه السلام كل السبل والعوامل التي تغير إتجاه الركب الإسلامي وتجعله يتوجه الى طريق الله القويم الذي عبده رسول الله (ص) وأناره بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ، فبذل الحسين (ع) كل شيء في سبيل الله سبحانه وتعالى فاعطاه الله كل شيء ، وسطر هذا المولى المقدس أروع وأندر ملحمة عرفها التاريخ من بدء الخلق الى قيام الساعة ، فكانت بحق كربلاء بمستوى المهمة التي يراد منها إرجاع الأمة الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ( الإسلام المحمدي الأصيل) ، فكل جزء وعنصر اشترك في يوم عاشوراء له أهميته ومكانته المقدسة ، لهذا نلاحظ أئمة الهدى عليهم السلام قد ركزوا على الإمام الحسين عليه السلام ويوم عاشوراء وما جرى في ذلك اليوم الفضيع على آل الرسول صلوات الله عليهم واصحابهم الأطهار ، لهذا أكد أئمة الهدى عليهم السلام على تذكر ذلك اليوم بكل الطرق الإعلامية التي تثير في نفس كل إنسان علامات الإستفهام والإستغراب من شعر وخطابة وبكاء ولبس السواد واللطم وغيرها من الوسائل التي تظهر الحزن والآسى لما فعلته السلطة الأموية الجائرة بأهل البيت عليهم السلام ، ولكي تبقى التسائلات تثار في وجدان الأمة حول الأسباب الحقيقية التي أدت الى هذه النتيجة المآساوية التي يقتل بها سيد شباب الجنة عليه السلام والخلص من أهل بيته واصحابه البررة وتسبى نساء الرسالة المحمدية بهذه الطريقة القاسية والبعيدة كل البعد عن القيم الإسلامية والعربية ، لهذا دفع أئمة الهدى عليهم السلام بالموالين الى الحفاظ على عاشوراء وماجرى من مصائب على عرصة كربلاء في وجدانهم وتفكيرهم ، لكي تبقى كربلاء الشعلة التي بنورها تجذب المسلمين بشكل خاص والإنسانية بشكل عام الى طريق الإسلام المحمدي الأصيل ، وهكذا أصبحت كربلاء الطريق الأسرع والأمن الى عودة الأمة الى ولاية أمير المؤمنين التي أرادها الله سبحانه وتعالى التي بها أكمل الدين وتمت النعمة ورضا الله سبحانه وتعالى أن نتعبد له بالإسلام كدين، فعاشوراء الحسين عليه السلام الثورة الحقيقية على الإنقلاب الذي قاده ابو بكر وعمر من سقيفة بني ساعدة على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والذي نتج عنه وصول بني أمية الى قيادة الإسلام وأكملوا طريق الإنحراف الى قواعد اللات وهبل ، وهكذا أصبحت كربلاء البوابة التي من خلالها يدخل المسلمون والإنسانية بشكل عام الى الإسلام الحق وهو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أي عاشوراء الولاية .
https://telegram.me/buratha