الدكتور سلمان كاظم الجميلي النعماني
ِ الواقعة المشار اليها ، هي واقعة الغدير الأغر ، نسبة الى مكان وقوعها وقد ذكرت هذه الواقعة المئات من كتب الرواية والسيرة والتأريخ لجميع الفرق والمذاهب ، وقبلها وثقّ هذه الواقعة كتاب الله العزيز وأحاديث نبيه الكريم كما سنستعرضها هنا بايجاز شديد قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : ( يأيها الرّسول بلّغ مآأنزل إليك من رّبك وإن لّم تفعل فما بلّغت رسالته ,والله يعصمك من النّاس إنّ الله لايهدي القِوم الكافرين ) صدق الله العلي العظيم . المائدة : 67 كان الرسول الاكرم محمد ( ص ) في طريقه الى المدينة المنورة ، منهيا آخر حجة له ( ص ) ألا وهي حجة الوداع ، ومعه في رحلة العودة جمع من الوفود الغفيرة من الحجيج ، وفي منطقة يقال لها ( غدير خمّ ) ، بالقرب من الجحفة وقبل أن يتفرق الناس كل الى ناحيته ، وبسبب نزول قوله تعالى ( آية التبليغ المذكورة اعلاه ) وبنص هذا الأمر الإلاهي النازل على رسوله الكريم ( ص ) ، فلم ير بدا من تنفيذ ماأمره به الله تعالى ، سيما وقد ضمن له العصمة من الناس وأنه أنذره تعالى إن لم يبلغ هذا الامر فكأنه لم يبلغ الرسالة التي سهر وجاهد من أجل تبليغها سنين طويلة ، فسبحان الله ! ماهذا الامر الخطير ؟ .فكان أن نادى بالحجيج بالتجمع والصلاة جامعة ونظير هذا التجمع الكبير للمسلمين مع جل الصحابة بقيادة الرسول الاعظم (ص) لم يحدث في حياته الشريفة الا في فتح مكة وحجة الوداع ومنطقة بين مكة والمدينة هي غدير خم سميت واقعة تجمع المسلمين بقيادة الرسول ص وهو عائد من حجة الوداع بواقعة غدير خم وهي ليست واقعة حربية طبعا ولكنها اهم واقعة يوثقها القرآن الكريم بالآية المذكورة وبحظور الرسول وأهل بيته عليهم السلام وكل الصحابة مع الآلاف المؤلفة من المسلمين بل الحدث الاعظم قبل انتقال النبي الخاتم ص الى الرفيق الاعلى . روى ابن كثير في بدايته عن زيد بن ارقم أن النبي ( ص ) لما رجع من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال كأني قد دعيت فأجبت أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهمافانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال: الله مولاي وانا ولي كل مؤمن ومؤمنة وأخذ بيد علي وقال من كنت مولاه فهذا علي وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، معلنا تولية خليفة له ووصيا من بعده لتولي أمر المسلمين ، وفي رواية صعد منبرا له أقيم على عجل من أحداج الابل ، وقرأ على الجموع الغفيرة من المسلمين العائدين معه من حجة الوداع ( الآية : 67 من سورة المائدة ) مبلغا لهم انها نزلت عليه في الطريق ويريد اخبارهم ( ص ) بأمرها الهام المتعلق بمصير الرسالة ومستقبلها ،وأتى بالامام على ( ع ) ووقفا معا أمام الجموع التي ناهزت الالآف ، ورفع يد الامام علي عاليا حتى بان بياض إبطيهما ، وقال لهم ( ص ) : على رواية ابن كثير في كتابه البداية ، عن زيد بن أرقم أن النبي ص قال ( الرواية الانفة الذكر ) وابن كثير الاموي يعترف ايضا بان حديث الغدير متواتر لاسبيل الى انكاره ومع ذلك فهو لايفيد الشيعة على حد تعبيره . ( البداية والنهايةج5ص209) . ( انظر التآمر المستمر على انكار اهمية هذه الواقعة من هؤلاء جيلا بعد جيل) ولكن في صفحات كتبهم تجد الحق صادحا بهذه الواقعة مهما فعلوا وانكروا والسؤال الذي يطرحه اليوم كل منصف ومدافع عن حق علي ع ومؤمن به هو : اية ملة واي قوم هؤلاء الذين تنكروا لهذه الواقة العظيمة ؟ ولماذا ؟ ولمصلحة من ؟ واين تعاليم الرسول ص وتربيته لهؤلاء ؟ واين ذهب جهاده ووصاياه وخطبه ؟ والجواب معروف جدا والنتيجة هذا التخبط والانحطاط في حياة المسلمين على مر الدهوروالعصور .ِِ نعود : ثم خطب الرسول ( ص ) خطبة طويلة مذكرا وموصيا ومنذرا ومبلغا بالامر السماوي :( كأني قد دعيت فأجبت إني تارك فيكم الثقلين الى آخر الرواية كما اسلفنا ؛ وفي رواية : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأنصر من نصره ، وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث مادار ) وفي رواية اخرى رويت عن أبي هريرة : أنه لما أخذ النبي ( ص ) بيد علي ( ع )وقال من كنت مولاه فهذاعلي مولاه ، أنزل الله تعالى على نبيه ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) ونصبت للامام علي ( ع ) خيمة وأمر الرسول الناس بالدخول عليه فوجا فوجا ومبايعته وتهنئته بالمقام الرفيع الذي الذي أولاه الله تعالى إياه في محكم التنزيل ، مسلمين عليه بإمرة المؤمنين لتتم له البيعة في حياته كحاكم وخليف للرسول ص .وبايع المسلمون الامام علي ع وهنأؤوه بالخلافة ومنهم الشيخين ( انظر الفخر الرازي في تفسيره والبغدادي في تأريخه والمحب الطبراني في ذخائره وصاحب فيض القدير في شرحه وصاحب الرياض النظره وغيره كثير ، نص كل هؤلاء ان عمر بن الخطاب بعد أن انتهى النبي من خطابه هنأ عليا وقال له : بخ بخ لك يابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . ونصّ جماعة من المحدثين : أن أبا بكر قال له : أمسيت يابن أبي طالب مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة وبايع الامام نساء النبي ايضا . وقيل لعمر مرة إنك تصنع لعلي شيئا لاتصنعه بأحد من اصحاب النبي ( ص ) فقال : ( إنه مولاي ) انظر الجزء الرابع من مسند أحمد وص26 من الصواعق المحرقة . وعن صحة حديث الغدير فانه حديث متواتر بلغ من الوثوقية أن اتفقت الامة الاسلاميه برواتها ومؤرخيها ومحدثيها على تواتره ، فقد رواه ثلاثون صحابيا واثنا عشر بدريا (انظر الجزء الاول والرابع من مسند أحمد والصواعق المحرقة والمجلد الاول من صحيح مسلم وابن ماجه في صحيحه والحاكم في مستدركه والسيوطي في الدر المثور وابن الاثير في أسد الغابة والمناوي في فيض القدير والهيثمي في مجمع الزوائد والطبري في تأريخه والترمذي والنسائي في خصائصه والفخر الرازي في تفسيره وغيرهم .وذكر جماعة : لما انتهى النبي من خطابه أنزل الله تعالى عليه الآية : 3 من سورة المائدة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، وسميت هذه الواقعة في كتب السير والتأريخ بواقعة الغدير لوقوعها في منطقة غدير خمّ بين مكة والمدينة في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة . وذكرت هذه الواقعة مئات المصادر وامهات الكتب من جميع الفرق وألف في مضامينها مئات المجلدات ويحتفل المسلمون فيها على مر الدهور في أنحاء المعمورة . واصبحت عيدا للولاية واكمال الدين واتمام نعة الله تعالى على المسلمين بتولية علي ( ع ) خليفة من بعد الرسول ( ص ) والحمد لله ربّ العالمين وبورك للمسلمين جميعا هذا العيد السعيد وكل عام والجميع بخير .
https://telegram.me/buratha