بقلم / كاظم جابر الموسوي
ابا الفضل يامن اسس الفضل والابا ابى الفضل الا ان تكون له ابا قبل الولوج في رحاب ابي الفضل العباس ( ع ) لا بد من الوقوف على ساحل ( بحر ) من تألق ابو الفضل في سمائه وصار رمزاً للشرف والبطولة بسببه ، لا بد من الوقوف على ساحل بحر النور والايمان والهداية ومجمع الفضائل ، الا وهو انشودة الاحرار ومنار الثوار والفاتح العظيم الذي اخذ الدنيا باجمعها في كل زمان ومكان انه ابي الظيم وسيد الشهداء وعنوان التضحية والفداء ومن علم الامان وسضى الاباء انه سيدي ( ابى عبد الله الحسين ع ) فلولاه لم يكن لابي الفضل ذكر ولولاه ما كان للشهادة عطر . ولكن من انا وما قدري حتى الج تلك الحضرة القدسية . لا استطيع الا ان اقف على ايف مبهوراً على ساحل بحره الزاخر متأملاً انوار قدسة الباهر . ومن خلاله اقف على باب مدينته ( انه ابو الفضل العباس ع ) فكما ان والده امير المؤمنين باب مدينة علم رسول الله ( ص ) فهو باب مدينة الحسين ( ع ) انها مدينة القيم والفضائل مدينة التضحية والجهاد ( لا اقصد المدينة من حيث البناء المشيد والعمران ) وليست المدينة المادية ، بل المدينة المعنوية مدينة القيم الخالدة التي جسدها الحسين ( ع ) في ذلك المكان . وذلك اقترن اسم ابي الفضل العباس مع اسم اخيه الحسين وارتبط ذكره بذكر اخيه الحسين ( ع ) ، فكلما يذكر الحسين يذكر ابو الفضل ، وكما يزر الزائر الحسين يزور ابا الفضل . وكما وقف الحسين ( ع ) حين رأى الحكم الاموي الغاشم يسير بالمجتمع نحو الدمار الشامل وسحق الكرامات ويقضي على الحريات ويمتص الاقوات ويقود المجتمع الى حياة بائسة والدين قد انطمست اعلامه واندرست اثاره ، وقف الحسين مع اخيه وساعده ابو الفضل ليجسد امال الشعوب وطموحاتها لتحرير ارادتها واعادة كرامتها وهنا وقف ابو الفضل مع اخيه الحسين في خندق واحد وصار ابو الفضل جديراً بتلك الاوسمة والالقاب فحقاً انه قمر بني هاشم وفخر عدنان . وما عساني ان اقول حينما اقف بين يديه بهذه الكلمات الخجولة التي لا ترمي لوصف مجده ومدى علوه ورفعته . ولكن هذا مبلغ ما يقدر عليه انا وامثالي .اقول : يامن اقمت صروح الحق في دنيا تلبدت سمائها بالظلم والقيم الزائفة ، فشيدت بموقفك لامة الاسلام مجداً شامخاً بنصرتك لاخيك سيد الشهداء وتحملت مع اخيك الحسين ( ع ) اعباء هذه الرسالة مع سائر الشهداء من اهل البيت واصحابهم . لقد برز ابو الفضل على مسرح التاريخ الاسلامي كأعظم قائد لم تعرف له الانسانية نظيراً ، حيث كان مثلاً للصفات الشريفة والسجايا حيث واسى اخاه بنفسه وبذل من اجله مهجته . ومن العلوم ان تلك المواسات لا يقدر عليها الا من امتحن الله قلبه للأيمان . فقد جسد مع اخيه الحسين ( ع ) حقيقة الاخوة الاسلامية الصادقة . فما اعظم مواقفة واكثرها ، انها لاعظم من ان يذكرها اللسان ويصفها البيان ، مواقف لم يجسدها الا اباه امير المؤمنين مع اخيه رسول الله ( ص ) وهذا المعنى الذي جسده احد الشعراء بقوله : بنفسي فتى ما اولد الدهر مثلهُ فتىً في الوغى الا اباه ُ لأحمدما اعظمها من مواساة . على الماء يوم الطف وتناول منه غرفة ليروي قلبه الضامي الذي يصفه الامام الباقر ( ع ) بقوله ( كان قلب عمي العباس كصالية الجمر من الضما ) .فتذكر في تلك اللحظات الرهيبة عطش اخيه الحسين وعطش الصبية من اهل بيته فما كام من شرف النفس وسمو الذات الا ان رمى الماء من يده . وهو يخاطب نفسه :يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت او تكوني هذا حسين زارد المنون وتشربين بارد المعين
ولو تصفحنا تاريخ الامم والشعوب لم نجد لهذه الأخوة الصادقة نظيراً ، ان الانسانية بجميع قيمها ومثلها لتنعني اجلالاً وخضوعا امام ابي الفضل وامام هذا الوفاء والنبل , ولأجل ذلك دخل ابو الفضل قلوب الناس وامتلك المشاعر والنفوس فصار انشودة الاحرار في كل زمان ومكان وصارت آيات المدح والثناء تتلى عليه اناء الليل واطراف النهار , واول هذه الكلمات جاء على لسان اهل بيت العصمة ومن اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا , واولهم الامام زين العابدين علي بن الحسين الذي قال فيه ( رحم الله عمي العباس فلقد اثر وابلى وفدى اخاه بنفسه حتى قطعت يداه وان للعباس عند الله تبارك وتعالى منزله يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة ) ام الامام اصادق (ع) فقد وصف العباس اوصافاً تدل على عظم شخصيته وصلابة ايمانه وسمو مقامة عند الله , حيث يقول (ع) ( كان عمي العباس ابن علي نافذ البصير صلب الايمان جاهد مع اخيه الحسين (ع) وابلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً )فقد وصفه بنفاذ البصيرة وصلابة الايمان والجهاد مع الحسين . واذا اردت ان تصف مقام ابي الفضل اكثر فتأمل زيارته المروية كذلك عن الامام الصادق (ع) وكيف وصف المعصوم فيها عمه العباس (ع) اما الشعراء والادباء فقد هام بعظهم بحبهم واعجابهم بشخصية ابي الفضل العباس (ع) فهذا احدهم الذي ملك ابو الفضل مشاعرة فقال في مطلع قصيدته ابا الفضل يامن اسس الفضل والابا ابي الفضل الا ان تكون له اباتطلبت اسباب العلى فبلغتها وما كل ساعٍ بالغ ما تطلبا
وهذا الشاعر الكبير الشيخ ( الازري ) رحمه الله يرثي ابا الفضل بقصيدته المشهورة او ما اتاك حديث وقعة كربلاء انى وقد بلغ السماء فنامها يوم ابو الفضل استجار به الهدى والشمس من كدر العجاج لثامها
وكذلك الشاعر السيد جعفر الحلي في قصيدته الميمية المشهورة التي يرثي بها ابا الفضل حيث يقول في مطلعها عبت وجوه القوم خوف الموت والعباس فيهم ضاحك مبتسم بطل تورث من ابيه شجاعةً فيها انوف بني الضلالة ترغم
وبهذا العرض الموجز عن شخصية ابي الفضل العباس (ع) وعن الانطباعات الكريمة والمشاعر العظيمة عن شخصيته عند الائمة الطاهرين وعند بعض اعلام الادب العربي ولنختمها بكلمة عدوة امير الفسق والطغيان يزيد الذي رأى سارية علم ابي الفضل العباس ووجد السارية قد اثرت فيها طعنات الرماح وضربات السهام الا موضع صغير فيها وهو موضع كف العباس الذي كان يمسك بتلك السارية فهز تلك السارية وقال كلمته المعروفة ( ابيت اللعن ياعباس ) وهذه اعظم كلمة تقولها العرب للابطال والشجعان . شهادة بحقة من عدوة وكما قال الشاعرومناقب شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الاعداء فسلام عليك ابا الفضل يوم ولدت ويوم استشهدت فس ساحة العزة والاباء ويوم تبعث حياً كريماً بين يدي الله
العلقمي .. نهر الأحزان الخالد ان روح التحدي والصمود لدى العباس (ع ) يذ كرني بمقولة همنغواي في قصته الشهيرة ( الشيخ والبحر ) التي تلقي اضواءا واضحة على صورة التحدي حيث يقول: (( من الممكن ان تقتل انسانا ولكن ليس من الممكن دحره واستلاب ارادته منه )) اذا كان صاحب مبدأ يؤمن به ويدافع عنه كالعباس ( ع) على سبيل المثال .لقد ولد العباس (ع) من جديد بعد مصرعه في واقعة الطف ليعيش في قلوب المحبين والموالين ... يقبلون عليه في طلب الحاجات وبلوغ الغايات . فمن ياترى مثل العباس في الكرم والعطاء !فإذا كان حاتم الطائي يعرف بالكرم حين ذبح آخر جواد له لمن كانوا في ضيافته ..... فماذا نقول عن العباس (ع) الذي يفتح مضيفه ليل نهار ودون انقطاع لمن يفد اليه ... هكذا أشاد العباس أسطورة الخلود في عالم الحقيقة الذي نشهده كل يوم فيما يعج ويضج مرقده الشريف في كربلاء جوار أخيه الحسين (ع) بألوف الزائرين والوافدين من كافة دول العالم ملتمسين قضاء حوائجهم ونيل شفاعته لاكما شاد كلكامش أسطورة الخلود في عالم الوهم والخيال--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- ولادته ( ع) ولد سيدنا العباس (ع) في الرابع من شهر شعبان سنة واحد وعشرون للهجرة . تلا في ولادته ولادة أخيه شمس الكونين :الامام ابي عبد الله الحسين (ع) من حيث اليوم والشهر ، لقد امتاز ابوالفضل العباس (ع) في ولادته على سائر الناس بما يمتاز به العظماء من أولياء الله في ولادتهم ،حيث كانت ولادته (ع) محفوفة بالإرهاصات ،ومشحونة بالقرائن والمقدمات ، الدالة على عظم منزلة المولود عند الله تعالى ، ومقامه الشامخ لديه ،فلقد ولد في أسرة رفيعة ،وترعرع في بيت منيع ،حتى انه باعتراف التاريخ قد فاقت أسرته طهارة وشرفا ، وعلا بيته مجدا وعزا ،كيف لا وهو من الأسرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ،ومن البيت الذي وصفه الله تعالى بقوله : (في بيوت أذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله...)علومه وفقهه (ع)لقد ورد في كتب التاريخ ان العباس (ع) زق العلم زقا وانه كان من فقهاء أولاد الأئمة (ع) وهذا يدل على ان من خصائص ابي الفضل العباس (ع) وامتيازه على معاصريه من سائر بني هاشم وغيرهم هو: تفوقه في العلم والمعرفة ، والفضل والكمال ، وذلك لملازمته لثلاثة من الأئمة المعصومين (ع) وتلمذته على أيديهم وطلب العلم لديهم . حتى أصبح احد أعلام آل ابي طالب (ع) في مجال التفسير .زواجه (ع) :أقترن بالسيدة لبابه بنت عبيد الله بن العباس .فأنجب منها عدة أولاد وقد انحصر عقبه في ولده عبيد الله وقد انتشرت ذريته في العديد من الدول الإسلامية منها العراق ،والحجاز ،واليمن ،وفلسطين ،ومصر وغيرها من الدول وكان معظم أحفاده أعلاما في العلم والحديث كما برز عدد كبير منهم في مجال الشعر وكان لهؤلاء الأحفاد منزلة خاصة لدى الولاة والحكام الذين استولوا على حكم البلاد الإسلامية وخاصة في زمن الدولة العباسية وذلك لسعة علمهم ومعرفتهم بشؤون الفقه الإسلامي والعلوم الأخرى.وفي حديث عن اصل النهر وتسميته:ـنهر العلقمي ..الاصل والتسمية :ـذكر المقرم في كتابه (قمر بني هاشم ) انه يعرف سبب التسمية ،وماقيل في وجهها : ان الحافر للنهر رجل اسمه علقمة بطن من تميم ثم من دارم جدهم علقمة بن زرارة ، ومثله في ذكر السبب كثرة العلقم حول حافتي النهر ، وهو كالقول بأن عضد الدولة امر بحفر النهر ووكله الى رجل اسمه علقمة ،فانها دعاوي لاتعضدها قرينة .وقد ذهب السيد عبد الحسين الكلي دار في (بغية النبلاء ص:83) انه من الممكن ان يكون سبب التسمية راجعة الى عذوبة ماء الفرات فسمي بالضد بالعلقم ، مثل تسمية الاعمى بالبصير .وقد ذهب الشيخ عبد الواحد المظفر في كتابه ( بطل العلقمي ) نفس مذهب السيد الكلي دار في حين ان احدهما لم يطلع على نتاج الآخر.اثأر العلقم :ـذكر المسعودي في ( التنبيه والإشراف ص 47) وابن خرداذبه في ( المسالك والممالك ص 233 ط لندن ) وفي (نهاية الإرب للنوير ج1 ص: 267)إذ جاوز عمود الفرات هيت والانبهار ينقسم الى قسمين ، قسم يأخذ نحو المغرب قليلا المسمى بالعلقم الى ان يصير الى الكوفة .
وقد وقف السيد عبد الحسين الكلي دار بنفسه على اثأر هذا النهر ــ الذي أندرس بعد اجتياح المغول للعراق سنة 656 هجريةـ المتبقية الى اليوم ، حيث يقول :ـ اذا انتهى الى شمال ضريح عون اتجه الى الجنوب حتى يروي الغارية لبني أسد ، والغارية على ضفته الشرقية ، وبمحاذاة الغارية شريعة الامام جعفر الصادق على الشاطئ الغربي من العلقم ،وقنطرة الغارية تصل بينه وبين الشريعة ،ثم يقسم الشرقي في مدينة كربلاء بسفح ضريح العباس ..فإذا جاوره انعطف الى الجنوب الشرقي من كربلاء مارا بقرية خان الحماد اتجه الى الشرق تماما وقطع شط الهندية بجنوب برص ، ثم يصب في بائح الكوفة . وقد جدد نهر العلقمي عدة مرات قبل ان يطمر تماما بعد سقوط بغداد سنة 656 هجريةالسر في ماء العلقمي:ـيقول الأديب الأستاذ عبد الأمير القرشي :ـ ان الله تعالى خص أولياءه وأسبغ عليهم نعما .لم يخص بها سائر خلقه ومن أوليائه المقربين وعباده الصالحين حضرة ملانا ابي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين وسيد الموحدين (ع) وذلك بماله من النسب الهاشمي الرفيع والأدب العلوي والعلم الإلهي الذي نشأ عليه في دار أبيه علي (ع) فضلا عن الإخلاص والطاعة والولاء لسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (ع) فصار مضرب الأمثال في الإخلاص والطاعة ومن نعم الله والإسرار العجيبة هو ذلك الماء المبارك والعذب الذي يحيط بقبره الشريف .والجميع يتسالون ... ماهر السر وراء وجود هذا الماء في هذا المكان ... والجواب انه لايمكن لهذا الماء ان يكون ماء العلقمي ذاته لان العباس (ع) استشهد على مسافة 500 م من النهر تقريبا ... فضلا عن ان النهر أندرس منذ أمد بعيد ... فيكون الرأي انه بسبب انخفاض مكان الشباك المقدس والروضة عن محيطها عن المدينة ... يقلب الرأي القائل الى جزء من المياه الجوفية التي تطفوا عليها المدينة ،، لكن هذا الماء يمتاز بطعم طيب المذاق ... وهو سبب في الشفاء للكثير من الحالات الموثقة إضافة الى ان التحاليل المختبرية المتكررة أثبتت نقاء هذا الماء وخلوه من أية جراثيم او ملوثات ... وخلال فحص عينات من المنطقة المحيطة كانت النتائج عكسية تماما ... فهي مياه ملوثة نتنة الرائحة ... وهذا مايحصل في المياه الراكدة والملوثة بمياه المجاري المحيطة... لقد التقينا ممن اخذوا من ماء السرداب وتم شفائهم ببركة هذا الماء .. إذ فسر هذا الماء بارتباطه بالمكان الذي ضم جسد العباس (ع) الطاهر المطهر ... وبسر مكانته ومقامه عند الله جل وعلا .. فالعباس (ع) الذي ارتبط بموقفه في واقعة الطف بماء العلقم ولم يذقه حتى لاقى ربه فانه تعالى أكرمه وجعل الماء المحيط بقبره الشريف سببا في شفاء الآلاف من الحالات المستعصية ذلك هو سر نهر العلقمي...
https://telegram.me/buratha