المركز الحسيني للدراسات- لاهور
في حدث هو الأول من نوعه، شهدت لاهور العاصمة العلمية والدينية لباكستان وعلى مدار يومين مؤتمراً دوليا تابعت أوراقه المقدمة والكلمات الملقاة فيه مسيرة دائرة المعارف الحسينية لمؤلفها المحقق الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي
وافتتحت الجلسة المسائية للحدث العلمي والمعرفي والثقافي المنعقد تحت عنوان (مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية) بكلمة راعي المؤتمر رئيس جامعة إدارة منهاج الحسين العلامة الدكتور محمد حسين أكبر الذي أكد على أهمية انعقاد هذا المؤتمر في عاصمة البنجاب لاهور والذي يسلط الضوء على الموسوعة الحسينية والتي تمثل بحق الصورة الناصعة للنهضة الحسينية، حيث استطاع مؤلفها آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي أن يخلق الجسور العلمية بين الثقافة العربية وثقافة الشعوب الأخرى المتحدثة بغير العربية ومنها الشعب الباكستاني المتحدث باللغة الأردوية.
السيد منير حسين الگيلاني وزير التعليم الباكستاني السابق أبدى في ورقته المقدمة تعجبه من الأرقام الكبيرة التي انتظمت فيها سلسلة دائرة المعارف الحسينية حتى بلغت اليوم نحو 750 مجلداً صدر منها 80 جزءاً، ورأى أن هذه الأرقام ما هي إلاّ انعكاس واقعي لعظمة النهضة الحسينية، ورأى أن المعركة التي وقعت عام 61 للهجرة ليس بين شخصين بل هي بين نهجين كان قائماً وسيظل حتى آخر ساعة من الحياة الدنيا. وهو ما ذهب إليه أيضا الشيخ محمد عاصم الجعفري، القادم من المملكة المتحدة، عندما تحدث في ورقته عن المنهج الحسيني في الحياة.
زعيم السيخ في مقاطعة البنجاب الباكستانية سردار جنم سنگه راج وير، الذي تحدث باللغة البنجابية، قال أن الرب في كتابنا المقدس "گرَنْتَه" يقول لنا: (كن لي فيصير هذا العالم كله لك)، ونحن نعتقد أن الحسين ضحى بنفسه لربه لذلك فإن العالم اليوم يمتدحه ويتبعه. وأضاف: عندما تخرج في مدينتي ننگانه صاحب (قرب لاهور) مسيرة عاشوراء نقوم نحن السيخ بتوزيع الماء والحليب على محبي الحسين ونشاركهم البكاء على ما جرى على الحسين، إن احترامنا وتبجيلنا للحسين هو أمر قائم لأن في قلوبنا محبة للحسين.
ورأى رئيس الحزب السياسي الشيعي في باكستان الأستاذ نوبهار شاه أن سلوك النهج الحسيني هو الذي يأخذ بالأمة الى جادة الصواب والإنتصار على العدو الداخلي والخارجي. فيما أثنى السيد پير غلام رسول اويسي رئيس الحركة الأويسية الصوفية في باكستان انعقاد المؤتمر للتعريف بالموسوعة الحسينية.
الدكتورة شاهدة شاه القادمة من مقاطعة پيشاور وهي من الپشتون، استشهدت بأقوال عدد من أعلام الإنسانية من غير المسلمين للدلالة على عظمة شخصية الإمام الحسين(ع)، مؤكدة: إنَّ من عظمة هذه الشخصية هو انعقاد المؤتمر الدولي للتعريف بدائرة المعارف الحسينية في لاهور وسط حضور علمي متنوع هو بحد ذاته محط افتخار واعتزاز، فالموسوعة الحسينية هي بمثابة الضوء لنا للإطلاع على الأفكار الحسينية والنهضة الحسينية، ولذلك أدعو الجميع إلى مطالعة هذه الموسوعة الحضارية، كما نرفع الى الله أيادي الشكر أن منَّ على الأمة شخصية كالمحقق الكرباسي متفرغاً لتوثيق النهضة الحسينية في موسوعة كبرى.
المفتي مبشر أحمد نظامي من شيوخ الحديث الديوبندية في مقاطعة البنجاب الباكستانية، ربط بين الإيمان الحقيقي ومحبة الإمام الحسين(ع) على ضوء أحاديث النبي محمد(ص) بحق سبطه(ع)، ووجد أن الإيمان الحقيقي هو في محبة الإمام الحسين(ع) لدلالة الحديث النبوي الشريف: من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبَّني ومن أبغضهما فقد أبغضني، ولذا فإن إسلامنا لا يكتمل إلا بحب الحسن والحسين عليهما السلام طبقاً للنصوص الواردة في حقهما.
هذا الحب ترجمه المسلمون في مدينة بنگو قرب مدينة وزيرستان الباكستانية التي تنشط فيها المجموعات المسلحة، في بعض جوانبه، بإقامة المجالس الحسينية والمسيرات العاشورائية تحت وقع الصواريخ الطائشة والتفجيرات العشوائية إحياءً لواقعة كربلاء كما أكد العلامة الشيخ خورشيد أنور جوادي في كلمته. وكانت للشيخ الجوادي مساهمة في دائرة المعارف الحسينية من خلال كتابة مقدمة باللغة الپشتوية للجزء الثاني من معجم المصنفات الحسينية الصادر عام 2009م.
واعتبر الدكتور وليد البياتي عضو وفد دائرة المعارف الحسينية بكلمة ألقاها باللغة الانكليزية، أن القيم التي ضحى في سبيلها الإمام الحسين(ع) هي قيم إنسانية فطرية تنشد الخير والمحبة والحرية والإنعتاق من قيود العبودية وسلاسل الجبت والطاغوت، مشيراً الى التأثير الذي تتركه الموسوعة الحسينية على العالمين الشرقي والغربي، واجتماع أعلام البشرية الذين كتبوا في الإمام الحسين(ع) مؤلفات مستقلة أو عبر مقدمات لأجزاء دائرة المعارف الحسينية على أهمية النهضة الحسينية في إيجاد اللحمة بين المجتمعات والتضحية من أجل قيم الخير.
وقارن المفتي أحمد رضا قصوري، وهو من أهل السنة، بين نهج الرحمن ونهج الشيطان منذ نشأة البشرية الأولى وحتى قيام الساعة، معتبراً أن ما جرى في كربلاء عام 61هـ مثّل قمة الصراع بين النهجين، مثنياً ومثنِّياً على مفاد قول الشاعر محمد إقبال اللاهوري: إن تعاليم القرآن الكريم تلخَّصت في سيرة الحسين(ع) ونهجه.
ويشاركه الرأي المفتي عبد المعيد أسد، وهو من علماء أهل السنة في مدينة فيصل آباد الباكستانية، الذي كان يتحدث باللغة البنجابية، مؤكداً: إنَّ الحق يطلع من بيت علي والحسين(ع).
اللغة الفارسية كانت حاضرة في المؤتمر بورقة القنصل الإيراني في لاهور الأستاذ محمد حسين بني أسدي الذي أبان عن الوجه الحسيني في الأدبيات الفارسية عبر شعراء إيرانيين وباكستانيين من قبيل الشاعر سعدي الشيرازي ومحتشم الكاشاني ومحمد إقبال اللاهوري، وقد جعل الأخير من الحسين(ع) معشوقه.
وختم الدكتور محمد حسين أكبر بما ابتدأ به الفترة المسائية من اليوم الأول لــ "مؤتمر الإمام الحسين الدولي على ضوء دائرة المعارف الحسينية" بالإشارة الى عدد من طلبة الدراسات العليا في إيران والمملكة المتحدة وغيرها الذين نالوا شهاداتهم من خلال الإستفادة من أجزاء الموسوعة الحسينية، داعياً المؤسسات العلمية والمعرفية الناطقة باللغة الأردوية الى شد العزم لترجمة أجزاء الموسوعة الحسينية الى اللغة الأردوية التي يتحدث بها مئات الملايين حتى تعم الفائدة الجميع، وكذلك بسائر اللغات الحيّة، وقد سبق لجامعة إدارة منهاج الحسين أن قامت بترجمة الجزء الأول من تاريخ المراقد كما ترجمت كتاب أضواء على معالم دائرة المعارف الحسينية، ونشرت مؤلفات عدة باللغة الأردوية خاصة بالموسوعة الحسينية من إعداد كتّاب من الهند وباكستان.
وتخلل المؤتمر قصائد وأناشيد ومناقب لمنشدين من السنة والشيعة، منهم المنشد حافظ وسيم عباس، والقارئ أختر حسين قريشي، كما أهدت جامعة إدارة منهاج الحسين(ع) إلى ضيوفها المتحدثين درع الإبداع الخاص بدائرة المعارف الحسينية مع مجموعة مؤلفات حديثة عن الموسوعة الحسينية باللغة الأردوية، كما أهدى الدكتور نضير الخزرجي عضو وفد دائرة المعارف الحسينية إلى القنصل الإيراني الأستاذ بني أسدي مجموعة من المؤلفات الخاصة بالموسوعة الحسينية باللغات الفارسية والعربية والأردوية الصادرة في لندن وبيروت ولاهور مع تقديم شرح مختصر عن الموسوعة الحسينية، وقد عبّر القنصل الإيراني في لاهور عن تقديره للمنجز المعرفي الحسيني.
https://telegram.me/buratha