المركز الحسيني للدراسات- لاهورفي تظاهرة ثقافية وبحضور وسائل إعلام متنوعة، وشخصيات من جنسيات ومذاهب وأديان مختلفة، احتشد الباكستانيون في جامعة إدارة منهاج الحسين في لاهور صباح الأحد 16/6/2013م ولليوم الثاني على التوالي للوقوف على أكبر دائرة معرفية خاصة بالإمام الحسين(ع) انطلقت من لندن عام 1987م على يد مؤلفها الفقيه المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي، احتشدوا في "مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية".في بداية المؤتمر قدّم العلامة الدكتور محمد حسين أكبر راعي المؤتمر رئيس جامعة إدارة منهاج الحسين رؤيته للإنجاز المعرفي المتمثل بالموسوعة الحسينية على ضوء الحديث النبوي الشريف (حسيني منِّي وأنا من حسين)، حيث وجد أن الكتابة عن الإمام الحسين(ع) يعني في الوقت نفسه الكتابة عن النبي محمد(ص)، وأن الموسوعة الحسينية هي في واقعها دائرة معرفية في رسالة الإسلام تنفتح نوافذها على البشرية متهادية مع الخطاب الرباني لنبيه الأكرم(ص): (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).وأكد العلامة أكبر أن المؤتمر الدولي الذي حضرته شخصيات من أديان مختلفة يعزز الرؤية الثابتة بضرورة الوحدة المجتمعية على أساس الإنتصار للقيم الإنسانية بغض النظر عن المعتقد والجنس والبلد، ويعزز الموقف الموحد من دعوات التفرق والتشرذم التي تحاول بعضها وعبر الإرهاب الإنزلاق بالأمة الى المهاوي والمسالك السيئة. ووجد أن هذا المؤتمر الذي انتظم في لاهور للتعريف بدائرة المعارف الحسينية يوفر لنا جميعاً الأرضية المناسبة لسلوك نهج التعامل السليم مع الناس كل الناس وفق التعاليم الحسينية، مثنياً على المؤلف آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي الذي تمكن من جمع التراث الحسيني والتحقيق فيه وردة بعد وردة حتى أصبح كل باب من أبواب الموسوعة الستين إكليلاً يفوح ضوعه في كل حين.من جانبها اعتبرت البروفيسوره السيدة ثائري جعفري الأستاذة في الكلية الزينبية بجامعة إدارة منهاج الحسين، إن واقعة الطف عام 61هـ كحدث لم يتوقف عند حدود كربلاء أو العراق، بل انطلق إلى كل مكان، وتأثيرها قائم إلى يومنا في كل الإتجاهات، وما وجودنا ووجودكم في هذا المؤتمر ومن مختلف الأقطار والجنسيات والأديان لهو دليل على هذا التأثير المتنامي والمتعاظم، ولذلك يصح القول أن كربلاء هي حياة الإسلام الخاتم للأديان والرحمة للعالمين. وتحدثت البروفيسوره جعفري عن الدور الكبير والإستثنائي للسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب(ع) التي رفعت لواء النهضة الحسينية وكانت صوتها الهادر حتى يومنا، مثنية على الموسوعة الحسينية داعية في الوقت نفسه الى إنشاء دائرة معارف خاصّة بزينب الكبرى على غرار دائرة المعارف الحسينية.العلامة سيد عالم الموسوي من كبار علماء مدينة سكهر الباكستانية، رأى أن الأمة عليها أن تدرك أهمية الوحدة الإسلامية ونتائجها الطيبة وذلك من عمل النحلة التي تتنقل بين الورود المختلفة لتنشئ في نهاية المطاف عسلاً لذة للشاربين وشفاءً لما في الصدور، معتقداً أن الإمام الحسين(ع) هو مركز الوحدة الإسلامية ومحطها بفضل حمله لرسالة جده محمد(ص) الذي أرسله الله رحمة للعالمين وهكذا كان سبطه رحمة للعالمين، مادحاً دائرة المعارف الحسينية ومؤلفها الشيخ الكرباسي الذي استطاع حسب قوله أن يدخل في زمرة العلماء البارزين كالعلامة الحلي والعلامة المجلسي صاحب بحار الأنوار. وربط إمام المسجد المركزي للشيعة الإثني عشرية في إسلام آباد العلامة الشيخ أختر عباس حكيم الله يار الجعفري، وبأسلوب عرفاني بين ولادة الإمام الحسين(ع) في شهر شعبان وبين الحديث النبوي الشريف: (ألا إنَّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري) منتهياً الى تفسير الحديث المتواتر عن النبي محمد(ص): (حسينٌ منِّي وأنا من حسين)، مؤكداً أن رسالة الإسلام تمثلت في رسالة النهضة الحسينية وكل ما في أيدينا هو من كربلاء. والجدير ذكره أن العلامة أختر عباس الجعفري كان من النشطين في إقامة (مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية) والدعوة له، وكان وفد الموسوعة الحسينية القادم من لندن قد زار يوم 18/6/2013م المسجد الكبير في إسلام آباد الذي يشرف عليه واطلع على التوسعة الكبيرة فيه.من جانبه تحدث الشيخ هاشم حسن رضا الغديري عضو وفد الموسوعة الحسينية الزائر عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر الخاص بدائرة المعارف الحسينية في باكستان بين وسط اجتماعي يتحدث اهله بلغات مختلفة وخاصة الأردوية والبنجابية والسرائكية وغيرها، مستشهداً باهتمام الصحافة الباكستانية الحاضرة في المؤتمر وتلك التي قامت بإجراء لقاءات صحفية مع الوفد الزائر قبل المؤتمر على سبيل المثال: صحيفة جنگ وصحيفة دن وصحيفة أواز وصحيفة سماء وصحيفة جناح وصحيفة ديلي انقلاب وغيرها، مؤكداً في نهاية ورقته المقدمة أن الموسوعة الحسينية امتازت بثلاث خصائص وهي أنَّ مؤلفها شخص واحد وقطب رحاها واحد وهو الإمام الحسين(ع) وهي الأكبر في عالم الموسوعات المعرفية.الدكتورة روهايا مفيدي وهي من الحركة البهائية قالت في كلمتها أنها لا تشعر بالغربة الروحية في هذا المؤتمر المنعقد باسم الإمام الحسين(ع) بل أن الألسنة تقصر عن وصف الإمام الحسين(ع) فهو الذي أعطانا باستشهاده مجتمعاً جديداً، وقدّم التضحيات الفريدة ليوحد بين الإنسانية ويشيع بين الناس المحبة والألفة، مؤكدة أن مفتاح مواجهة التطرف والغلو والعنف يكمن في تعاليم الحسين، بخاصة وأن الله يريد من الخلق أن يعرفه معرفة يقينية ويمكن تحصيل هذه المعرف من خلال النهضة الحسينية، ولذلك كما تؤكد الدكتورة مفيدي: على العلماء من المسلمين وغير المسلمين رجالاً ونساءً نشر قيم المحبة والألفة والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد المتكون من مذاهب وأديان مختلفة لئلاّ تضيع تضحيات الإمام الحسين(ع).وعلى صعيد الأديان كان للمسيحية حضورها في (مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية) إذ تناول الدكتور كنول فيروز وهو من الزعامات المسيحية في الباكستان العلاقة بين الإسلام والمسيحية منذ هجرة المسلمين الى الحبشة واستقبالهم من قبل النجاشي، مؤكداً أن حب الإنسان لأخيه الإنسان هو الذي يوحد بين البشر بغض النظر عن الدين، وأنّ دعوتي من قبل اللجنة المنظمة ووجودي في مؤتمر الإمام الحسين(ع) يعكس قيمة المحبة.الأستاذ عمر عزيز آلاي بيك عضو وفد الموسوعة الحسينية الزائر وهو من تركمان العراق، تحدث في ورقته عن دور المحقق الكرباسي في رصد التراث الحسيني في الأدب التركي، مؤكداً انه وخلال اتصاله بعدد من الشخصيات التركية أبدوا تعجبهم من الموسوعة الحسينية وضخامتها واهتمامها بالأدب التركي، كما أضاف آلاي بيك أن الإحصائيات عن عدد شهداء واقعة كربلاء تدل أن الأتراك الذين استشهدوا مع الإمام الحسين(ع) كانوا في المرتبة الثانية من حيث العدد بعد المسلمين العرب.في هذا الإطار علّق العلامة شفاعت رسول، أمين عام مركز بلال العلمي وهو من علماء أهل السنة، على حديث الأستاذ آلاي بيك مؤكداً أن الشعب التركي شعب محب لأهل البيت(ع) وأنَّ العلاقات بين الشعب التركي أينما كان هي علاقة طيبة مع الشعب الباكستاني، معتبراً بما يتعلق بالموسوعة الحسينية أنه لابد من أن نعرف أهداف النهضة الحسينية من خلال متابعة دائرة المعارف الحسينية ومواجهة الأفكار اليزيدية الظلامية عبر شدِّ لحمة المسلمين والوقوف أمام موجات التكفير ودعوات التفرقة، فلو عرف الناس هدف النهضة الحسينية لتوجهوا الى كربلاء المقدسة واتخذوا من مرقد الإمام الحسين(ع) قبلة لأن الإمام الحسين(ع) يمثل الإسلام.واعتبر العلامة الشيخ أبو ذري مهدوي ممثل مجلس وحدة المسلمين الباكستاني أن الموسوعة الحسينية تمثل انتصاراً للنهضة الحسينية وتوفيقاً إلهياً ظفر به الشيخ الكرباسي، فعندما كنت في قم المقدسة بايران رأيت خمسة مجلدات من الموسوعة وعندما دُعيت لهذا المؤتمر أصابتني الدهشة وأنا أرى أمامي 80 مجلداً من مجموع 750 مخطوطا وهذا في واقع الحال مبعث فخر واعتزاز وسرور.وانتهت الجلسة الصباحية من اليوم الثاني من (مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية) التي افتتحت بتلاوة للقرآن الكريم جوّدها الشاب حماد رضا إقبال حسين وتناوب على إدارتها العلامة غلام مصطفى نيِّر والسيد علي رضا الكاظمي بكلمة قصيرة لراعي المؤتمر العلامة الدكتور محمد حسين أكبر شكر الذين ساهموا لإنجاح هذا المؤتمر العلمي والفكري الذي ضم تحت سقف الموسوعة الحسينية كل أعلام الأمة من مسلم وغير مسلم، كما تخلل المؤتمر إلقاء قصائد وأناشيد ومنقبات نبوية منهم الشاعر السيد زاهد شمسي، والقارئ ذو الفقار علي بلوچ، والقارئ عباس رضا، والحافظة رمشا بتول، وفرقة الإنشاد النسوية في الجامعة الزينبية العلمية المتكونة من ثلاثي عروج فاطمة ورداء بتول ورمشا بتول، كما أهدت جامعة إدارة منهاج الحسين(ع) إلى ضيوفها المتحدثين درع الإبداع الخاص بدائرة المعارف الحسينية مع مجموعة مؤلفات حديثة عن الموسوعة الحسينية باللغة الأردوية.
https://telegram.me/buratha