* بقلم - جميل ظاهري
حقد دفين وحسد كبير توارثوه نسلاً عن نسل وجيل عن جيل على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام عليهم السلام سيراً على نهج أمية وسفيان وتبعاً لصناع قرار "السقيفة" وانصياعاً لفتاوى وعاظ سلاطينهم وشياطينهم وبلغ بهم المطاف انهم أضحوا لم يتحملوا حتى قبب المساجد التي فيها قبور خاتم المرسلين (ص) وأهل بيته الاطهار (ع) وأصحابه المنتجبين الميامين فأستهدفوها دون استثناء هنا وهناك .وعادت الصورة لتروي لنا مأساة سبايا فاجعة كربلاء بأرض الطف (61 للهجرة المصادف 680 ميلادي) من جديد بعد مضي حوالي أربعة عشر قرناً لتؤكد أن الوارثين يسيرون على خطا السالفين بل هم أشد حقداً وحسداً وبغضاً ممن قالت عنهم عقيلة بني هاشم زينب الكبرى سلام الله عليها آنذاك " وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان " .فهاهم صناع قرار الفتنة الطائفية يصعدوا من جديد نارها ويصبوا الزيت على لهيبها ويفتون بتقطيع أوصال الأبرياء وأكل أكبادهم كما فعلت من قبل أمهم "هند" بحمزة سيد الشهداء في معركة "أحد" ويتبجحون بأمتثالها ويتباهون بين الناس بسلك نهجها العاهري بفتوى "جهاد المناكحة" و"تهديم قبور الأولياء" فاستهدفوا ضريح السيدة سكينة بنت الامام الحسين (ع) في منطقة داريا ومن ثم عبثوا بالقبر الطاهر للصحابي الجليل "حجر بن عدي الكندي" في منطقة عدرا بريف دمشق وقبر النبي زكريا (ع) في مدينة حلب، وغيرها من القبور الطاهرة الاخرى .ثم توجهوا نحو المرقد الطاهر لحفيدة رسول رب العالمين المصطفى محمد (ص) زينب بنت الامام علي أمير المؤمنين (ع) ذلك المزار بغوطة دمشق الذي رفرفت فوقه ملائكة السلام والطمأنينة زمناً طويلاً فتوعدت غربان الشر حاملة أحقادها لتبشر بالخراب والدمار وإرتكاب الآثام وثلم الدين وإيقاظ الفتنة! وهددت وعاهدت عبر بعض قنوات الفتنة في أكثر من مناسبة على إزالة مقامها الشريف بعد أن زجوا بها في حرب لا ناقة لها بها ولا جمل! فعدٌوها حليفة للنظام السوري وكتبوا على جدران مقامها المبارك عبارة "سترحلين مع النظام" وتوعدوا بإزالة قبرها مع زواله رغم وجودها قبل هذا النظام بقرون طويلة!.ولكن ستكون عاقبتهم كما خاطبت به بطلة كربلاء زينب بنت الامام علي أمير المؤمنين (ع) طاغية بني أمية في مجلسه بالشام عندما دخلت وسائر أهل بيتها سبايا عليه.. " أظننت يا يزيد ـ حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء ـ ان بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: ولا تحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لأنفسهم، انما نملي لهم ليزدادوا اثماً ولهم عذاب مهين ".فهم من النوع الثالث الذي قال عنه أمير المؤمنين وسيد الموحدين وخاتم الوصيين وحبيب قلوب العارفين سيد البلاغة والفصاحة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: ان الناس ثلاثة ..عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدوا و لم يلجأوا الى ركن وثيق فينجوا . حيث بقوا في ظلالة من دعاهم للتوطن تحت يافطة الوهابية والسلفية بعيدين كل البعد عن الاستضاءة بنور العلم، والهداية بهدى العقل، فغرهم الشيطان بالأماني، وأنفسهم بالسوء أمارة، وزينت لهم المعاصي على انها جهاد في سبيل الله جل وعلا، ونبأتهم بأنهم ظاهرون مما يرتكبونه من جرائم وموبقات في حق الأبرياء حتى النساء والأطفال .فقد شهدت منطقة الغوطة حيث مقام السيدة زينب (عليها السلام) عشرات الهجمات المسلحة على تلك المنطقة بذريعة محاربة ما يسمونهم "شبيحة النظام"، لكن الوقائع الميدانية أكدت ان هذه الهجمات استهدفت سكان المنطقة على خلفية مذهبية وبات مقام السيدة زينب (ع) هدفاً في خطط المسلحين حيث قام أرهابي أنتحاري بتفجير حافلة مفخخة كان يقودها في موقف للسيارات لا يبعد أكثر من خمسين متراً عن المقام حيث حطّم الانفجار نوافذ الضريح الطاهر ومراوح السقف فيه والثريات، فضلاً عن تصدّع بعض جدران الفسيفساء في المقام، في وقت يتشدق قادتهم عن خروجهم ضد الظلم وعن انتهاك الحرمات والمقدسات وأنهم طلاب ديمقراطية بينما هم في الحقيقة ضاربين بعرض الحائط بكل القيم الوطنية والانسانية والاسلامية، لكن مع الأيام ينكشف زيف الادعاء ليس بالتحليل والمقارنة، إنما ومن فمك ادينك! وقاموا بتشويه صورة الاسلام النقي دين المحبة والمودة والسلام بافعالهم الشنيعة .ورغم كل ذلك فأن بطلة كربلاء التي تشكّل ملجأً للملايين من المسلمين من مختلف الطوائف ومن غير المسلمين الذين شكلوا على طول التأريخ ويشكلون اليوم وغداً ثقافة ومحور المقاومة ضد الظلم، تحمي نفسها بنفسها وستبقى كلمات زينب بنت الامام علي أمير المؤمنين (ع) في محضر "يزيد" تتردد ويتردد صداها على مدى الأزمان والدهور عالياً :"ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك!! لكن العيون عبرى، والصدور حرى.الا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء! فهذه الأيدي تنطيف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتهفوها أمهات الفراعل ولئن اتخذتنا مغنما، لتجدنا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد، والى الله المشتكى وعليه المعول. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وايامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين" .
https://telegram.me/buratha