سعيد البدري
ونحن نعيش ذكرى استشهاد امام المتقين ومولى الموحدين الامام امير المؤمنين على ابن ابي طالب عليه السلام اثار انتباهي كثرة ما يردده الناس عن الحكم والحاكمين ووضعهم الامام امير المؤمنين عليه السلام مثالا اعلى للمقارنة مع حكام اليوم وما اكثرهم عددا واقلهم عدة قياسا بهذا الرجل الطود ولانني لا ارى وجها من وجوه المقارنة البتة يمكن لهم ان يسايروا فيه او يقتربوا من علي عليه السلام لكني ارى ان مقارنة أي شخص به سلام الله عليه ظلم للشخص لان على بمقاييس الاسوة والطبيعة البشرية المجردة قد تفوق بل لم يترك لهم شيئا يتفاخرون به عليه او يقولون اننا اقتربنا ولو بمقدار ضئيل منه ولاننا في رحاب الذكرى فانني اردت ان اتحدث عن سلوكية معينة انتهجها الامام امير المؤمنين عبرت عن المستوى الذي ينبغي ان يكون عليه رجل السياسة او الحاكم ليرتقي في درب علي عليه السلام ولا اقصد الاقتراب من مثالية علي الذي قال (الا انكم لا تقدرون على ذلك) فاعينوني (بورع واجتهاد وعفة وسداد) نعم اكثر . اربع سنين قضاها أمير المؤمنين عليه السلام بين الكوفة والبصرة وهو الرئيس الاعلى للبلاد الإسلامية تلك الرقعة الواسعة المترامية الاطراف وهو طوال هذه المدة لم يشتر من مال المسلمين ثياباً لنفسه ولم يأخذ من أموال المسلمين شيئاً.بل بقي يعالجه حتى ابليت وهي ذاتها التي كان يرتديها عند مجيئه العراق قادما من المدينة المنورة وهو القائل في هذا السياق مخاطبا مواطنيه ورعيته ( لقد دخلت بلادكم بأشمالي هذه, وراحلتي ها هي, فان أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فانني من الخائنين) .فهل نرى او نجد اليوم شخصا بهذه المواصفات التي لايستطيع معها احد ان يصف نفسه بالعادل والحاكم بالقسط بين رعيته ومن هم تحت امرته مع اختلاف المراحل والازمان واختلاف لباس الحكام ومزاجهم او كما يقال اليوم (الاتيكيت ) المتبع في دوائر الرئاسة وهل مع هذا نستطيع تصديق ان فردا من افراد هذه الدولة العظيمة يشكو الجوع وقد نثرت الحبوب على رؤوس الجبال بعد ان اكتفى اهل هذه الدولة . ان قوانين كثيرة تحكم سلوك الحاكم ليس اخرها العدل وليس اولها التقوى التي باتت شعارا يرفعه اهل الظلم للتشبه بعلي او لايهام الناس انهم كذلك ولان علي بن أبي طالب عليه السلام جعل القول مرادفا للعمل وهو يسير بسيرة النبي صلى الله عليه واله ، فهو لم يكتفي بالقول وحده، بل سبق قوله فعله لذلك كان عدل عليه وحقه على الجميع قبل ان يكون لهم حق عليه وكان هذا الحق معيارا راسخا وقويا تنقاد اليه المعايير الاخرى فكان الحق هو الذي يدل على الرجال، لا أحد ولا شيء يعلو على الحق، لذلك نظر الى السلطة على انها وسيلة لتطبيق ارادة اعلى في الخلق الذين هم عيال صاحب هذه الارادة فكان لطيفا بالامة رؤوفا بالناس ووبالا على من اراد استضعافهم وركوبهم لتحقيق غاياته وحده دون مراعاة هذه الارادة نعم بات علي بذلك وعلى مر العصور وامتداد الازمنة القائد الانساني العظيم الذي اثر التضحية بكل شيء من اجل تحقيق المصالح العليا ومنها مصلحة الانسانية دون تمييز او مواربة ولم تكن المصالح الشخصية تعني له شيئا وهو بهذا الزهد وهذا العنفوان وهذا العلم اليقيني بانه زائل وهم زائلون فبأي وجه وبأي موقف وبأي موضع التقى مراده وعشقه ومعبوده الذي ازداد يقينا انه منتهاه ومنتهى الامال لقياه بيدين فارغتين من حطام دنيا فانية غير ماسوف عليها . نعم لقد وزع علي الاموال بين المسلمين بالتساوي واستثنى نفسه بوصفه امام الامة وراعيها فلا أحد يعلو على أ حد، ولا يفضل فرد على جماعة ولا عربي على اعجمي مهما كانت الاسباب، وهو السبب الذي جعل ضعاف النفوس ومن يرون انفسهم افضل من غيرهم يثورون ويتأمرون للاطاحة بعدل علي وخطواته التي هدفت الى المساواة بين القوي والضعيف، والغني والفقير، وصاحب الجاه والسلطة، مع عامة الناس، لقد مضت سفينة الزمان لكان بقيت الاسوة الحسنة وبقي امير المؤمنين مثالا خالدا كما بقيت حكومته العادلة مضرب امثال وهي كانت ولا تزال إنموذجا لساسة وقادة وحكام كل العصور بما فيهم حكام عصرنا ممن أغمضوا عيونهم عن هذا المثال ولم يبق شيء من تطبيقاته العملية التي انتهجها علي غير الاحاديث الجانبية التي يتشدقون بها بأن بعضهم من اتباع علي واخرين بانهم من محبيه وقسم اخر لايرى في علي غير سلطة مضت وانه سلطة قائمة لها برنامج ورؤية لا يمكن ان تنسجم تطبيقاتها مع ما ساد في ذاك الزمان ، فجعل هولاء وغيرهم من هذه السلطة وسيلة انتقال تذهب بهم الى غاياتهم ومصالحهم الدنيئة على حساب الشعوب .. فيا ايها الحكام اتقوا الله في شعوبكم وارجعوا وراجعوا التاريخ لعلكم تصيبون دينكم ودنياكم ودين ودنيا هذه الملايين من الفقراء والمستضعفين ممن تحكمونهم وتحكمون فيهم المفاسد سيما وان انجازات وعدل حكومة علي لازالت متاحة أمامكم ويكفيكم انها منقذ لكم بل وحبل نجاة يتيح لكم مراعاة مصالح الشعب بعد ان تفهموا انه بالعمل المخلص وحده تتحقق المطالب المشروعة وتزول مظاهر الفقر والفساد وحكم الجماعات والاحزاب المتغانمة المتكاتفة من اجل مصالحها .. انها مناسبة عظيمة نستعرض فيها جانبا بسيطا جدا لايرقى لان نقول عنه انه مختصر مفيد عن نهج خلد في ذاكرة الازمان والدهور يحكي قصة عظيم نطالب جميع الحكام ن يقراوه ويعقلوه لانه درس فيه النجاة والخير العميم ... فسلام على علي ابن ابي طالب امام الثقلين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا وسلام على من كان الصبر والعلم والايمان حليفه وكل صفات الانسان المؤمن بكرامة الانسانية فكان حقا ابا للانسانية ومعلما لها في كل المواضع والمواقع ..
https://telegram.me/buratha