صالح المحنّه
لئن أُسقط من حالقِ جبلٍ فأتقطّع قطعةٌ قطعةٌ أحبُ إليّ من أن أطأ بساطِ أحدهم هذا هو جواب الإمام موسى بن جعفر عليه السلام الى رجلٍ جاءه ليأخذ منه رخصةً للعمل مع العباسيين وهو زياد بن ابي سلمه ...أجابه بهذا المنطق الصارخ وبهذا الأستنكار وبهذا الوضوح الذي مابعده وضوح في إعلان الرفض لنظام الخلافة العباسية التي تمادت في ظلم الناس وحرّفت ماتبقى من دين محمد...قال لئن أسقط من قمة جبلٍ ويتناثر جسمي أشلاءا أحب إليّ من أن أطأ بساط أحدهم !! أجابةٌ لايشوبها غموض ولاتقبل التأويل وليس فيها أدنى رخصة للعمل معهم...بهذه الشجاعةِ واجه إمامنا الكاظم سلطة العباسيين ليتعرّض الى ماتعرّض إليه من سجن وتعذيب حتى دسوا له السمَّ ليتخلّصوا منه ...وكانت كل الوسائل التي توفّرّ له الراحة والأمان متاحة بين يديه ...وكل ما تتمناه النفوس تسعى إليه ...لو أنه أعرض عنهم وتركهم وشأنهم ولايفتي ضدهم ...ولكن هيهات وهو الوريث الشرعي لرسالة محمد ص وهو الأمين على كتاب الله وهو المكلّف بألقاء الحجة... لذلك قاوم سلطة خلفاء الإنحراف العباسيّ الذين بالغوا في نشر الرذيلة ومحاربة المنهج المحمدّي الأصيل..قاوم بصلابة الموقف وبصريح المنطق لتتجلى الحقيقة عاريةً أمام من أغوتهم المناصب والأموال ...وقد عاصر الأمام أعتى حكّام بني عباس وأجرءهم على الله ورسوله ..عاصر ذلك الطاغية الذي بالغ في تمسكه بالسلطة متوعدا كل من ينازعه عليها حتى أشار بسيفه ذات يوم الى قبر رسول الله ص وقال لو نازعني صاحب هذا القبر على الملك لأخذت الذي فيه عيناه..ومع هذا الطغيان وأستهتارتلك النمادج العباسية إلاّ إنّ الإمام وقف منها موقفا واضحاً وشجاعا ...كان عليه السلام لايتردد في أعطاء الحكم والنصيحة حتى حرّم العمل معهم علانيةً ونصح اصحابه بعدم إعانتهم ...وقد آثر السجنَ والتعذيب على أن لايسكت عن قول الحق وإظهار الحقيقة..لكي لايفُتن أصحابه وهو بين ظهرانيهم.أما سجنه فقد كان وصمة عار في جبين العباسيين وخليفتهم الرشيد..لأنه كان يمثّل رسول الله في الأمة ..فهو الإمام وهو حجة الله وهو عدل القرآن ...وإلقاءه في السجن من قبل الرشيد يعني وضع رسول الله في السجن! بل ألقى بكتاب الله ودينه في قعر السجن ! وهذا الذي سعى له الإمام عليه السلام لكي يُبان للإمة إسلام هارون الرشيد المزيف...ولكن أية أمّة ؟ تلك التي خانت وخذلت آباءه من قبل ..الأمة التي وقفت مع معاوية ضد علي وولده الحسن ..أم التي نصرت يزيد وخذلت الحسين؟ لكنّها الرسالة المحمدية والأمانة العلوية ..لابد من أداءها مهما كلفتهم . وكان لكل منهم دوره وأداءه بما يتناسب والمرحلة التي يعيشها الإمام وكما عبر عنها الشهيد محمد باقر الصدر بتعدد الأدوار ووحدة الهدف .....جوانب كثيرة وكبيرة في حياة إمامنا الكاظم عليه السلام تستحق البحث والمتابعة.....وهي موضع فخر وأعتزازٍ لكل محبيه وتابعيه ...قاوم فيها سلطة العباسيين وأقلقهم وهو في سجنه حتى دسوا له السمَّ... وأخرى تتعلق بزهده وعبادته وأقواله وصبره وذوبانه في حب الله كيف لا وهو الإمام المعصوم...من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجسَ وطهرهم تطهيرا...فسلامٌ على إمامنا الكاظم يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يُبعثُ حيّا .
https://telegram.me/buratha